رئيس التحرير
عصام كامل

نقيب الفلاحين: مصر تخسر مليون فدان من أجود الأراضي الزراعية بعد التصالح بمخالفات البناء

فيتو



  • • قانون التصالح في مخالفات البناء يخالف المادة 29 من الدستور
  • • القانون لا يخدم سوى كبار رجال الأعمال الذين استولوا على آلاف الأفدنة من أجود الأراضي الزراعية
  • • الدولة ستنفق أضعاف ما تُحصله من المخالفين في إدخال المرافق لهم بعد التصالح
  • • أقول للمدافعين عن القانون الذين يبحثون عن عائدات التصالح: «لماذا لا تزرعون الأرض مخدرات؟!»
  • • القانون يهدر الأمن الغذائي المصري
  • • طالبنا برفض القانون ولكن الشرفاء بمجلس النواب قلة ومغلوبون على أمرهم
  • • قانون التصالح كخيوط العنكبوت يحقق مصالح الكبار ويصطاد البسطاء من المخالفين
  • • بإعلان الحكومة مشروع القانون انتهت حالة الردع لدى المواطنين من البناء المخالف
  • • تغليظ العقوبة على المخالفين وبناء مدن في الظهير الصحراوي للشباب هما مفتاح حل أزمة البناء على الأراضي الزراعية

حذر حسين عبد الرحمن أبو صدام، نقيب الفلاحين، من إقرار مشروع قانون التصالح في مخالفات البناء على الأراضي الزراعية، وكشف في حواره مع "فيتو"، أسباب رفض النقابة لقانون التصالح في مخالفات البناء، وتداعيات إقرار مجلس النواب للقانون على الرقعة الزراعية في مصر، والحلول المقترحة لحل أزمة المخالفين، وإلى نص الحوار:

• أعلنت نقابة الفلاحين رفضها لمشروع قانون التصالح في مخالفات البناء، فما أسباب ذلك؟
- بالفعل، أعلنا رفضنا الشديد لمشروع القانون المعروض الآن على مجلس النواب، وذلك لمخالفته الصريحة للمادة 29 من الدستور التي تجرم الاعتداء على الأراضي الزراعية، بينما يقنن هذا القانون الاعتداء على الأراضي الزراعية، وكأن ما خسرناه من أراضٍ زراعية خصبة تصل مساحتها إلى نحو 200 ألف فدان منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن لا يكفي، ليأتوا بقانون يضيف مزيدًا من الخسائر، فهذا القانون لا يخدم سوى كبار رجال الأعمال الذين استولوا على آلاف الأفدنة من أجود الأراضي الزراعية التي تشكلت عبر ملايين السنين، وتقع بالقرب من نهر النيل، ويبحثون الآن عن مخرج قانوني للبناء عليها.

• دافع الكثيرون عن مشروع القانون متوقعين أن تتمكن الدولة من تحصيل نحو 4 مليارات جنيه، قيمة التصالحات، إضافة إلى تعويض الأراضي الزراعية المفقودة من خلال مشروعات الاستصلاح الزراعي التي تقوم بها الدولة، فما تعليقك؟
- هناك من لا يعي أهمية الأراضي الزراعية المحيطة بنهر النيل وقيمتها، ويظن أن استصلاح الأراضي بالصحراء سيعوض خسائرنا، هذا غير صحيح فمهما كانت جودة ما تنتجه الأراضي المستصلحة فلن تصل إلى كفاءة وجودة الأراضي الزراعية التي تكونت طوال ملايين السنين، علاوة على تكلفة استصلاحها وتوصيل المياه إليها سواء من النيل أو آبار، فالتصديق على هذا القانون من أجل مصالح خاصة من شأنه هدم خطوات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي بدأها لزيادة الرقعة الزراعية من خلال استصلاح المليون ونصف المليون فدان، أما فيما يخص ما يروج له المدافعون عن القانون بأنه سيضخ 4 مليارات جنيه إلى خزينة الدولة، فإن التصالح مع المخالفين سيكلف الدولة أضعاف ذلك المبلغ لأن هؤلاء المخالفين، بعد تقنين أوضاعهم، سيكون من حقهم مطالبة الدولة بتوفير المرافق من كهرباء وشبكات صرف، ومياه في تلك المناطق الزراعية، فإذا كانت الأموال هي كل ما تسعون إليه بغض النظر عن مصلحة الشعب والأمن القومي المصري فلماذا لا تزرعون الأرض مخدرات؟

• أكد عدد من المسئولين في وزارة الإسكان في تصريحات لهم أن القانون لن يضر بالأراضي الزراعية، وأنه لا تصالح مع المخالفات على الأراضي الزراعية، فما وجه تخوف نقابة الفلاحين؟

- أوجه المخالفات محدود فإما مخالفات إنشائية أو البناء على المناطق الأثرية أو أراضٍ زراعية، وجميعها مرفوض التصالح فيها لأن التصالح يعني تهديد حياة السكان في الأولى، والتفريط في كنوزنا الأثرية في الثانية، وتهديد لقمة عيش المصريين في الثالثة، هذا القانون في ظاهره الرحمة وفي باطنه العذاب، فكثير من البسطاء سيفرحون بهذا القانون، ولكن ذلك من شأنه الإضرار بمصالح المواطنين، وإهدار للأمن الغذائي المصري، فمن المؤسف أن نضيع ميراثنا الذي صانه أجدادنا لنا فقد كان الفراعنة أحرص الناس على عدم البناء على الأراضي الزراعية إلا بالطين حتى تبور الأرض.


• هل خاطبت نقابة الفلاحين مجلس النواب بشأن موقفها من القانون، وماذا كانت النتيجة؟
- نعم، بالفعل خاطبنا وكيل لجنة الزراعة وأعضائها، إلى جانب وجود عدد من أعضاء النقابة نواب داخل البرلمان، وأكدنا رفضنا المساس بالأراضي الزراعية، وتلمسنا رفض البعض للقانون، بينما برر آخرون موافقتهم على القانون أنه لن يضر بالأراضي الزراعية، وأن التصالح سيكون مع المخالفين بالمناطق العشوائية، فكان ردي: "أنتم عاملين القانون لعزبة الهجانة مثلا؟"، للأسف أعضاء مجلس النواب ينقسمون إلى فئة الشرفاء وهم قلة ومغلوبون على أمرهم، وفئة تبحث عن مصالحها الخاصة وإرضاء الناخبين المخالفين الذين يلجئون إليهم لإيجاد مخرج قانوني لهم على حساب الشعب المصري، فهذا القانون مثله كمثل خيوط العنكبوت، يحقق مصالح الكبار ويصطاد البسطاء من المخالفين، لذلك فإننا نطالب الشرفاء في مجلس النواب برفض التصديق عليه.

• ما الخطوات القانونية التي ستلجأ لها نقابة الفلاحين للتصدي لمشروع القانون؟
- فور التصديق على مشروع القانون بمجلس النواب سنطعن عليه في المحكمة الدستورية العليا لمخالفته المادة 29 من الدستور التي تنص بشكل مباشر وصريح على أن الزراعة مقوم أساسي للاقتصاد المصري، وتلتزم الدولة بالحفاظ على الرقعة الزراعية والعمل على زيادتها، وتجريم الاعتداء عليها.

• في حال التصديق على مشروع القانون، من وجه نظرك ما تداعيات ذلك؟
- قيمة بيع القيراط الزراعي الواحد نحو 50 ألف جنيه، وفي حال تبويره وبيعه مباني يتراوح ما بين 300 ألف إلى مليون جنيه، فمهما بلغت قيمة التصالح التي سيقرها القانون سيسعى قطاع عريض من المزارعين إلى البيع، وعليه فور إقرار القانون أتوقع أن تخسر مصر أكثر من مليون فدان من الأراضي الزراعية التي لن تعوض، وحتى قبل التصديق على القانون فبمجرد أن أعلنت الحكومة عن مشروع القانون أستطيع تلمس زوال حالة الردع والخشية لدى المواطنين من البناء المخالف، وسنرى قريبا تداعيات هذا على أرض الواقع.

• إذن ما الحلول التي تقترحها نقابة الفلاحين لحل أزمة المخالفين؟
- مازلنا نطالب بتغليظ العقوبة على المخالفين، وإزالة التعديات على الأراضي الزراعية بشكل كامل وصحيح حتى نتمكن من إعادة زراعة تلك الأراضي من جديد، على أن يتحمل المخالف تكاليف الإزالة فلا يجب التعاطف مع هؤلاء المخالفين لأنهم ارتكبوا جريمة في حق الشعب المصري وفي حق الأجيال القادمة، لا تقل عن الاتجار في المخدرات، وعلى الدولة توفير مساكن للشباب من خلال بناء مدن في الظهير الصحراوي لكل محافظة، تتوافر بها المرافق والخدمات حتى لا يلجأوا إلى البناء على الأراضي الزراعية.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
الجريدة الرسمية