رئيس التحرير
عصام كامل

قضاة تحقيق «فساد الأراضى» يطاردون أباطرة «وضع اليد».. رجل أعمال يكسب مليار جنيه بـ«حكم ابتدائى».. وهيئة «التعمير» تتجاهل سحب الأرض وطرحها في المزاد العلنى.. وبل

المستشار فتحى بيومي
المستشار فتحى بيومي وعبد المنعم البنا


«أرض فضاء + موظف + رجل أعمال».. معادلة نتيجتها معروفة «فساد وإهدار مال عام».. مئات البلاغات التي تتلقاها الجهات الرقابية، تؤكد أطراف المعادلة تلك، ليس هذا فحسب، لكنها تزيح الستار في الوقت ذاته عن جسد «مافيا الأراضى» التي اتضح أنها خلال السنوات الماضية تغولت وتوحشت، وأصبحت «دولة داخل الدولة».


البلاغات التي تتلقاها الجهات الرقابية، تكشف أيضا الطريقة السهلة التي يلجأ إليها بعض من يطلقون على أنفسهم « رجال أعمال»، للسيطرة على أراضى الدولة، حيث ينفذون سيناريو «وضع اليد»، ومن ثم يبدأون في استغلال ثغرات قانونية، تمكنهم من الحصول على الأرض بأقل من سعرها الأصلى، وتركها سنوات عدة وهو ما يعرف بـ «تسقيع الأراضى» ثم طرحها - دون وجه حق- للبيع بأسعار خيالية.

وفى سياق المعركة التي أعلنتها الدولة على مافيا «أراضى الدولة»، تلقى المستشار فتحى بيومي، الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، قاضى التحقيق المنتدب في قضايا فساد الأراضي، بلاغا يتضمن أن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية حررت عقدين لـ« أشرف.ع.أ» عن مساحة 50 ألف متر مربع بجوار القرية الذكية، وأن الأرض لا تزال فضاء على طبيعتها ولم يتم تنفيذ أي مشروع بها حتى الآن منذ عام 1997 تاريخ وضع يد المشكو في حقه، وهو ما يتعارض والغرض الذي خصصت من أجله الأرض، ويعطى للهيئة الحق في سحبها وإعادة بيعها بالمزاد العلني، إلا أن الهيئة لم تفعل - وفقا للبلاغ - حيث اشترى المشكو في حقه الأرض بسعر 90 جنيهًا للمتر، وبعد البيع وصدور عقد له يعرض المساحة للبيع بالكامل بسعر 20 ألف جنيه للمتر، ويكون بذلك حقق مليار جنيه كسبًا غير مشروع.

كما تضمن البلاغ اتفاق رجل الأعمال، المشكو في حقه مع شخص آخر يدعى «حازم. م.ع» للحصول على مساحة 78 فدانًا من أملاك الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بأبو رواش، ومن خلال دعوى قضائية حصل على حكم ابتدائى بسعر 200 جنيه للفدان، وتربح بذلك ما لا يقل عن 500 مليون جنيه، وأيضا تحقيق المشكو في حقه 300 مليون جنيه كسبًا غير مشروع باسمه واسم زوجته، حيث اشترى مساحة 150 فدانًا كائنة بشرق البحيرات بالإسماعيلية بجوار وادى التكنولوجيا، حيث تم الشراء بسعر 200 جنيه للفدان الواحد، في حين باع الفدان بـ40 ألف جنيه للمساحة الصادر عنها عقد بيع و20 ألف جنيه للمساحة التي لم يصدر عنها عقد بيع، كما يضع يده على مساحة 900 فدان طريق “القاهرة - الإسكندرية» الصحراوى الكيلو 69 يسار المتجه للإسكندرية بالشراء من شركة ريجوا ويعرضها حاليًا للبيع بمبلغ 150 ألف جنيه للفدان.
وذكر البلاغ أن المشكو في حقه يضع يده على مساحة 13 ألف فدان بسيوة، تقدم لشرائها باعتباره واضعًا لليد عليها بسعر 50 جنيهًا للفدان.

من جانبه أصدر قاضى التحقيق قراره بتشكيل لجنة من خبراء وزارة العدل المختصين، تكون مهمتها كشف جميع التعاملات التي تمت على الأراضى محل البلاغ والجهة القائمة بها، وتوضيح إذا كان قد تم تخصيصها بأى وجه للمذكور من عدمه، وتحديد طبيعة العلاقة بين المذكور والجهة المالكة، بالإضافة إلى تحديد إجمالى المساحة المتعامل عليها، وبيان ما إذا كانت عملية البيع أو التخصيص شابتها مخالفات من عدمه.

وأودعت لجنة خبراء وزارة العدل تقريرها الخاص بالأرض، والذي كشف أن الأرض محل الفحص والتحقيق كائنة بواحة سيوة ــ محافظة مرسي مطروح بمساحة قدرها 1117 فدانًا، و23 قيراطًا طبقًا للثابت من حصر أراضى سيوة التابعة للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية باسم الشركة الشرقاوية لصاحبها «أشرف.ع. إ» أرض فضاء.

وأوضح التقرير أنه تبين من معاينة الأرض محل الفحص، أنها من الأراضى المملوكة للدولة ولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية طبقا لأحكام القانون 134 لسنة 1981، كما تبين من فحص المستندات المقدمة من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية أنه في عام 1997 تقدمت شركة الشرقاوية لاستصلاح الأراضى والتنمية الزراعية والسياحية لصاحبها «أشرف. ع. إ» لشراء مساحة وضع يد بواحة سيوة ــ محافظة مطروح لغرض الاستصلاح والاستزراع.

وتضمن تقرير لجنة الخبراء بيانًا بشأن المخالفات التي شابت استغلال الأرض محل الفحص، والتي تتمثل في استغلال شركة الشرقاوية لاستصلاح الأراضى والتنمية الزراعية «أشرف.ع. إ» المشكو في حقه للأرض محل الفحص ووضع اليد عليها دون سند، وأن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية علمت باستغلال المشكو في حقه للأرض محل الفحص وقد جاء وضع يد المشكو في حقه على هذه المساحة مخالفًا للمادة (10) من القانون رقم 143 لسنة 1981.

وأسند الخبراء المسئولية عن هذه المخالفات والأضرار إلى كل من المشكو في حقه «أشرف. ع. إ»؛ وذلك لوضعه اليد على الأرض محل الفحص دون سند من القانون رغم العلم بذلك وكونها من الأراضى المملوكة للدولة، ورئيس الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية (خلال الفترة من 1997 وحتى الآن) والمختصين بالإدارة المركزية للملكية والتصرف بالهيئة بذات الفترة لعدم طلبهم من وزير الزراعة واستصلاح الأراضى أن يصدر قرارًا بإزالة وضع اليد بالطريق الإدارى على أن يتحمل المشكو في حقه «أشرف. ع. إ» إزالة وضع اليد.

وتلقى قاضى التحقيق تقريرا من اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة التي قامت بتحديد مقابل الانتفاع للأرض وهى 1150 فدانًا(من عام 2006 وحتى 2017) بالإسماعيلية، وكذلك ثمن الأرض بمبلغ تجاوز الـ50 مليون جنيه، وهو المبلغ المقرر أن يدفعها المشكو في حقهم، وفى حالة عدم سداد المشكو في حقهم المبالغ المستحق دفعها وإجراء تسوية لهذه المبالغ، سوف يصدر قاضى التحقيق قرارا بإحالتهم إلى المحاكمة.

وشكل قاضى التحقيق لجنة من خبراء الكسب غير المشروع ومباحث الأموال العامة وهيئة الرقابة الإدارية، بطلب تحريات والوقوف على حجم المخالفات وقيمتها والتعديات والمسئول عنها وسند مسئوليته.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية