رئيس التحرير
عصام كامل

الرئيس السابق لمركز الدراسات النووية: مشروع الضبعة حلم قومي.. والمواطن سيشعر بمردوده بعد عام

فيتو

رسميًا، وبعد طول انتظار، دام ستة عقود تقريبًا، مصر تدخل إلى العصر النووى، بعد توقيع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونظيره الروسى فلاديمير بوتين عقد إنشاء أول محطة نووية مصرية مخصصة لتوليد الكهرباء في منطقة الضبعة على الساحل الشمالي بتمويل روسي. 

الاتفاقية، التي وُقعت نسختها الأولى قبل عامين، نصَّت على أن يقدم الطرف الروسي، قرضا لمصر قيمته 25 مليار دولار، من أجل تمويل أعمال إنشاء وتشغيل المحطة النووية، ويبلغ أجل القرض 22 عاما، بفائدة 3 % سنويًا، على أن يبدأ سداد أول قسط عام 2029، وتتكون المحطة من أربعة مفاعلات نووية من الجيل "III+" بقدرة إنتاجية قدرها 1200 ميجاوات للمفاعل الواحد وبإجمالي 4800 ميجاواط، ويدير المشروع الشركة الروسية للطاقة الذرية "روساتوم"، التي ستقوم بإنشاء المحطة وتعليم وتدريب العاملين بها، كما تتكفل بوضع المفاعلات داخل المحطة ثم بمتابعة أعمال الصيانة فيما بعد.

وبعيداَ عن بعض الانتقادات المحدودة للمشروع، والتي تبدو في معظمها مغرضة وغير بريئة، فإن هناك احتفاءً كبيرًا بدخول مصر عصر الطاقة النووية، لا سيما أنها أصبحت ضرورة اقتصادية في أي بلد تسعى للنمو، فضلا عن كونها أنظف للبيئة، وتساعد في توفير الغاز الطبيعي، كما يطمح المشروع إلى سد عجز الكهرباء الذي تعاني منه مصر، ويرى بعض خبراء الطاقة أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح نحو مزيد من الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج الكهرباء، والذي تطمح الحكومة المصرية في تحقيقه مع تشغيل المحطة النووية الجديدة التي ستعمل بكامل طاقتها بحلول العام 2029..

وفى هذا الصدد أعربت الدكتورة هدى أبوشادي، الرئيس السابق لمركز الدراسات النووية بجامعة القاهرة، وعضو المجلس التخصصى للتعليم والبحث العلمي التابع لرئاسة الجمهورية، عن بالغ سعادتها بتحقيق حلمها في دخول مصر العصر النووي.

وأكدت د. هدى أبوشادي، في حوارها مع "فيتو"، أن مصر سوف تصبح قوة عظمى بعد دخول العصر النووى، كاشفة عن بعض النقاط المهمة في المشروع الجديد.. وإلى نص الحوار...



• بعد توقيع اتفاقية الضبعة مع الجانب الروسي، كيف ترين مصر في المستقبل؟
- بداية، أنا سعيدة بتلك الخطوة جدًا، ومتفائلة بما حدث، فقد كان حلم حياتي أن نقوم ببناء المشروع النووى خاصة بطبيعة تخصصي في الفيزياء النووية.. فعندما بني السد العالي كان تعداد مصر حينذاك 20 مليونا، ولكن نحن الآن وصلنا لـ 100 مليون، ولم يتطور الفكر النووي، ونعتمد على الطرق التقليدية كالبترول والغاز والفحم المُضر والملوث للبيئة، فنحن تحولنا من بيئة مصدرة للغاز في الماضي إلى بيئة مستهلكة.

• ماذا عن الطاقة الكهربائية التي يتم توفيرها نتيجة المشروع؟
- سيوفر ما يقرب من 4800 ميجاوات في حالة تشغيل 4 مفاعلات نووية، وهو ما سيؤدي إلى الاكتفاء الذاتي من احتياجات الكهرباء، لذلك لابد من تنفيذ المشروع بأقصى سرعة ممكنة.

• ما تعليقك على اعتراض البعض على إنشاء كيانات موازية للمحطات النووية؟
- قرار اعتزام الحكومة إصدار قانون بإنشاء الجهاز التنفيذي لإدارة مشروعات وإنشاء المحطات النووية لتوليد الكهرباء هو شيء جيد في الحقيقة، وهو الذي يقوم بإعادة الهيكلة والمتابعة الدورية والتعددية والتنوع لكى تكون الأدوار متكاملة، فلابد أن يكون المُشرِّع غير الرقيب حتى نضمن الجودة.

• في رأيك.. هل نملك كوادر مؤهلة للعمل بالمشروع؟
- بالتأكيد، ولكن ما يفرق هو إعدادها بالشكل الأمثل وتدريبهم على أعلى مستوى، فنحن نعاني في مصر من مشكلة التعليم، فهناك طلاب متعلمون لا يستطيعون القراءة والكتابة فكيف إذن يمكن تشغيلهم في مشروع كهذا؟!

• كم فرصة عمل سيقوم المشروع بتوفيرها؟
- ما يقرب من 1000 إلى 2000 عامل بمرحلة ما قبل الإنشاء، وبالمرحلة الإنشائية ما يقرب من 300 ألف.

• متى سيشعر المواطن المصري بعائد المشروع النووى على أرض الواقع؟
- لابد أن تكون هناك توعية للمواطنين بأن هناك مشروعات طويلة المدى يكون عائدها بعد فترة، ولابد أن يشعر المواطن المصري بأن هذا المشروع هو مشروع قومى وحلم قومي، بأن يتم إضاءة جميع شوارع الجمهورية، وسيشعر المواطن بذلك المردود بعد أول عام من تشغيله والنهوض اقتصاديًا واجتماعيًا، كما سيؤدي إلى انتقال مصر خدميًا لذلك يجب أن تكون عقولنا مواكبة للتكنولوجيا.

• هناك مخاوف من البعض بدخول مصر أزمة مالية بعد الاقتراض الروسي للمشروع، ما تعليقك؟
- نحن قمنا باقتراض الكثير من القروض، منها القرض الخاص بإنشاء السد العالي الذي انتفعت منه مصر، لذلك لابد من وجود عقول مفكرة تعمل على إيجاد حلول بديلة لتعدد الدخل بالمصر، فليست المشكلة في القروض.

• هل مصر تعاني من مشكلة نقص الكفاءات والإمكانيات؟
- نعم لدينا نقص في الكفاءات والمعايير الخاصة بتولي المسئولين للمناصب، فنحن في مصر يتم التعيين على حسب المظهر والقرابة وليس الكفاءة والجودة.

• هل أنتِ مع ضرورة إنشاء أقسام للهندسة النووية بالجامعات؟
- التنوع بكل تأكيد مطلوب، ولابد من الاهتمام بتلك التخصصات في المستقبل، فلابد من تأهيل جميع التخصصات اللازمة للمشروع من خلال توفيرها بالجامعات المصرية من الآن، لذلك لابد من وجود أقسام بها، فعلى كل جامعة أن تغطي مهمة معينة، ولابد أن ننفتح على التكنولوجيات الأخرى.

• هل تحدث الرئيس معكم بشأن المشروع النووى باعتبارك أحد مستشاريه؟
- بالتأكيد تحدثنا عن الأمر، فقد قمت بإبداء رأيي للرئيس في الملف النووي، في ثاني لقاء لي به والمعاهد التكنولوجية، وقال لي: "فرحتك هتبقى فرحتين"، لتتم دعوتنا بعد ذلك على توقيع العقود الضبعة بعام 2016، فالرئيس يثمن جهود علمائه، وجميعنا في خدمة البلد بدون مقابل.


• كيف تصفين حال الباحثين بمصر؟
- الباحثون في مصر يعانون؛ وذلك لعدم توفير المناخ المناسب لهم والبيئة المناسبة للإبداع، وذلك عكس ما تقدمه الدول الأوروبية لهم الذين يقومون بمعاملة المبدعون كالفنانين لا يجوز السيطرة عليهم وتحجيمهم بنظام معين؛ لأن ذلك سوف يقلل من إبداعه لأنه ليس إنسانًا روتينيًّا، وعلى الرغم من أن الأبحاث العلمية لدينا تتكلف مبالغ رهيبة، ولا توجد استفادة منها؛ فعلى سبيل المثال الأبحاث الفيزيائية تتكلف مبالغ طائلة تصل إلى 60 و70 ألف جنيه، وتكون درجة الترقيات أصعب، في حين أن الأبحاث في الكليات النظرية لا تتكلف تلك الأموال، ولا تحتاج إلى نشرها دوليًا وتكون الترقيات أيسر.. فنحن الباحثين نشعر بأننا مغضوب علينا، لذلك لابد من تعديل قوانين الترقيات الخاصة بالباحثين والمبدعين عن الباحثين بالكليات الأدبية.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...
الجريدة الرسمية