أول مهندسة طاقة شمسية بالصعيد: إنتاج مصر من الشمس يمكن أن يغطي 75% من العالم
- 60% من مساحة مصر يجب تغطيتها بالطاقة الشمسية في 2030
- قنا تغيب عنها الشمس لمدة 36 ساعة سنويًا
- هذه المحافظة كنز من كنوز الطاقة الشمسية ولم يستوعبها أحد حتى الآن
- أرفض إقامة مصنع للطاقة الشمسية وأفضل مصنع لاستخراج السيليكون
- "من سمع منا ليس كما رأى" بتلك الجملة بدأت أول مهندسة ومؤسس أول شركة للعمل في مجال الطاقة الشمسية التي تعد كنزا من كنوز مصر تجهل التعامل معها، وتراود الغرب أحلام الحصول عليها.
- بنت الصعيد التي تحدت كل العادات والتقاليد ولم تقف مكتوفة الأيدي عندما رفضت الأسرة عملها كمعيدة بجامعة في القاهرة ورفضت سفرها للعمل في الخارج في مجال الطاقة الشمسية، ووقفت لعمل هذه الشركة التي تعد الأولى من نوعها في مجال الطاقة الشمسية تفترش الأرض وتخرج للحقول في كل نجع وقرية للوصول بفكرتها العمل بالطاقة الشمسية في المزارع والبيوت، وتُناقشهم في فكرة "كيف تصبح الحكومة المصرية مدينة لك وليس أنت المدين".
"فيتو" التقت المهندسة إسراء حمدي محمد أبو العباس مواليد مركز قوص جنوب محافظة قنا، التي استقرت منذ ما يقرب من 14 عاما في مدينة قنا بعد انتهاء عمل والدها في مجال هندسة البناء، فهي خريجة هندسة جامعة 6 أكتوبر لعام 2014 قسم "ميتا ترنكس" حصلت على المركز الثاني على الدفعة وحصلت على منحة الاتحاد الأوروبي بإشراف جامعة جنوب الوادي لدراسة مجال الطاقة الشمسية، وأسست أول شركة للعمل بهذا المجال في صعيد مصر.
*في البداية ما أسباب اختيارك لقسم "ميتا ترنكس"؟
ردت قائلة "إن والدها وشقيقها وأغلب أفراد عائلتها يعملون في مجال هندسة المدني والكهرباء، وكان اختيارها لهذا القسم هو أنه قسم جديد ويجمع بين الميكانيكا والكهرباء والمدني وهذا القسم مجال جديد للإبداع الفكري وليس قسما لحفظ القوانين وتطبيقها فقط.
*هل حالت العادات والتقاليد دون استمرارك في العمل الأكاديمي بالقاهرة؟
حصلت على المركز الثاني على دفعتي وتم تعييني معيدة في الجامعة، إلا أن العادات والتقاليد جعلت الأسرة ترفض استمراري في العمل وقررت العودة إلى قنا، وشعرت وقتها بإغلاق جميع الأبواب في وجهي واسودت تمامًا بعد أن رتبت حياتي على العمل هناك والاستقرار والإعداد لرسالة الماجستير إلا أن العائلة فاجأتني بالقرار وأوقفت كل هذا، ووقتها لم أستطع الحديث للأسرة وبالفعل إلى أن رجعت إلى قنا وكنت في قمة الحيرة لإعادة ترتيب حياتي مرة أخرى بطريقة مختلفة، وهذا الأمر جعلني أعيد النظر وأبدأ من جديد أو ما يقال "نقطة ومن أول السطر" وكانت نقطة الانطلاق من قنا في قلب صعيد مصر وكنت وقتها أعمل بمجال "الديزاين" ولدي ارتباطات بعدة شركات بالإضافة لعملي كمعيدة وعند عودتي بدأت العمل "أون لاين" مع الشركات على النت.
*كيف بدأ حلم الطاقة الشمسية يراود المهندسة إسراء؟
بدأت العمل بمجال الطاقة الشمسية بالصدفة البحتة، عندما ذهبت لإحدى الشركات التي تعمل في هذا المجال للعمل كديزينر، إلا أنني فوجئت بهذا الأمر في اللقاء ووقتها قلت للمسئول عن الشركة "أني لا أعرف شيئًا عن مجال الطاقة الشمسية" وأستغرب كثيرًا وطلب مني الاستمرار في العمل رغم عدم معرفتي بهذا الشأن، وكان هذا حافزا ودافعا لي أن أبحث وأعمل بهذا المجال كثيرًا لأني وجدت نفسي بعد مرور الوقت لم أتعلم شيئًا وطلبت وقتا كي أعيد ترتيب تفكيري واشتغلت على نفسي فترة طويلة جدًا إلى أن جاءت الفرصة التي منحتني الحياة للطاقة الشمسية من جديد.
*ماذا عن حلم السفر الذي ظل يراودك إلى اليونان وإسبانيا وإيطاليا؟
العائلة بسبب العادات والتقاليد رفضت السفر إلى 3 بلدان لدراسة العلم العملي للطاقة الشمسية بشكل أكبر من المنحة المقدمة خاصة أنني أجدت العمل في المنحة وهو ما رشحني للسفر إلى إيطاليا وإسبانيا واليونان ووقتها اشتد الحزن بقلبي لرفض الأسرة السفر إلا أنني لم أجعل هذا العائق يقف أمام سقف طموحاتي وأحلامي، وأكملت مشواري في هذا المجال وتخرجت في المنحة على دراية كاملة بكل تفصيلة في الطاقة الشمسية التي لم أكن أعرف عنها شيئًا، وتمكنت من الربط بين الجزء النظري والعملي.
*حدثينا عن أسرار الشمس الغائبة عن أعين الدولة المصرية؟
أثناء دراسة الدبلومة كنا نمتلك أجهزة لدراسة الشمس ووقتها ذكرت لنا الدكتورة هيدرن من خلال النتائج التي توصلنا إليها في هذه الدراسة إلى أن إنتاج مصر من الشمس يمكن أن يغطي 75% من العالم كله، وقنا وحدها تستطيع إنارة جمهورية مصر العربية بالكامل فقنا تستخرج 1500 وات لكل ميت كواترز وهو ما يعني أن قنا تغطي كهرباء الجمهورية بالكامل، نظرًا لوجود الشمس بدرجة عالية وكانت من المفاجآت غير المتوقعة هي أن قنا تغيب عنها الشمس طوال العام لمدة 36 ساعة فقط، وهذه كانت من الصواعق بالنسبة لي ولفريق العمل جميعًا في الدبلومة وهو ما يعني أن قنا كنز من كنوز الطاقة الشمسية التي لم يستوعبها أحد حتى اللحظة، وكانت هذه أول نقاط تحركي للعمل في هذا المجال واستغلال تلك الطاقة الكبيرة التي نمتلكها ولا نعي قيمتها بالشكل الكافي، وأننا نستطيع التحكم في طاقة العالم بالكامل وللأسف الغرب بدأ يعي ذلك وأعتقد أن هذا سبب رئيسي في حربنا الدائرة مع الخارج أنهم يعرفون ما نجهله نحن.
*ماذا عن تجربة اليونان في مجال الطاقة الشمسية؟
أحد الأساتذة المصريين الذين يعيشون باليونان ذكر أن الحكومة اليونانية جعلت الشعب يفكر في استخدام الطاقة الشمسية، وذلك من خلال توفير 75% من تكاليف تركيب الطاقة والمواطن يتحملها بالتقسيط 25% من باقي أعمال التركيب وهذا يخفف من أعباء الشبكة، وفي بعض البلدان مثل ألمانيا ونيويورك الدولة أصبحت مدينة للشعب، بسبب استخدامهم للطاقة الشمسية بعد أن أصبح الشعب هو الذي يمتلك الطاقة ويقوم بتصديرها للحكومة، على الرغم من أن إنتاج الطاقة في ألمانيا لا يساوي 1،% من إنتاج مصر.
*لم تكتفي بأن تكوني أول مهندسة في مجال الطاقة على مستوى الصعيد بل سعيت لتأسيس وإنشاء فرع لأول شركة تعمل في مجال الطاقة الشمسية في صعيد مصر تعمل في هذا المجال؟
هذه الشركة تم تأسيسها في القاهرة عام 2013 وعرضت الفكرة على أصحاب الشركة لإنشاء فرع لها في أقاصي الصعيد لتكون أول فرع يعمل في هذا المجال وبالفعل قمت بإدارة الشركة من الألف إلى الياء وبدأنا الاتفاق في مارس من العام الجاري وقمت بالعمل في مجال طرق الري الحديثة في المزارع الصحراوية والبعيدة عن العمران واستطعنا تنفيذ 25 محطة ضخ للزراعة بالطاقة الشمسية التي يطلق عليها "وتر بامب" منذ بداية لعمل حتى اليوم في مختلف القرى الصحراوية.
*ماذا عن أهم الصعوبات التي واجهتك أثناء تأسيس فرع الشركة خاصة أن دراسة الطاقة الشمسية غير متوفرة بشكل كافي في مصر؟
واجهتني مشكلة كبيرة جدًا في تكوين فريق عمل الشركة، قمت باختبار أكثر من 150 شخصا عند تأسيس فرع الشركة وبصعوبة وجدت العاملين حاليًا في الفرع الذين أصبحوا يجيدون العمل بشكل احترافي، فضلًا عن أن لدى شبكة تجمع على جهاز الكمبيوتر الخاص بي أتابع من خلالها عمل جميع المحطات في كل مكان وقبيل وقوع أي مشكلة اقوم بالاتصال بالمهندس المختص الذي أوفده إلى المكان وأذكر له نصًا العطل الذي قد يحدث وبالفعل يذهب ويجد ما ذكرته ويقوم بإصلاحه قبيل وقوع أي مشكلة، وأقوم بالمتابعة الدائمة مع جميع المزارعين أو أصحاب المنازل الذين قمت الشركة بتركيب شبكة الطاقة الشمسية لهم.
*ماذا عن كارثة بيع الرمال التي تحتوي 99 و9% من السيليكون في مصر؟
مصر تبيع الرمال التي تحتوي على نسبة 99و9% من السيلكون ونستوردها من الخارج فيما بعد على صورة سيليكون وألواح لتجميع الطاقة الشمسية، وهو ما يعني أن أبيع ثروات بأبخس الأسعار واستورد بملايين الدولارات وأصبح تحت قبضة رفع سعر الدولار وعبد له في بعض الأحيان رغم كل ما أملكه من ثروات تجعلني أتحكم في منتجات وطاقات العالم الخارجي الذي أصبح ينهب ثرواتي بإرادة حرة مصرية وتحت مسمى البيع والشراء والتحكم في أسعار السوق الخارجي حتى الداخلي في مصري، ولذا فإنني أرحب بإقامة مصنع يقوم بالتصنيع من الألف إلى الياء وليس مصنعا للتجميع يصبح صورة مقلدة من مصانع أخرى.
*هل يمكن الاستفادة من هذه الطاقة في المجال الحكومي؟
يمكن الاستفادة من هذه الطاقة في جميع المصالح الحكومية وتشغيلها وبالفعل بدأت بعض المصالح ومنها مديرية التربية والتعليم وجامعة جنوب الوادي التي كانت تمثل نصيب الأسد في هذه المنحة إلى الخارج جزء كبير منها يعمل بهذا المجال، والجامعة تمتلك أدوات تجعل منها مصدرا مهما لدراسة هذه الطاقة، حيث يوجد بها معمل مركزي للدراسة لا يوجد له مثيل في مختلف جامعات مصر، وهذا الأمر قد يجعلنا نصبح مصدر للدراسة ويأتي إلينا دراسون وباحثون في هذا المجال، وبدأت بالفعل في التركيز على هذا المجال من خلال الدورات التي أقوم بتدريسها للطلاب الباحثين في هذا المجال، وبدأت بنحو 50 طالبا وطالبة من كليات هندسة وعلوم، ويمكن إضاءة الكباري وكورنيش قنا وشوارع المدينة بالطاقة الشمسية، ونسعى خلال الفترة المقبلة للدعم الأكبر في هذا المجال من خلال التوعية بأهمية الطاقة في مختلف المجالات.