رئيس التحرير
عصام كامل

أنتيكات عم جمال.. «يا روايح الزمن الجميل هفهفي» (صور)

فيتو

يُعرَف شارع المعز في مصر القديمة بما يضمه من أروقة قديمة خلابة المنظر، وما فيه من تراث مليء بالروائح الآتية من عبق الماضي، يوجد به الكثير من المحلات التي تحوي بداخلها أثارََا وكنوزًا قديمة شاهدة على زمن مضى، يتمنى كل من مر أمامه العودة إليه والاستمتاع بروحانيته الهادئة، ليأتي عم جمال.



«عم جمال» يمتلك دكانا صغيرا بهذا الشارع منذ أكثر من أربعين عامًا، زينه بالعديد من أثاثات الماضي، يحقق للناس أمنيتهم للعودة لهذا الزمن، وذلك خلال سيرهم في طرقات هذا الشارع الذي يستمد منه العشق لكل ما هو قديم.


يستيقظ «جمال» صباحًا ليحمل يومًا جديدًا مليئًا بالحب إلى دكانه الصغير، الذي يضم مقتنيات تراثية عمرها يفوق عمره، ليفتح باب دكانه ويخرج كرسيه المفضل ويجلس ليتناول كوبًا من الشاي الساخن، واضعًا شيشته المفضلة أمامه، وبعدها يشرع في تلميع مقتنياته من غبار الشارع العتيق، يعاملها بلطف كطفل صغير، منصتًا إلى أغاني "الست والعندليب"، فهما قادران على السفر به إلى الماضي الجميل، عشقه لهذا الزمن جعل شغفه يزداد يومًا بعد يوم بالبحث المستمر في عالم أثريات الماضي، للحصول على المقتنيات التراثية النادرة التي يعود تاريخها لأكثر من 100 عام.

منذ بداية هوايته وهو في الثلاثين من عمره، كان يعمل في مجال إصلاح الراديوهات والتليفزيونات، أخذه الحنين إلى تصوير تلك المقتنيات والاحتفاظ بها، ليكبر معه الحلم شيئًا فشيء إلى أن أصبح واحدًا من أهم بائعي المقتنيات الأثرية بشارع المعز، له زبائنه الخاصة ممن يقدرون قيمة هذه المقتنيات.

يحكي «جمال» عن مقتنياته: «أبحث دائما عن هذه المقتنيات وشرائها، أتنقل بين بيوت القدامى وكبار والسن وبائعي الروبابيكيا، وأقوم بتصنيفها ووضعها بين المعروضات، فكل قطعة تحكي قصة من وقت مضى، كأنها قطعة من هذا الزمن».

بينما تأخذك عينيك إلى متحف «عم جمال» المميز بصغر مساحته، تشعر وكأنك تملك الماضي الذي كنت تشاهده في الأفلام القديمة بين يديك وتنسى ما يدور خلفك.

فتجد كاميرا عمرها يتخطى الستين عامًا، تعيدك للماضي في لحظة وكأنك عاصرته، ثم يجرك "الجرامافون" الذي فاق عمره الثمانين وكنا نراه في أفلام "العندليب وأسمهان" وغيرهما، والراديوهات القديمة، وأول علبة تليفون، والصواني النحاس، وعملات تعود إلى 1940 وغيرها، فهو حريص على تسجيل التاريخ بأدق التفاصيل من باب الاهتمام بالمعروضات وتوثيقها.

تقدر هذه المقتنيات التراثية لديه بقيمتها المعنوية وليس بقيمتها المادية، فهو لا يبتاعها إلا لأشخاص يعلم جيدًا أنهم سيقدرونها، مؤكدًا أن الأجانب يفعلون ذلك، والقلة من المصريين عاشقي المقتنيات التراثية، مؤكدًا ترددهم عليها بصفة مستمرة ليسألوه عن كل ما جديد، ويأتي إليه مالك أحد الفنادق الشهيرة ليحصل على أي أسطوانة "للست".

لا يتوقف عمل «عم جمال» عند تجميع المزيد من المقتنيات الأثرية، لكنه يبحث عن قصص وتاريخ هذه القطع التراثية، وأسرارها وخباياها بين ثنايا الكتب.

ويطمح إلى أن كل زائري شارع المعز الراغبين في التقاط الصور مع هذه المقتنيات أن يقدرون قيمتها التاريخية التراثية، وليس مجرد صورة تذكارية بجانب قطعة تراثية قديمة، فالتراث رمز الهُوية المصرية، وعنوان الثقافة والأصالة وسبيل الحضارة.
الجريدة الرسمية