رئيس التحرير
عصام كامل

سابع جار.. نماذج واقعية وتوزيع غير عادل للأخلاقيات «تحليل»

مسلسل سابع جار
مسلسل سابع جار

جدل كبير أثاره مسلسل "سابع جار"، الذي يعرض حاليًا على قنوات CBC، فقد انقسم حوله من شاهدوه ما بين معجب ومتابع للمسلسل ويراه موضوعيًا وواقعيًا جدًا ويمثل المجتمع المصري، وآخرون وجدوا أن المسلسل يدعو للفسق والفجور، حسب رأيهم، ويهدم ثوابت وقيم المجتمع والدين، واصفين الأمر بأنه يشبه دس السم في العسل، وأن النماذج التي يعرضها المسلسل غير حقيقية، لكن في حقيقة الأمر فلا هو مسلسل يصف حال المجتمع بشكل دقيق، ولا هو يدعو للفسق والفجور، فقط التركيبة كانت به جرعة تركيز على "الأسوأ" أزيد من اللازم.


عوامل نجاح المسلسل
في البداية، فإن إثارة المسلسل لهذا الجدل ليس إلا دليل على نجاحه، وهذا النجاح يتوقف على عدة عوامل، منها توقيت عرض المسلسل، فهو توقيت ممتاز ومناسب جدًا، فالموسم الآن هادئ ويستوعب أكثر من الأعمال المعروضة به، بالإضافة إلى ذلك فإن طبيعة المسلسل التي تتحدث عن العائلة والجيرة، وهي نوعية الأعمال التي تجذب المشاهد المصري والعربي عمومًا ويجد فيها دفء وحميمية، والتوقيت لم يكن مناسبًا فقط لأن الموسم هادئ ولكن لأن شهور الشتاء يهتم فيها المشاهد بالتليفزيون أكثر، خاصة العنصر النسائي الذي يقضي أغلب وقته في مشاهدة المسلسلات والأفلام، وبالتالي نسبة مشاهدة أكبر.

قصة مكررة بشكل جديد
فكرة أن تقدم عملًا يتحدث عن جيران يجمعهم بيت واحد وبه شخصيات مختلفة هي فكرة قديمة وتم تقديمها بأشكال مختلفة في أعمال كثيرة سابقة، ولكن إعادة تقديمها كل مرة بشكل جديد يلقى قبولا كبيرا من الجمهور، آخرها كان مسلسل "رمضان كريم" الذي تم عرضه في رمضان السابق، ولكن الفكرة هذه المرة تم تقديمها بشكل مختلف يشبه في طريقة عرضه المسلسل الكوميدي الشهري "ساكن قصادي" الذي قام ببطولته عمر الحريري، محمد رضا، سناء جميل وخيرية أحمد.

ولكن يختلف هذا المسلسل عن "ساكن قصادي" في تعدد وتنوع الشخصيات، بالإضافة لكونه مسلسلا دراميا في حين أن الأول كان كوميدي، وهو ما أعطى "قماشة" أكبر للمؤلف يخرج منها العديد من الأحداث والعلاقات المتشابكة لزيادة عدد حلقات المسلسل التي ستصل لـ 60 حلقة، ولكن هل المسلسل جيد ويعبر عن الواقع أم أنه يسئ إلى المجتمع؟.. في الحقيقة هو يجمع بين الإثنين.

نماذج واقعية
كل النماذج التي ظهرت في المسلسل واقعية جدًا، فالمؤلف لم يأت بهذا الكم من الشخصيات من وحي خياله، فهناك الفتاة التي تذهب إلى منزل صديقها، وهناك من تدخل في علاقة محرمة مع آخر، والأخرى الحريصة البخيلة، والآخر الذي لا يهتم بدراسته، وهناك أيضًا التي لديها مشكلات نفسية مع الزواج، وهناك الزوج الذي لا يرغب في الإنجاب والأخري التي لا تهتم بزوجها، فكل تلك النماذج حقيقية وربما بدرجة أكثر مما ظهرت في المسلسل، وكل الهجوم على الشخصيات التي ظهرت في المسلسل غير مبرر إلا لسبب واحد فقط.. فما هو؟

تركيبة مُركزة
التركيبة التي اختارها المؤلف لم تكن موفقة، فجميع الشخصيات بالمسلسل كوارث متحركة على الأرض، الجميع يسير في الطريق الخاطئ، رجل متزوج ويخون زوجته، وفتاة تذهب لمنزل صديقها، وأخرى تشرب الويسكي والحشيش، وأخرى تحمل سفاحًا، فالجميع مخطئ، حتى من يقدمون النصيحة لغيرهم ضمن الأحداث مخطئين، وبالطبع جميع البشر يخطئون، ولكن لم يكن من الضروري أن تجمع كل هذه الشخصيات التي تشّع تصرفات حمقاء في مكان واحد، على الأقل كان على المؤلف إيجاد شخصيات أخرى بمواصفات، ليست ملائكية، ولكنها على الأقل تمثل الجانب الأخر من العالم، الجانب النقى، الذي يخطئ ولكنه لا يرتكب أفعال حمقاء نتيجتها كارثية.

توزيع غير عادل
أما الخطأ الثاني والأهم الذي جعل البعض يهاجم المسلسل فهو توزيع الأخلاقيات على أبطال العمل، فقد يراه البعض غير عادل ومعهم الحق في ذلك، فالفتاة المتدينة "دعاء" التي ظهرت في المسلسل حريصة وبخيلة، ومعها الكثير من المال ولكنها تبخل على عائلتها، ولا تهتم في حياتها سوى بالزواج، وخطيبها السابق "عمرو سلامة"، الذي من المفترض أنه متدين، طلب مقابلة شقيقته "هبة" ليبدى إعجابه بها ويخبرها بأنه سيترك شقيقتها من أجلها، حتى "نهى" المحجبة، لا تهتم بزوجها وهي السبب في توتر علاقتهما، وهو اتهام للمؤلف بأنه يظهر صورة المتدينين بشكل غير جيد.

وما دعم هذا الاتجاه لدى البعض هو أنه أظهر فتاة مثل "مي" تدخل في علاقة غير شرعية مع جارها وتحمل منها، ولكن أخلاقياتها أفضل، وتحب جميع من حولها ومتسامحة وليست بخيلة وترعى والدتها ووالدها، كذلك إظهاره لشخص مثل "طارق" يدخن الحشيش ويشرب الخمور بأنه ضحية لزوجته.

كما سبق وأشرنا أن كل تلك الشخصيات موجودة في مجتمعنا، ولكن توزيع الأخلاقيات على كل شخصية لم يكن عادلا، وهو ما جعل البعض يهاجم المسلسل، ولكن بالطبع من الظلم أن يتم الحكم النهائي عليه وهو ما زال متبقي في أحداثه نحو ثلثها، لذلك فإن انتظار النهاية ومعرفة مصير كل شخصية سيكون أفضل للحكم عليه، خاصة وأنه بالرغم من أخطائه، فهو لم يظهر به أي مشاهد خادشة أو أحداث بها ابتذال.
الجريدة الرسمية