رئيس التحرير
عصام كامل

شريعة لوقا وقرآن الكنيسة.. تعايش وتسامح


استخدمت الولايات المتحدة حق "الفيتو" ومنعت "مجلس الأمن" من اعتماد مشروع القرار المصري نيابةً عن المجموعة العربية بشأن "القدس"، ورغم النجاح الأمريكي في جعل قرار ترامب أمرًا واقعًا، فإن مندوبتها لدى مجلس الأمن (نيكي هايلي) تدرك تمامًا أن تأييد 14 من جملة 15 دولة لمشروع القرار المصري، بينها 4 من الدائمة هي (روسيا، فرنسا، الصين وبريطانيا)، يعني زيادة عزلة الولايات المتحدة بسبب قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل.. من هنا اعتبرت (هايلي) أن "التصويت لإدانة قرار ترامب هو إهانة لأمريكا لن ننساها أبدًا".


وأمام الاستنكار الدولي لاستخدام حق النقض بررت (هايلي) أنها استخدمت امتياز الفيتو دفاعًا عن دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ودورها في عملية السلام.. رافضة الاتهامات بعرقلة قرار ترامب المفاوضات، متهمة مشروع القرار المصري بأنه "يعوق السلام"، وأن أمريكا ملتزمة بحل الدولتين بعيدًا عن "القدس" عاصمة إسرائيل الموحدة.

تزامن "الفيتو" الأمريكي مع إعلان إسرائيلي عن إنجاز وزيرة الثقافة ميري ريجيف بالتعاون مع الأثريين خطة الحفر والتنقيب تحت المسجد الأقصى وفي القدس القديمة بحثًا عن أساسات "الهيكل" المزعوم، ضمن خطة تهويد المدينة وتعزيز الوجود الإسرائيلي والسيطرة التامة عليها.

التحرك العربي الخجول في مواجهة الصلف الأمريكي، واكبه لفتات شعبية قبطية ومسلمة تؤكد حسا وطنيا قوميا عميقا، وأننا اليوم أشد احتياجًا إلى التعايش والتسامح والتكاتف في مواجهة عدو مشترك، انطلاقًا من أن حق المسلمين والمسيحيين في المدينة المقدسة "أبدي وتاريخي".. بدأ الأمر بلقاء ذي مغزى ورسالة في برنامج "فنجان شاي" بفضائية "الحدث اليوم" مع الدكتور (نبيل لوقا بباوي)، أول قبطي في العالم ينال دكتوراه في الشريعة الإسلامية، قال إنه حين كان عضوًا بمجلس الشورى، قرر دراسة الشريعة الإسلامية بعد نقاش مع وزير الأوقاف حينذاك الدكتور (محمود حمدي زقزوق)، وأعد رسالة دكتوراه عن "حقوق وواجبات المسيحيين في الدولة الإسلامية".

وأكد أن الدراسة "توصلت إلى عدم وجود فرق بين الجانبين من ناحية الحقوق وأن الإسلام الصحيح في القرآن والسنة النبوية يقر جميع حقوق الأقباط، ووجود فرق في التطبيق ليس عيبًا بالإسلام، وإنما فيمن يطبق الإسلام". كما تأكد عبر بحثه أن 99% من الأمور بين الإسلام والمسيحية اتفاقية، و1% فقط خلافية تتعلق بالعقائد.

في لبنان اتخذ التضامن الإسلامي المسيحي شكلا فنيا لتوجيه رسالة موحدة إلى من استباحوا "القدس"، حيث استقبلت كنيسة "مار مارون- الجميزة" كورال الفيحاء ضمن مهرجان "بيروت ترنم"، وساد الصمت في الكنيسة حين تلت الجوقة القرآن الكريم وتبعته بـ "أسماء الله الحسنى"، لتضج الكنيسة بالتصفيق إعجابا، وينتشر الفيديو عبر "السوشيال ميديا"، لأنها المرة الأولى التي تستقبل فيها كنيسة لبنانية النشيد الإسلامي، وزيادة في فرادة الحدث فإن مؤلف الموسيقى المصاحبة للنشيد الإسلامي في كورال الفيحاء، مسيحي الديانة.

نجاح تجربة الإنشاد الإسلامي في الكنيسة، أغرت الفنان علاء زلزلي لتسجيل أغنية دينية يطرحها إذاعيًا في الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، ويصبح معها أول مغنٍ مسلم "يرتل للمسيح"، وتعاون فيها مع أفراد أسرته في التأليف والتوزيع الموسيقي.

التحرك الشعبي والفني، إسلامي ومسيحي، لابد من مواكبته بآخر سياسي، خصوصًا بعد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 182 دولة مقابل رفض الولايات المتحدة وإسرائيل فقط على قرار يؤكد حق الفلسطينيين بتقرير المصير.. وعلى العرب البحث عن وسيط سلام محايد وغير منحاز لإسرائيل، بعد فشل أمريكا في ذلك، وفي الوقت نفسه العمل على مشروع قرار جديد لتغيير منظومة أداء مجلس الأمن، التي تتيح لعضو دائم التحكم في إرادة العالم كله، لتمرير قرار جائر مثلما فعلت الولايات المتحدة، لأنها تملك حق النقض "الفيتو".
الجريدة الرسمية