رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا يتدخل الأزهر في الدين و«الشيخ جاكسون»؟


وصلت مشكلة فيلم "الشيخ جاكسون" إلى مراحل متطورة، ولمن فاته الأمر، فهناك محاميان، تقدما في وقت سابق ببلاغ للنائب العام ضد صناع فيلم "شيخ جاكسون" وعلى رأسهم الفنان أحمد الفيشاوي والمخرج عمرو سلامه، بتهمة ازدراء الدين الإسلامي، وذلك بسبب مشهد في أحد الأفلام، يظهر فيه أحمد الفيشاوي وهو يؤم المصلين ثم يخيل له أن مايكل جاكسون قد دخل المسجد وبدأ في الرقص، ليرقص معه المصلون ويتركون الصلاة.


المخرج عمرو سلامة خضع للتحقيق في مكتب النائب العام، وعاد إلى منزله ليجري مكالمة غاية في الأهمية مع "المذيعة" إيمان الحصري في برنامج "مساء DMC"، أكد خلالها عمرو سلامة أنه لا يعرف جدوى عرض الفيلم على جهة دينية مثل الأزهر لتعبر عن رأيها فيه، طالما أنه تم إجازته رقابيًا دون أي مشكلات، وهنا يطرح المخرج "الوسطي الجميل" سؤالًا غاية في الأهمية، ما دخل الأزهر بالدين؟ شيء غريب بالفعل، لماذا يتدخل الأزهر في شيء له علاقة بالدين؟ كونه مؤسسة دينية لا يعني أنه يتدخل في الدين، فالأزهر قد يهتم بالدعاء للمسلمين، أو توزيع وجبات غذائية، أو فتح أكشاك، لكن كيف له ولعلمائه أن يتحدثوا في الدين طالما أن الرقابة أجازت الفيلم؟

ويسترسل عمرو سلامة في كلامه مؤكدًا على صحة موقفه أن الفيلم عُرض في مهرجانات دولية وكان يمثل مصر في الأوسكار، وكأن لجنة تحكيم مهرجان تورنتو كانت مكونة من هيئة كبار علماء الملسمين، أو أن اللجنة التي اختارته لتمثيل مصر في الأوسكار هي لجنة من لجان منظمة التعاون الإسلامي، أو أن الجمهور الذي شاهده وأعجب به هم مجموعة من شيوخ الأوقاف.

شاهدت الفيلم وأعجبتني القصة واستفزني ذلك المشهد دونًا عن الفيلم بالكامل، ليس بالضرورة لأنك قدمت فيلما جيدا أنه بلا أخطاء، خاصة عندما يتعلق الأمر بالدين، فعندما تريد حل مشكلة اقتصادية تأتي بخبراء الاقتصاد، وعندما تريد الفوز بكأس العالم تأتي بمدرب كبير وخبير، وعندما تريد إنتاج فيلم عالمي تستعين بأهم المخرجين، وتطبيقًا لتلك القاعدة، عندما تريد السؤال عن الحلال والحرام في الدين فأنت تلجأ للأزهر، إذا كان هذا لا يغضب المخرج عمرو سلامة.

الفيلم كان جيد كما قلنا، قصة مختلفة وأداء فردي رائع من الأبطال، خاصة أحمد الفيشاوي والرائع ماجد الكدواني، لكن هناك مشهدا مستفزا، قد يمر مرور الكرام على البعض وقد يغضب البعض الآخر، وربما يراه الأزهر مشهدًا عاديًا لا يمثل أي إهانة للدين، وقد يراه الأزهر العكس تمامًا، فليس بالضرورة أن يخرج الأزهر ليهاجم الفيلم بعد مشاهدته، لكن ليس الفيلم هو المهم في الأمر ولا حتى المشهد.

المستفز في الأمر هو كلام المخرج الشاب الذي يستغرب من عرض الفيلم على جهة دينية، فإذا كان هناك بلاغ يتهم فيلم بازدراء الدين الإسلامي وهو فيلم يمس الدين في جزء كبير من أحداثه، فمن يحكم في تلك المشكلة؟ هل نذهب لشيخ الكُتاب في أقرب مسجد يقابلنا؟.. ربما هذا أيضًا لن يُرضي المخرج الشاب.

ملحوظة على الهامش.. خلال الاتصال التليفوني الذي عبر فيه عمرو سلامة عن هذا التصريحات العجيبة، كان على الطرف الآخر من الهاتف واحد من المحامين مقدم البلاغ، الذي قال إن ابنه شاهده الفيلم وأخبره بمحتواه، ليقوم المحامِ بنفسه بمشاهدة الفيلم ليتأكد من كلام ابنه ثم قام بتقديم البلاغ، ثم سألته إيمان الحصري لماذا قمت بتقديم البلاغ دون تشاهد الفيلم؟ ليكرر عليه للمرة الثانية والثالثة أنه شاهد الفيلم بعدما أخبره ابنه بالأمر، لتصر إيمان على موقفها ليقوم المحامِ بإغلاق الهاتف في وجهها.. وأنا كمشاهد لم أرَ أن مجرد إغلاق الهاتف أمر مرضي بالنسبة لي، فقد كانت الحصري مستفزة أكثر من اللازم.
الجريدة الرسمية