المعونة.. بالهوان معجونة!!
في أواخر أيام مبارك، أرادت الإدارة الأمريكية أن تلعب بورقة المعونات أو المساعدات فلم يكن من الرجل سوى أن أعلن بملء الفم أن مصر ليست بحاجة إلى مساعدات.. بعدها اختفت النبرة الأمريكية في التعامل مع نظام مبارك بشأن المساعدات.. والحقيقة التي لا مراء فيها أنه لا توجد معونات بلا مقابل.. فالمساعدات الأمريكية تحديدا مشروطة طوال الوقت ببرامج وخبراء وطريقة إنفاق وهو الأمر الذي ينتهى إلى لا شيء.
الطريقة التي يجب أن نتعامل بها مع هذا الملف لا بد وأن تنطلق من فكرة الاستقلال والسيادة، فما فعلته مصر تجاه قضية القدس أمر بديهي تفرضه علينا مواقفنا وتاريخنا وتضحياتنا، وقدر القدس في وجدان الشعب المصري بصفة خاصة، باعتبارها القضية الأم التي ضحينا بآلاف الشهداء من أجلها، والسكوت يعني التفريط في الدم والواجب والقيمة التاريخية والقدر الذي يفرض علينا حربا أو سلما كيف نتحرك عندما يكون القدس في خطر؟
وأرباح إعلان مصر أنها ليست بحاجة إلى مساعدات أمريكية أكبر بكثير من خسائرها.. نحن بحاجة إلى تأكيد وجودنا القومى والعربى والإسلامي وبحاجة أكثر إلى أن يفهم الآخرون أننا لسنا تابعين ولسنا ضعفاء، خاصة وأن الرؤية المصرية أيدها ضمير العالم أمام الجمعية العامة وكشف زيف وجبروت وتعنت الأمريكان.. لقد حاصر العالم المتمدين إدارة الرئيس الأمريكي ووضعها في موضع ربما لم تعشه منذ سنوات طويلة.
أن يعرف الآخر أنك متفاعل معه في مساحة لا خلاف فيها أمر مقبول، أما ما يمكن أن نسميه "مبادئ"، فإن الأمر يختلف كثيرا وعليهم أن يعرفوا أن مصر لا تزال لديها القدرة على القيام بدورها في المنطقة وفق المبادئ الإنسانية والقيم الدولية المتعارف عليها، وأن المضى من خلف إدارة ترامب أو غيره أمر مشروط بمدى مطابقة ما هو مطلوب منا مع القيم الحاكمة للسياسة الخارجية المصرية.
إن إعلان رفض مصر مساعداتٍ تنتقص من سيادتها ومن قَدَرِها وقَدْرِها هو إحياء لحماسة وطنية ودفعة قومية من شأنها أن تعود على اللُحمة الوطنية بالكثير مما افتقدناه على مدار سنوات طويلة، عاش فيها المصري منصاعا لأوامر أمريكية وغربية وأخرى عربية للأسف الشديد أدت بنا إلى طمس وتشويه الشخصية المصرية واعتزازها بذاتها وقدرتها على تأكيد الهوية والاستقلال والسيادة.