رئيس التحرير
عصام كامل

السفير محمد العرابى: المنطقة العربية مفعول بها.. والحرائق تندلع ولا تنطفئ

فيتو



  •  مصر والعرب قادرون على وضع إيران في إطارها الصحيح.. والصراع السنى الشيعى بداية النهاية في المنطقة
  •  محمد بن سلمان نجح في خلق حالة إقليمية لنفسه.. وقطر حصنت نفسها ضد المقاطعة
  •  لا يوجد خلاف حاد بين مصر وتركيا.. لكن "أنقرة" ما زالت تدعم الإخوان ولا مانع من فتح الباب معهم
  •  توقعت قرار نقل سفارة واشنطن للقدس.. زوج ابنة ترامب هو السبب
  • إسرائيل ستكون أكثر تعنتًا في المرحلة المقبلة
  •  أحذر من الوقوع في فخ إضاعة الوقت في أزمة سد النهضة.. والمشهد الليبى سيظل متوترا لفترة طويلة
  •  الأسعار لن تنخفض.. والمواطن غير راض عن أداء مجلس النواب


يمتلك رؤى ثاقبة في السياسة الداخلية والخارجية، يتسم بالهدوء في حديثه ومعاملاته مع الآخرين، يختار كلماته بدقة وعناية، كميزة كبار الدبلوماسيين، تولى منصب وزارة الخارجية خلفا لنبيل العربى في يونيو 2011، ولم يستمر طويلا، وبعد خروجه انضم لحزب "المؤتمر" الذي كان يترأسه حينها عمرو موسى الأمين الأسبق لجامعة الدول العربية، وتولى رئاسة الحزب بعدها ثم استقال في مايو 2014، وهو حاليا عضو بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، بعد أن تولى رئاستها في دور الانعقاد الأول.

السفير محمد العرابي، يرى أن الحالة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط تمثل حالة غير مسبوقة، وأن مصر والعالم العربى قادرون على أن يضعوا إيران في إطارها الصحيح، مشيرا إلى أنه كان من المتوقعين لقرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس لكنه لم يرد الإفصاح عن توقعاته لأسباب يكشف عنها في حواره لـ"فيتو"، التي استضافته، ونورد في السطور التالية تفاصيل اللقاء.

• بداية، بماذا تصف أوضاع منطقة الشرق الأوسط في الوقت الحالى؟
- الحالة التي نعيشها في المنطقة هي حالة غير مسبوقة، أولا لأن هناك محاولات مستميتة للتقليل من قيمة الدولة المركزية في دول المنطقة كلها، وثانيا: محاولات للتقليل من قيمة الجيوش التقليدية في المنطقة، وثالثا: هناك عدم ثبات في التحالفات الموجودة على الأرض، بمعنى أننا من الممكن أن نستيقظ في يوم ما فنجد الأمور تغيرت في اتجاه لم نكن نتوقعه، ورابعا المنطقة العربية ليست لها إرادة في المشكلات التي تمر بها، بمعنى أننا مفعول بنا، وتجد روسيا وتركيا وإيران يجلسون على طاولة واحدة لحل المسألة السورية، ونحن نبعد تماما عنها،أما الظاهرة الخامسة فتتمثل في الحرائق التي تنشب في المنطقة ولا تخمد، وهو تصميم موجود في هذه المرحلة.. كل فترة تظهر مشكلة من نوع معين، وحل هذه المشكلات يستغرق وقتا طويلا للغاية، وهناك تصميم على إطالة أمد كل المشكلات، عندما نشعر أن هناك أمورا بدأت تتحرك للأمام، نجد أن شيئا مفاجئا يحدث، مثل حال عبدالله صالح والحوثيين، عندما ابتعد عنهم ظهر لدينا أن الأمور بدأت تخمد، لكننا دخلنا حاليا في مسار آخر وهو اغتياله، فأصبحت الأمور في المنطقة صعبة للغاية.

• هل ترى أن هناك تربصا إقليميا بالدور المصرى؟
- بالفعل كان هناك في الماضى تربص إقليمى بالدور المصرى، وكانت هناك محاولة لخنق الدولة المصرية، لكن ثبت أن هذه الدولة استطاعت أن تعيش وتقاوم، ويجب أن يكون لمصر دور الفترة المقبلة في المسألة الليبية والسورية، وأعتقد في عام 2018، أن مصر سيكون دورها مطلوبا، وهي أفضل كثيرا من ناحية السياسة الخارجية نتيجة صمودها الداخلى وكفاءة سياستها الخارجية، ونتيجة المتغيرات في الإقليم الذي نعيش فيه.

• هل أنت مع بقاء بشار الاسد لحل الأزمة السورية ؟
- في أوائل الأزمة السورية في 2011، عندما كنت وزيرا للخارجية، قلت إن الحل، قبل أن تتفاقم الأمور هناك، ويسقط نحو نصف مليون، لابد أن يكون هناك تعايش، وتجرى الانتخابات ونرى هل سيبقى الأسد أم لا، وفى النهاية هو قرار الشعب السورى، لكن من الواضح أن بشار هو جزء من المشكلة السورية، وجزء أيضا من الحل.

• كيف ترى الدور الإيرانى في المنطقة؟
- أحيانا نرى الدور الإيرانى بشكل مبالغ فيه، من المؤكد أن هناك شهية إيرانية كبيرة للغاية للتوسع والتمدد في المنطقة، ولكن الأمور ليست بالخطورة التي تدعونا إلى شيطنة إيران، العالم العربى ومصر قادران على أن يضعوا إيران في إطارها الصحيح.. إيران لا تستطيع أن تتمدد أكثر من ذلك، نظرا لأن قدراتها المادية واللوجستيكية وغيرها لا تمكنها.. كل الخوف من أن ندفع إلى صراع طائفى سنى- شيعى، وهو بداية النهاية للمنطقة، وسيقضى على الأخضر واليابس، فلابد أن نحترس كثيرا.. وأعتقد أن الخط الأحمر واضح تماما لدى القيادة المصرية.

• وما تقييمك للعلاقات مع المملكة العربية السعودية ؟
- أرى أننا على مشارف سعودية جديدة أكثر تطورا، وهناك نضج في العلاقة مع مصر.. اختلافات في الرؤى لكنها لا تؤدي إلى قطيعة أو خلافات، وهو أمر يشير إلى أن هناك نضجا استراتيجيا في العلاقة بين البلدين.. أرى السعودية على مشارف مرحلة جديدة، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.

• بخبرتك السياسية، ما تقييمك لولي العهد السعودي محمد ابن سلمان كحاكم مرتقب للمملكة؟
- استطاع في فترة قصيرة للغاية أن يقيم لنفسه حالة إقليمية ودولية، وهو أمر ليس بالسهل، أن تقيم لنفسك رأيا يُنتظر ويُسمع فيما بعد، أعتقد أنه نجح في هذا، وهو أمر جيد للعمل العربى المشترك.

• كيف ترى الأزمة القطرية العربية ومقاطعة بعض الدول العربية لها؟
- الوضع الحالى مع قطر يجب أن يكون مثلما قررت مصر والسعودية، أن هناك خلافا لكنه ليس هاما، أي لا تضع قطر في قمة أعمالك الدبلوماسية اليومية، الخلاف موجود، ودعها لشأنها إلى أن تأتى مرة أخرى، وإذا ظلت كما هي فلتسر في هذا الأمر، ولكن الملحوظ أن المواقف الرباعية العربية، لم يكن لها صدى مؤثر في الخارج، فيجب أن نعمل على هذا، وما زالت دول كثيرة للغاية لا تستمع إلى رأينا بأن قطر تدعم الإرهاب.

• وزير خارجية قطر اتهم مصر أنها تقود صراعا دون إستراتيجية؟
- يقول ذلك من أجل أن يفتت التماسك.. لكن هناك إستراتيجية.. والنقطة الأولى التي تثبت أن هناك إستراتيجية هي التماسك الرباعى العربى، الذي لم يتأثر بأى ضغط من أي جهة سواء خارجية أو إقليمية، وظل على قوته. وقطر استطاعت أن تحصن نفسها لمثل هذا اليوم منذ فترة طويلة، بمعنى أن النسيج الذي نسجته مع دول العالم أجمع؛ ماليا واقتصاديا، نجحت من خلاله في أن تضع نفسها في إطار من الحماية الاقتصادية لكيانها.

• حديثنا عن قطر يقودنا إلى الدور التركى وأردوغان.. كيف ترى مغازلة النظام الحاكم في تركيا هذه الأيام للقاهرة؟
- لا يوجد خلاف حاد بين مصر وتركيا، إلا أنهم مازالوا يدعمون أفكار الإخوان، النظام التركى أعتقد أنه ينتمى إلى تنظيم الإخوان، بالتالى يرى فينا نقيضا كبيرا للغاية، والأجهزة التركية تتمتع بميزة أنها متلونة وسريعة بمعنى أنه ليس لديها غضاضة في أن يقفز فوق أي مشكلة حتى يصل إلى ما يريد، لا يوجد مانع من فتح مصر الباب مع تركيا إلى حد ما، ومن الممكن بوسائل غير مباشرة، ولكن مع توقفه التام عن محاولات التأثير الداخلى على الأوضاع في مصر، نظرا لأن تركيا في النهاية دولة إقليمية كبيرة ولها تأثير، متواجدة في كل مكان في العراق وسوريا والصومال في أفريقيا.

• قراءتك لقرار الرئيس الامريكى بنقل سفارة أمريكا للقدس.. هل كنت تتوقعه؟
- كنت من المتوقعين لهذا القرار، لكنى لم أفصح بهذا الأمر، نظرا لأن ترامب في حملته الانتخابية منذ ما يقرب من عام، قال إن أول قرار له هو نقل السفارة الأمريكية للقدس، والضغوط العربية أتت ثمارها حينها وأجلت هذا القرار، بالتالى كنت أتوقعه من وقت لآخر، لكن يبدو أننا أمام إدارة لها مواصفات خاصة قائمة على فكرة فرض أمر واقع على الآخرين وخاصة قضية الشرق الأوسط، وأعتقد أن الإدارة الأمريكية الحالية لديها قناعة بأن التفاوض الذي كان متواجدا بين الفلسطينيين والإسرائيليين لفترة طويلة لم يؤت ثماره، بالتالى عليها واجب أن تقدم حلا مكتوبا، على حسب قناعتهم.

• هل كان زوج ابنة ترامب هو سبب القرار؟
- من المؤكد أنه سبب أزمة القدس، وقلت ذلك بعدما تولى ترامب، إن قضية الشرق الأوسط ستكون في يد زوج ابنته وهو معروف، وتعيين السفير الأمريكى في إسرائيل هو المحرك لهذا الأمر، ولديه شقة في القدس ومقيم فيها ولم يذهب لتل أبيب مثل السفراء الأمريكيين السابقين، وهو المحرك الاساسى لما يحدث حاليا.


• المصالحة الفلسطينية الداخلية شابها بعض القصور في الفترة الماضية بسبب تدخلات إقليمية.. هل لديك نظرة تفاؤل تجاه المصالحة؟
- لديَّ نظرة تفاؤل لوحدة الصف الفلسطينى وخاصة بعد قرار ترامب، أعتقد أنه سيكون موقف بائس أن تكون هناك دولة كبرى تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونحن مازلنا لا نستطيع توحيد صفوفنا، أعتقد أن هذا القرار لا بد أن يكون هو الدافع لتوحيد الصف، والقرار جعل قيادة أبو مازن تأخذ شكل المرونة والليونة، والتواصل والاتصال، كان هناك فترة محاولات لتثبيط السلطة نفسها.

• ما رؤيتك للمشهد الليبى وتوقعاتك بشأنه في الفترة المقبلة؟
- المشهد الليبى سيظل على حاله فترة طويلة، ولا نتوقع أن يحل قريبا، النقطة الثانية أن الدور المصرى أعتقد أنه مع بداية 2018 ستكون مصر هي الدولة التي تقود هذا التحرك، نظرًا لأن هناك إدراكا دوليا بأن مصر قادرة على تحمل هذا الملف، أما النقطة الثالثة فهي أن مصر تنظر للأمن القومى لها خارج الحدود، وأعتقد أن مصر استطاعت أن تقود حملة دولية لتجفيف عناصر الإرهاب في ليبيا، وهو عمل كبير للغاية، لابد من القيام به بمساعدة العالم أجمع وليس مصر فقط، الأمر الأخير أن هناك محاولات لإعادة بناء القاعدة بحزام أفريقى يبدأ من الشباب في الصومال وينتهى في نيجيريا، والدول الأفريقية الأخرى، وهناك مبادرة جديدة أيضا الدول الشاطئية للبحر الأحمر أرى أنها هامة للغاية نظرا لأن القرن الافريقى أيضا يمثل خطورة كبيرة، تركيا تقيم قواعد في الصومال، مصر أمامها عمل كبير في 2018، يتواكب مع العمل الكبير الذي تشغله داخليا، نحن في موقف صعب يستدعى أن العالم يقف معنا ويساعدنا في كل المجالات.


• كيف ترى التعامل مع الملف الاثيوبى وتحديدا سد النهضة؟
- يجب ألا نقع في فخ إضاعة الوقت، أنا من المؤمنين بمعادلة الرئيس السيسي، وهى أن الحق في الحياة مقابل الحق في التنمية، أثق في المفاوض المصرى تماما، ولكن يجب أن يكون لدينا إحساس أكبر بالوقت نظرا لأهميته، هناك زيارة قادمة لرئيس وزراء إثيوبيا، ولست من أنصار أن يلقى كلمة في البرلمان المصري، لكن الدولة ترى أكثر منى في هذا الأمر.

• قراءتك لزيارة الرئيس الروسى بوتين الأخيرة للقاهرة وبما فيها التفتيش على المطارات؟
-لم أكن أتوقع بعض التصرفات من الصديق الروسى في الفترة الأخيرة؛ نظرا لأن مصر عانت اقتصاديا كثيرا من وقف السياحة الروسية ووقف الطيران المباشر بين البلدين، أسافر من حين لآخر، وأرى أن الإجراءات الموجودة في المطارات المصرية قد تكون أكثر قسوة من إجراءات في مطارات عالمية، وخاصة الغردقة وشرم الشيخ، قبلنا أن نخضع لإجراءات المطارات، ولكن المبالغة في الأمر وكل يوم وفد أمريكى وروسى يأتى ليفتش، هذا أمر ليس طيبا، نحن اتخذنا الإجراءات كاملة، وأتوقع من روسيا أن تعلم جيدا أنه تم الإضرار بمصر بشكل كبير في الفترة الماضية نتيجة منع السياحة والطيران المباشر، وأن الاوان أن يتم تعديل الأمور.

روسيا بوجه عام لديها راحة إستراتيجية فيما يخص المنطقة، وخاصة بعد قرار ترامب.. بوتين يشعر بثقة كبيرة أن دوره في الشرق الأوسط مطلوب، ووضعه أفضل كثيرا حاليا.

• هل ترى أن الشارع المصرى راض عن أداء مجلس النواب؟
-بالطبع لا، المواطن يطلب أشياء من النائب لا يستطيع تلبيتها، كل النواب وخاصة في الدوائر يتعامل معه المواطنون على أساس أنه لابد أن يقضى حوائجهم جميعها، في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد النائب لا يستطيع أن يقضى كل شيء، الناخب يريدها.

• لماذا لم يترشح العرابى على رئاسة لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان في الدور الثالث وهل خذلك دعم مصر؟
-منذ الانتخابات الماضية في دور الانعقاد الثانى قررت ألا أخوض الانتخابات على رئاسة أي لجنة من لجان البرلمان، ولم يخذلنى دعم مصر، نظرا لأنه مؤسسة هامة في المجلس له توجهاته وله رؤيته، وليس لدى أدنى مشكلة أنهم يروا شخص آخر يصلح لرئاسة اللجنة، وأنا مستمر في عملى.

• كيف ترى إدارة الدكتور على عبد العال لجلسات البرلمان وهل يميل لائتلاف دعم مصر دون غيره؟
- يتحمل الكثير تحت القبة، أحيانا أشفق عليه، لديه صبر وجلد كبير، ولا يميل لدعم مصر على الإطلاق وهناك مشاهدات كثيرة، يتعامل مع الأحزاب كاملة ويعطى الفرصة للجميع، وظاهرة مجلس النواب الحالى جيده بمعنى أنك لا تستطيع أن تقول إنك حزبى، أصبحنا بوتقة واحدة في المجلس وهى ميزة كبيرة.

• طالب الرئيس السيسي مسبقا بدمج الأحزاب السياسية رؤيتك لذلك؟
- دعوة صادقة، وتعزز العمل البرلماني، الحزب لا بد أن يكون له عمل على الأرض ومقرات في المحافظات العمل الحزبى ليس مجرد أحاديث فقط، لكن عمل على أرض الواقع، والممارسة الحزبية لم أجدها ناضجة في مصر حتى الآن.. الحكومة في استراليا هي التي تمول الأحزاب لإحياء الحياة السياسية.

• ما توقعاتك لانتخابات الرئاسة المقبلة وخاصة بعد إعلان الفريق أحمد شفيق ترشحه؟
- لست ضد أي شخص يريد الترشح، ولست ضد ترشح الفريق شفيق، والدولة أيضا ليس لديها أي مانع.. الانتخابات المقبلة العالم أجمع سيضع عينه عليها، فلا بد أن نؤديها بشكل جيد، وأؤكد أن المواطنين حسموا أمورهم من الآن.. الاهم هو نزول المواطن في الانتخابات، وأنا صوتى محسوم للسيسي.. فقد أدى الكثير لمصر، وهو الرئيس الذي رأيته على مدار السنوات الثلاث الماضية.. كيف يفكر وينجز، ونال احترام الجميع، مع تقديرى للفريق شفيق سأنتخب السيسي.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
الجريدة الرسمية