رئيس التحرير
عصام كامل

مستشار هيئة «الطاقة الذرية»: مصر تحقق فائضا من الكهرباء بعد مشروع الضبعة النووي

فيتو



  • الحياة سوف تعود إلى المصانع المغلقة
  • المفاعل من الجيل الثالث.. ونسبة الأمان 100%
أكد إبراهيم العسيري، خبير الطاقة النووية ومستشار هيئة الطاقة الذرية، أن مشروع الضبعة الذي تم الاتفاق عليه بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي يهدف إلى توليد الكهرباء من خلال الطاقة الذرية، فيما يعرف بـ"الطاقة الكهروذرية"، لم يكن وليد عام 2015 ولا العام الحالي، لكنه حلم راود الحكومات المصرية منذ خمسينيات القرن الماضي، حينما أراد الرئيس جمال عبد الناصر تأسيس مفاعل ينتج نحو 300 ميجاوات في منطقة برج العرب بالإسكندرية، وتوقف بسبب نكسة 1967، وكذلك الرئيس السادات حينما شرع في تدشين مفاعل في منطقة سيدي كرير، وتوقف بسبب زج الولايات المتحدة بأنفها في المشروع؛ ما دفع السادات لرفضه، ليتم إحياؤه في عهد الرئيس مبارك، ثم يموت ليصحو من جديد منذ عامين.

وأشار العسيري في حوار لـ"فيتو" إلى أن هذا المشروع سينتج عنه عائد اقتصادي كبير لمصر، مما يجعلها ولأول مرة تستطيع تصدير الكهرباء للخارج، وتعدد مصادر توليدها، وإلى نص الحوار:


• حدثنا عن سبل توليد الكهرباء في مصر في فترة ما قبل تأسيس السد العالي.
- مصر قبل السد العالي كانت تعتمد على محطات الغاز والبترول في توليد الكهرباء، كانت مصادر الكهرباء في مصر محدودة للغاية، قبيل تأسيس السد مباشرة، وبعد تأسيسه أرادت مصر تأسيس محطة تولد نحو 300 ميجاوات في منطقة برج العرب بالإسكندرية، وبعدها توقفت بسبب حرب 1967.

وعند زيارة الرئيس نيكسون لمصر في عهد الرئيس أنور السادات، أرادوا تأسيس محطة في "سيدي كرير" تنتج نحو 600 ميجاوات، ولكن الولايات المتحدة حينها اشترطت الإشراف على إنتاجنا الذري، فرفضت مصر أن تفتش أمريكا على مفاعلاتنا النووية، كون "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" هي وحدها المعنية بذلك، فتوقف هو الآخر.

• وإذا تحدثنا عن مصر قبل السد العالي وبعده.. كيف كانت وإلى أين آلت؟
- قبل السد العالي كنا 30 مليونًا.. عددنا قليل، فالغاز والبترول كانا يكفيان حاجتنا، ولكن بعد تأسيس السد بدأنا في تنويع مصادر الطاقة، ما بين المساقط المائية والغاز والبترول والطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

• هل كانت محاولتا السادات وعبد الناصر هما الوحيدتان لإنتاج الكهرباء بالطاقة النووية، قبل أن يولد المشروع مرة أخرى في نوفمبر 2015؟
- بالطبع لا، ففي ثمانينيات القرن الماضي أرادت الحكومة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، تأسيس مشروعين نوويين في الضبعة، عن طريق فرنسا من خلال مناقصة عامة بأمر من مبارك، وبالفعل تم عقد المناقصة لكنها رست على ألمانيا، زَجَّت الولايات المتحدة مرة ثانية بأنفها في الموضوع مثلما حدث في الخمسينيات، باعتبارنا دولتين متعاونتين، وقدمت مفاعلًا من خلال شركة تابعة لها تسمى "جنرال إلكتريك"، قدموا عروضًا حينها وتم الاتفاق معهم وبعدها توقف المشروع، بسبب حادث انفجار مفاعل "تشيرنوبل" في الحقبة ذاتها "الثمانينيات"، قرر مبارك حينها الإعراض عن الفكرة من أساسها، حتى وُلِدَت من جديد منذ ثلاث سنوات.

• إذا تطرقنا إلى مشروع الضبعة الحديث أو مشروع عام 2015.. هل بالفعل تصل نسبة الأمان فيه إلى 100%؟
- بالطبع، لأن المفاعل من نوعية الجيل الثالث، وهذا الجيل تم إدخال عوامل أمان إضافية له، غير الجيلين الأول والثاني.

• حدثنا أكثر عما يميز الجيل الثالث عن الأول والثاني.
- الجيل الثالث أكثر أمانًا، وكمية الإشعاعات الصادرة عنه أقل بكثير من الجيلين الأول والثاني، فضلا عن كونه من طراز "الماء العازل المضغوط".

• إذن كيف سيصبح وضع مصر بعد مشروع الضبعة النووي؟
- سيصبح لدى مصر فائض غير طبيعي من الكهرباء يمكن تصديره للخارج.. وسنتمكن من تشغيل المصانع المتوقفة عن العمل منذ سنوات بسبب نقص الكهرباء؛ مما سيعود بالنفع على الأيدي العاملة، ولا يمكننا أن نقول إن السد العالي سيفقد أهميته، ولكن ستظل نسبة الـ 1800 ميجاوات التي نستمدها منه إضافة إلى ما سينتج عن مشروع الضبعة.

أوجه الاستفادة من هذا المشروع متعددة ومتشعبة، أولًا: هذه المحطة النووية أقل تأثيرًا على البيئة، ثانيًا: الطاقة أو الكهرباء المولدة من هذا المشروع أرخص بكثير من مصادر الطاقة الأخرى، باستثناء المساقط المائية، يمكن من خلال هذا المشروع أيضًا تشجيع السياحة الداخلية، "الناس المتخوفة من المحطات النووية تروح تشوفها"، ويمكن استخدامها في تحلية المياه.

• ولماذ الضبعة تحديدًا؟
- لأن الضبعة قريبة جدًا من البحر، مكان مفتوح، فضلًا عن أن نسبة الزلازل بها قليلة جدًا، فلا يمكن أن تسبب تهديدًا للمفاعل، وهذا يعد السبب الرئيسي في اختيار الضبعة منذ عهد الرئيس الأسبق مبارك.

• حدثنا عن العوائد الاقتصادية التي يمكن أن تنتج عن هذا المشروع.
- الطاقة الكهربة الصادرة عن المحطات النووية، أرخص بنحو ضعفي الطاقة الشمسية، فيمكننا توفير نسبة 25%، من الطاقة المستخدمة من الشمس، ومن طاقة الرياح التي تفوق طاقة المحطات النووية بثلاث مرات، بالتالي هذه الطاقة ستكون فاتحة خير ووفرة في الكهرباء في مصر، هي أربعة مفاعلات كل مفاعل يحمل نحو 1200 ميجاوات، بما يفوق الـ 4000 ميجا، فمن ثم سنعيد تشغيل المصانع المتوقفة كما ذكرت.

• هناك تخوفات أعقبت خروج الرئيس السيسي بقرار التعاون مع روسيا بشأن تدشين مفاعل نووي في مصر، في نوفمبر 2015.. إلى أي مدى يمكن إثبات صحة هذه التخوفات من عدمه؟
- لدينا أيادٍ عاملة جيدة جدًا، يكفينا قسم الهندسة النووية في الإسكندرية فهو يخرج دفعات قادرة على إخراج مشروع الضبعة النووي في أبهى صوره، أيضًا الجامعة "المصرية – الروسية" تخرج مهندسين نوويين على كفاءة عالية، ومنهم من يتلقون دورات تدريبية في روسيا.

• مصر تعول على روسيا بشكل كامل في هذا الأمر.. حدثنا عن خبرات روسيا في مجال الطاقة النووية.
- روسيا لديها باع كبير في هذا الشأن، فهم لديهم نحو 20 مفاعلًا نوويًّا، تعمل في تركيا والأردن وبنجلاديش.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
الجريدة الرسمية