رئيس التحرير
عصام كامل

التهديدات لا تفيد أمريكا!


لم تكتف أمريكا بالتهديدات العلنية التي وجهتها مندوبوها ثم رئيسها لكافة الدول، خاصة التي تتلقى مساعدات مالية منها، إنما مارست أمريكا ضغوطا غير معلنة على العديد من الدول، خاصة الأفريقية ودوّل أمريكا اللاتينية حتى لا تصوت لصالح مسرور قرار المجموعة العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة.. غير أن كل هذه الضغوط والتهديدات لم تمنع هزيمة أمريكا وعزلتها دوليا، بعد أن صوت نحو ثلاثة أرباع الحاضرين لجلسة الأمم المتحدة لصالح القرار الذين يحفظ للقدس عروبتها وفلسطينيتها، بينما استطاعت أمريكا ومعها إسرائيل أن تجتذب إلى صفها في رفض القرار سبع دول صغيرة فقط، وامتنعت ٣٥ دولة عن التصويت منها للأسف جنوب السودان، وعدد من الدول الأفريقية مثل الكاميرون وغينيا الإستوائية ورواندا وملاوي، فضلا عن عدد من دول أمريكا اللاتينية، في الوقت الذي أثرت نحو ١٩ دولة التغيب عن حضور جلسة الجمعية العامة.


غير أن الذين صوتوا لصالح عروبة القدس كانوا أغلب الدول الأوروبية وأيضًا أغلب الدول الأفريقية، ومنها دول تستفيد من المساعدات المالية لأمريكا، غير أنها لم تُبالِ بالتهديدات والضغوط الأمريكية وانتصرت للحق.. ولعل هذا يفسر تلك العصبية التي انتابت مندوبة أمريكا في المنظمة الدولية بعد أن ظهرت نتيجة التصويت على القرار العربي، وهي العصبية التي جعلتها تهدد بتخفيض مساهمة أمريكا المالية في ميزانية الأمم المتحدة.

وهكذا صارت تهديدات أمريكا الآن وضغوطها الفجة التي تمارسها على غيرها من الدول قليلة التأثير وضعيفة النتائج.. وهناك في واشنطن من استوعب ذلك بشكل واضح، وهذا يفسر ما أعلنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أمس فور هزيمة أمريكا في الجمعية العامة، حينما قال إن بلاده لم تتخذ قرارات لتخفيض مساعداتها للدول إلى صوتت لصالح القرار العربي، مشيرا إلى أن هذه المساعدات تُقرر طبقا لاعتبارات عديدة وليس لاتجاهات التصويت في الأمم المتحدة فقط.. وهكذا يحاول البعض في واشنطن احتواء الآثار السلبية لقرارات وتصريحات رئيسها.. لكن الأغلب أنهم لن يفلحوا!
الجريدة الرسمية