رئيس التحرير
عصام كامل

بين السيسي وأردوغان.. القصة الكاملة لقرار القدس بالأمم المتحدة

فيتو

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء أمس الخميس، على قرار دولى يرفض أي إجراءات تهدف إلى تغيير وضع مدينة القدس، في رد حاسم على إعلان الرئيس الامريكى دونالد ترامب نقل سفارة الولايات المتحدة لدى تل أبيب إلى القدس، بهدف ترسيخ مفهوم الاعتراف بها كعاصمة للكيان الصهيونى بشقيها الشرقى والغربى.


عقب انتهاء عملية التصويت بدأت وكعادة دول المنطقة محاولة انتزاع الأطراف الانتصار، وتركت همَّ القضية الفلسطينية وما تعرضت له من هزة سياسية كادت أن تجعلها مجرد صفحة في كتاب التاريخ، ولحسم الجدل الدائر حول القرار وصاحبه توضح "فيتو" في التقرير التالى القصة الكاملة للقرار.

قبل أن تقرأ، لا بد من فهم الفرق بين تشكيلة مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي أيدت القرار المناهض لإعلان ترامب، بـ128 صوتا وعارضته 9 فيما امتنعت 35 دولة عن التصويت.

مجلس الأمن
يتكون مجلس الأمن من 15 عضوا، خمسة أعضاء دائمين ولهم حق النقض (حق الفيتو) وهم: روسيا، والصين، وفرنسا، وبريطانيا، وأمريكا، ويعود سبب حصولهم على المقاعد الدائمة لانتصاراتهم التي تحققت في الحرب العالمية الثانية، وقد ترأسوا أعلى المراتب العليا في قائمة الإنفاق العسكري للدول، بالإضافة إلى 6 أعضاء غير دائمين قبل أن يتم زيادة العدد إلى عشرة أعضاء عام 1965 عندما تم تعديل ميثاق الأمم المتحدة تنتخب الجمعية العامة الأعضاء غير الدائمين في المجلس لفترات مدة كل منها سنتان يتم تبديل خمسة أعضاء كل سنة.

اختيار الأعضاء غير الدائمين يتم من قبل الأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس وتتم الموافقة عليها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة والدول الأعضاء غير الدائمين حاليًا هم "اليابان ومصر والسنغال وأوكرانيا والأوروجواي، السويد وبوليفيا وإثيوبيا وكازاخستان، وتتقاسم هولندا وإيطاليا "سنتين" العضوية التي بدأت منذ يناير 2017.

الأمم المتحدة

الأمم المتحدة، هي المنظمة الأم المنبثق عنها مجلس الأمن، وهي منظمة عالمية تضم في عضويتها جميع دول العالم المستقلة تقريبًا، تأسست منظمة الأمم المتحدة بتاريخ 24 أكتوبر 1945 في مدينة سان فرانسيسكو، كاليفورنيا الأمريكية، تبعًا لمؤتمر دومبارتون أوكس الذي عقد في العاصمة واشنطن.

من 1919 إلى 1945 كان يوجد منظمة شبيهة بمنظمة الأمم المتحدة تدعي عصبة الأمم إلا أنها فشلت في مهامها خصوصًا بعد قيام الحرب العالمية الثانية، ما أدى إلى نشأة الأمم المتحدة بعد انتصار الحلفاء وتم إلغاء عصبة الأمم.

وعضوية الأمم المتحدة مفتوحة أمام كل الدول المحبة للسلام التي تقبل التزامات ميثاق الأمم المتحدة وحكمها، ومنذ 14 يوليو سنة 2011 بعد تقسيم السودان أصبح هناك 193 دولة كأعضاء في المنظمة.

دور مصر
عقب إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيونى يوم 6 ديسمبر الماضى، ونقل سفارة واشنطن لدى تل أبيب إلى القدس، ومع تصاعد موجة الغضب العربى، تقدمت مصر الرسمية بصفتها عضو غير دائم في مجلس الأمن ضمن الأعضاء الـ15، بقرار إلى المجلس يتعلق بالقدس، لإيقاف الإجراءات المترتبة على إعلان الرئيس الأمريكى.

وعقد مجلس الأمن جلسة لمناقشة مشروع القرار المصري يوم الإثنين الماضى الموافق 18 ديسمبر، وعقب طرح مشروع القرار المصري أمام الدول الأعضاء بالمجلس البالغ عددهم 15 عضوا كما ذكرنا سلفا، أيده 14 عضوا، باستثناء أمريكا طرف الخصومة واستخدمت حق النقض "الفيتو" الممنوح لها كدولة عظمى لإيقاف القرار المصري، ويشترط في تمرير أي قرار تتقدم به إحدى الدول موافقة 9 أعضاء بدون استخدام أي دولة من الـ5 الدائمين حق الفيتو.

وحققت مصر انتصارا هائلا بحشد جميع الأعضاء لكن ملكية أمريكا لـ«فيتو» تسبب في عرقلة القرار، ووقتها تم اتهام مصر من بعض الدوائر الخبيثة بتجنب ذكر اسم أمريكا في نص القرار الذي نوضحه لاحقا في فقرة أخرى، وأوضح خبراء أن سبب إغفال القاهرة لذكر اسم واشنطن كخصم في مشروع القرار، يعود إلى المادة المادة 27 من ميثاق الأمم المتحدة، بمعنى، أنت كدولة تحتاج أولا إلى قرار بموافقة دول المجلس وفيتو الدول الخمس الدائمة لاعتبار دولة طرفا في نزاع لا يحق لها التصويت، ولم يحدث أبدا أن سمحت أي من الخمس لتطبيق المادة عليها كطرف نزاع حتى ولو تنحت جانبا بطوعها، وهو ما دفع مصر لتطويع القرار بهدف ضمانة إحراج الولايات المتحدة أمام أعضاء المجلس ورغم قناعته بنسبة كبيرة باحتمالية اسخدام واشنطن لحق الفيتو، مضت في الخطوة تمهيدا لتدويلها.

دور تركيا
عقب إجهاض أمريكا للقرار المصري حول القدس في مجلس الأمن، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في اليوم التالى إن بلاده سوف تتبنى مشروع القرار وتقوم بنقلها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالفعل قدمت اليمن، بصفته رئيس المجموعة العربية خلال الشهر الحالي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مع تركيا بصفتها رئيسة القمة الإسلامية وعضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشروع القرار الذي توقف في مجلس الأمن بشأن وضع مدينة القدس تحت بند "متحدون من أجل السلام".

نص القرار
ويؤكد نص المشروع الذي تقدمت به مصر وعرقلته أمريكا في مجلس الأمن وتبنته تركيا واليمن كما أسلفنا، على أن أي قرارات أو أعمال تطال الوضع الديموغرافي للقدس ليس لها أي أثر قانوني، وتعتبر باطلة ولاغية ولا بد من التراجع عنها.

كما يطالب مشروع القرار بالالتزام بقرارات مجلس الأمن حول القدس وعدم الاعتراف بأي إجراءات أو أعمال تخالف تلك القرارات.

كذلك يؤكد مطالبته بالتراجع عن التحركات السلبية على الأرض والتي تهدد حل الدولتين، إضافة للمطالبة بتكثيف وتسريع الجهود الدولية والإقليمية لتحقيق حل الدولتين دون أي تأخير وبصورة شاملة وعادلة ودائمة لاستتباب السلام في المنطقة، وإبقاء مجلس الأمن على اطلاع ومتابعة مستجدات هذه القضية.
الجريدة الرسمية