رئيس التحرير
عصام كامل

علقة ساخنة لتوفيق الحكيم بسبب «بليد وشاطر»

توفيق الحكيم
توفيق الحكيم

في كتاب «توفيق الحكيم يتذكر» الذي كتبه الأديب جمال الغيطاني، جمع فيه مقالات الكاتب الكبير توفيق الحكيم منها مقال تحت عنوان «شاطر وبليد» قال فيه:


لا تعلق ذاكرتي بشيء ذي بال في سنتي الأولى الابتدائية سوى أني عرفت زميلا كان يلعب معي أيام العطلة الأسبوعية، وفي يوم جمعة جاء إلى منزلنا بشارع الخليج المصري يحمل نفيرا كبيرا من مكسورات فونوغراف قديم، صرنا نلعب به.

وإذا بوالدي يقبل علينا في طريق خروجه متكئا على عصاه، فلما رأى زميلي ــــ وكان يصغرني في السن والجسم ــــــ قال له: أنت مع الولد توفيق في الفصل؟

أجاب زميلي بالإيجاب. فسأله هل توفيق مجتهد؟ فما كان من زميلي وصديقي الذي كنت ألاعبه منذ لحظة ويلاعبني بكل صفاء وهناء، إلا أنه قال بكل بساطة: هو بليد لكن أنا شاطر.

عندئذ لم أشعر إلا وعصا والدي قد رفعت في يده لتنهال على جسدي دون سؤال أو تحقيق، ففررت جاريا عاريا واختبأت تحت سريري وتبعني والدي بالعصا وهو يصيح (يا خايب يا تمبل والله لأوريك).

سمع صِياحه من في البيت وأقبلت والدتي وجدتي تسألان عن الخبر، فقال الولد الأصغر منه شاطر، وهو خايب ومش نافع وانحنى يبحث عني بعصاه تحت السرير.

كنت أبصر طرف العصا يلاحقني فأتفاداه وأنا أرتعد من الخوف، ولم أزرف دمعة، ولم أصدر شهقة.. فقد جمدت الرهبة والدهشة كل مشاعري، ولم أبكِ إلا بعد أن ابتعد عني والدي على أثر دفاع جدتي عني وسحبها إياه من عصاه خارج الحجرة.

بكيت لشعوري بالظلم وجاء امتحان آخر العام للنقل إلى السنة الثانية فإذا أنا أنجح منقول بتفوق وإذا زميلي من الساقطين الراسبين، وعجب والدي واعترف أنه ظلمني في ذلك اليوم.
الجريدة الرسمية