في حوار منذ 28 عاما.. أمير قطر السابق يكشف سر تقاربه مع إسرائيل
كشف الكاتب اللبناني طلال سلمان، اليوم الإثنين، أسباب العلاقات التي دفعت قطر للارتماء في حضن إسرائيل، بهدف حمايتها من دول الجوار العربي تحديدا السعودية ونيل الرضا الأمريكي.
وفي مقال بصحيفة "السفير" اللبنانية، جاء تحت عنوان «حوار عتيق مع أمير قطر حمد بن خليفة: واشنطن كبوابة للعبور من الانتماء العربي إلى إسرائيل» نشر عام 2009، أعاد طلال سلمان نشره اليوم على مدونته الخاصة، روى فيه نبذة عن حوار دار بينه وبين أمير قطر السابق حمد بن خليفة، حملت سطوره القليلة أحداثا وقعت في الماضي بين الدوحة والرياض، تعد صورة كربونية لما تشهده المنطقة الآن على خلفية أزمة المقاطعة الحادثة بين الرباعي العربي "مصر والسعودية والإمارات والبحرين" مع الدوحة بسبب دعمها للإرهاب.
وقال سلمان في مقاله، قبل عشر سنوات أو يزيد، تفجرت أزمة سياسية حادة بين «دولة قطر» والمملكة العربية السعودية، بسبب خلاف على منطقة «العيديد» الواقعة على «الحدود» بين البلدين، التي كانت تشكل نقطة الاتصال البري الوحيدة بين قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة.
تفاقم الخلاف بين البلدين الشقيقين اللذين يكاد شَعباهما أن يكونا واحدًا، لأن القبائل فيهما تتحدر من أصول واحدة، فالعائلات أقارب أو أنسباء، والمنبت واحد وإن اختلفت المواقع التي استقر فيها النازحون طلبًا للماء والكلأ.
تبادل المسئولون التهديدات، وساد جو «حربي» في المنطقة التي تختزن أرضها ثروات هائلة، في حين يتفجر شاطئها بثروات أسطورية من الغاز.
فجأة تم تجميد الأزمة بسحر ساحر، وكانت الصورة المعبرة عن الخاتمة السعيدة: مصافحة بين وزير خارجية قطر ووزير خارجية إسرائيل، آنذاك، شيمون بيريز في واشنطن، لتليه في الغد صورة كاشفة للحقيقة تمثل وزير خارجية قطر ضيفًا محتفى به في وزارة الخارجية الأمريكية بواشنطن.
كانت المفاجأة صاعقة، خصوصًا قد تلاها الإعلان عن افتتاح «مكتب تجاري» لإسرائيل في الدوحة، عاصمة قطر.
مستطردا، كنت أعرف أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة، فلقد التقيته غير مرة وهو ولي للعهد، ثم بعد أن خلع أباه ليتولى السلطة رئيسًا للدولة وإلى جانبه صديقه الأثير الشيخ حمد بن جاسم… وكان قدم نفسه كقومي عربي، يرفع في مكتبه صورة للقائد الراحل جمال عبد الناصر، وتكسو صوته رنة حزن حين يتحدث عن تراجع حركة الثورة العربية وعن عودة الهيمنة الأجنبية لتفرد ظلها فوق الأرض العربية.
كنا نحاول، عبثًا، أن نفهم سر هذه الحركة المباغتة التي تكسر محظورًا ظلت القيادات العربية تتجنب كسره خوفًا أو تهيبًا، لا سيما بعد النهاية المأساوية لمغامرة الرئيس المصري السابق أنور السادات في زيارة «دولة العدو»، إسرائيل، وفي التوقيع على معاهدة الصلح معها، وهي التي انتهت ـ مأساويًا ـ باغتياله صباح 6 أكتوبر 1981 خلال العرض العسكري لمناسبة الذكرى الثامنة لذكرى العبور ـ حرب أكتوبر المجيدة في السادس من تشرين الأول 1973.
وباغتني أمير دولة قطر باتصال قال فيه ما مفاده إنه لن يلومني ولن يعتب عليّ مهما قلت فيه هجومًا على فعلته وإدانة لمسلكه، لكنه يطلب أن أزوره لساعات حتى أسمع منه، مباشرة، عذره أو تبريره لهذا الاختراق للمحظور.
ذهبت إلى الدوحة، فعلًا، وجلست إلى الشيخ حمد استمع إليه، قال: لم تكتف السعودية بأرضها التي بحجم قارة، بل طمعت بهذا الشريط الحيوي من أرض إماراتنا الصغيرة الذي يربطنا بدولة الإمارات، وحشدت جيشها، وهددتنا، فخفنا من أن تقدم على مغامرة لا قبل لنا بمواجهة أعبائها، وهكذا فقد توجهنا إلى واشنطن نطلب تدخلها، فأعرضت عنا، قلنا: لعل الأفضل أن نحرجها فنخرجها… وهكذا تحرشنا بإيران، وأرسلت وفدًا كبيرًا إلى طهران فرحبت به قيادة الثورة الإسلامية فيه، وعقدنا اتفاقات، وأطلقنا التصريحات الودية، لكن واشنطن لم تتحرك، فكرنا، وقررنا أن نستفز واشنطن، فأرسلنا وفدًا كبيرًا إلى صدام حسين. لكن الإدارة الأمريكية لم تتحرك… ثم فوجئنا بها تتصل لتبلغنا أن بوابتنا إليها هي إسرائيل، وليس أي مكان آخر، فإن نحن شئنا رعايتها فعلينا أن نفتح الباب لعلاقات جدية مع الحكومة الإسرائيلية!
وختم الشيخ حمد حديثه التبريري بالقول: وبالفعل أرسلت وزير خارجيتي فالتقى شيمون بيريز، وعندما عاد إلى فندقه وجد من يبلغه بموعده في وزارة الخارجية الأمريكية، كانت الرسالة واضحة: بوابة واشنطن إسرائيل، ادخلوها تصلوا إلينا!.