القاهرة الرياض أنقرة طهران!!
لا تتعجب عزيزي القارئ من عنوان المقال الذي يحمل أسماء أربع عواصم لأهم وأكبر دول عربية وإسلامية، مصر، والسعودية، وتركيا، وإيران، القواسم المشتركة بينهم كبيرة ونقاط الاتفاق أكبر بكثير من الخلاف، ومع ذلك بينهم مشكلات أكبر من مشاكلهم مع الغرب الذي لا يريد لنا الخير، أنا كمواطن مصري عربي مسلم إذا كان ما زال من حقي أن أحلم كنت أتمنى رؤية وحدة تجمع هذه الدول الأربع بدلا من الصراعات، والتكامل بدلا من التنافس، فلا يوجد أي مبرر للتفرقة والوقيعة، فلم يحدث بيننا حروب استخدمت فيها أسلحة دمار شامل أدت إلى سقوط ملايين القتلى والمصابين كالتي حدثت في أوروبا ثم توحدت في كيان واحد، أو مثلما فعلت أمريكا باليابان (قنابل نووية)، أو بحور دماء النازية، أو حرب الإبادة العنصرية في جنوب أفريقيا التي تغلبت على مشاكلها وحولت نقاط ضعفها إلى قوة وأصبحت رمزًا للتسامح في العالم فانطلقت اقتصاديًا وبسرعة الصاروخ.
"مصر والسعودية وتركيا وإيران" تملك كل مقومات القوة والتقدم من موارد اقتصادية متنوعة في كل المجالات، وطاقة بشرية تتجاوز ثلاثمائة مليون نسمة 90% منهم من يعتنقون ديانة واحدة، وبينهم تاريخ مشترك، وأصحاب حضارة، ويمتلكون كل عناصر القوة والرفاهية من الطاقة والعقول البشرية والاحتياطات النقدية والجيوش العسكرية والنهضة الصناعية والثروة السياحية والبحرية والزراعية والتعدينية، وطقسًا مختلفًا، ومساحة تربط بين ثلاث قارات (أوروبا وأفريقيا وآسيا)، فالإمكانيات الاقتصادية لهذه الدول تحتاج مجلدات لسردها، فكل دولة يتوفر لديها ما لا يتوفر لدى الأخرى، والتكامل بينها يجعلها في مرتبة متقدمة على العالم..
إذن ما المشكلة في عدم التكامل والوحدة من أجل خير شعوبهم وكل الشعوب العربية والإسلامية؟
المشكلة معروفة وهي المؤامرة الدولية التي أشعلت نيران الفتنة بين أبناء الدين الواحد الشيعة والسنة، وتغذي هذا الصراع وتشعل هذه النيران كلما هدأت، أو ظهر في الأفق بوادر مصالحة؛ لأن الغرب والصهيونية العالمية مصلحتهم في تأجيج الصراع بين الدول الأربع واستمرار التفرقة والوقيعة بينهم.
الصهيونية العالمية هي التي تصور لنا إيران وتركيا أخطر علينا من أمريكا وإسرائيل، وأردوغان وروحاني أشد خطورة من نتنياهو وترامب، والشيعة أخطر من داعش، وللأسف خطابنا الإعلامي بلع الطُعم وأصبح كله كراهية، يُفرق ولا يجمع، ويحرض على الفتنة ولا يساعد على الوحدة ونبذ الخلافات، القاهرة والرياض وأنقرة وطهران لو كانوا على وفاق ما ضاعت العراق وليبيا، وما دُمرت اليمن وسوريا، وما قُسمت السودان وتاهت لبنان، وما فكرت إثيوبيا في بناء سد النهضة، وما أصبحت منطقتنا مرتعًا للإرهابيين والمرتزقة، ومسرحًا للصراعات والفقر والجهل والمرض، وما جرؤ المعتوه الأمريكي على الإعلان ببجاحة عن ضياع القدس دون أدنى اعتبار لأكثر من مليار وسبعمائة مليون مسلم.
تعاون مصر والسعودية وتركيا وإيران يغنينا عن السياحة الروسية والصينية والإنجليزية، والمعونة الأمريكية، واللحوم البرازيلية، والقمح الأسترالي، والعطف الأوروبي، ولدي شعور بأن مصر تستطيع أن تفعلها كما جمعت الفرقاء الفلسطينيين والسوريين والليبيين السودانيين.
أنا أعلم أن كل دولة وحدها من الدول الأربع لا تستطيع مواجهة الأطماع الغربية، أو الصمود أمام المؤامرات الدولية، ولكنهم مجتمعين يستطيعون عمل الكثير، وسوف يكون لهم كلمة عالية قوية ومسموعة، فهل تستطيع الدول الأربع الانطلاق من المشترك الثقافي والديني والتاريخي والحضاري والاقتصادي وتحقيق طموحاتنا؟
هذه أحلام مواطن مصري عربي مسلم لا يملك سوى الحلم والدعاء لقادة وزعماء هذه الدول بأن يوفقهم المولى تبارك وتعالى إلى نبذ الخلافات مؤقتًا، والتعاون من أجل بلادهم وشعوبهم التي تستحق حياة كلها جودة وسعادة وأفضل من كل شعوب العالم.
egypt1967@yahoo.com