خبير: طبيعة الفيوم ساعدت على انتشار الرهبنة
اعتنق المصريون المسيحية عند لجوء العائلة المقدسة إلى مصر، وجاهروا بمسيحيتهم أمام أباطرة الدولة الرومانية الوثنية، وكانوا أوائل الصامدين لاهوال (دقلديانوس) عام 284 ميلادية، الذي اغتال أعدادا كبيرة من المسيحيين في حادث الشهداء التي أقيم محله عامود السوارى بالإسكندرية تخليدا لذكراه.
المسيحية في الفيوم
يقول الدكتور نبيل حنظل الخبير السياحي: إن التاريخ سجل دخول المسيحية الفيوم بعد وقت وجيز من دخولها الإسكندرية، ووفد إليها القديس مرقص الرسول أول المبشرين بالإنجيل في النصف الثانى من القرن الأول الميلادى، وعثر على جزء من الإصحاح الثامن عشر من إنجيل يوحنا باللغة القبطية في مدفنة تعود إلى عام 103 ميلادية.
كما عثر بين آثار (كرانيس) بالفيوم، على مسارج ورسومات في الحمام الرئيسى تحمل وحدات زخرفية لها دلالات مسيحية (كسعف النخل والضفادع)، ووجد الصليب مع دفنه أخرى.
ويتابع حنظل، لم يكن الطريق إلى الإيمان بالمسيحية أمنا فواجه المسيحيون الأوائل في الفيوم أهوالا أيام حكم ديكيوس 250 ميلادية، الذي أمر أن يؤخذ من كل مصرى شهادة بأنه قدم الأضحية والقرابين للآلهة الوثنيين، والموت لمن لا ينفذ، وسجلت ذلك برديات وجدت في قرية بطن إهريت (ثيادلفيا) التابعة لمركز أبشواي، في قائمة تذكر أسماء شهداء مسيحيين أوائل، بينهم القديس تاوفلس وزوجته باتريكا وابنهما ماداماليس، لاعترافهم بالمسيح أمام المحاكم.
وتتوالى الاكتشافات لتضيف أسماء شهداء قتلهم الرومان ومثلوا بهم، ولا تزال أديرة وكنائس الفيوم تحتفظ بأجسادهم.
ظهور الرهبنة
ويؤكد حنظل، أن موقع الفيوم وجبالها كان له دور في ظهور الرهبنة، فوفرت الطبيعة المخابئ التي اتخذها الرهبان (قلالى) يقيمون بها، والوديان كانت مسارات بعيدة عن الأعين وأمنت العيون الطبيعية المأكل والمشرب والاحتياجات الرئيسية، مما جعل جبال النقلون مركزا تعليميا للرهبنة وممارسة الاعتزال وشجع على إقامة الأديرة.
الفتح الإسلامي
ثم فتح العرب الفيوم دون مقاومة بعد هروب حاكمها دومنايانوس، وأبقى العرب التقسيم الإداري على حاله وأبقوا على العاملين على ما كانوا عليه فلا يتعرض أحد لدينهم أو كنائسهم وواصلوا تجاراتهم ونشاطاتهم في سلام.
كما أعاد عمرو بن العاص بطريرك المصريين إلى كرسيه، وأعطاه الأمان حين قال (بنيامين بطريرك القبط له العهد والأمان فليحضر آمنا مطمئنا)، فلما حضر قال له "جمع بيعك ورجالك، اضبطهم ودبر أحوالهم.
الأديرة في العصر الأُموي
وفى الفيوم كقر عدد الكنائس، وشهدت انتشار خاصة في قرى الصفا وسنورس والعدوة، بخلاف الملكانيين الذين ليس لهم إلا كنيسة بحارة الأرمن بمدينة الفيوم.
وشهدت أديرة الفيوم ثراء في أواخر العصر الأُموى وزيادة في عددها وزيادة في مساحة الأراضي التي أهديت إليهم واستمرت العلاقة الودية بين المسلمين والمسيحيين وشارك بعضهم في احتفالاتهم.
العصر الفاطمي
وفى العصر الفاطمي كان الأقباط في الفيوم يشكلون جزءا من البنية الاجتماعية، كما أعاد الحاكم بأمر الله ما هدمه الرومان من كنائس، وساهم الأهالي في ذلك، فجدد الشيخ أبو ذكرى كنيسة الشهيد مرقريوس واهتم الشيخ أبو إسحاق إبراهيم "الزقزوق" بتجديد كنيسة العذراء بقريتي فانوس ونقاليفه.