مصر في عصر «النووي»
أخيرًا مصر في عصر "النووي"، فبعد نحو أكثر من نصف قرن تحول المشروع النووي المصري من حلم إلى حقيقة عندما وقع الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي في القاهرة اتفاقًا لبدء تنفيذ المفاعل النووي السلمي بمنطقة الضبعة في محافظة مرسي مطروح..
وبالطبع فإن هذا الحدث سيظل ماثلا في تاريخ مصر، بالنظر إلى أن مصر بدأت مشروعها النووي في عام 1955، حيث تم وقتها تشكيل لجنة الطاقة الذرية برئاسة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وبعدها تم توقيع عقد بين مصر والاتحاد السوفيتي بشأن التعاون في شئون الطاقة الذرية وتطبيقاتها، وفى سبتمبر عام 1956 وقعت مصر عقد المفاعل النووى البحثى الأول مع الاتحاد السوفيتي بقدرة 2 ميجاوات (أُطلق عليه اسم مفاعل أنشاص)، وتقرر في العام التالي تحويل لجنة الطاقة الذرية إلى "مؤسسة الطاقة الذرية"، ودخل مفاعل "أنشاص" العمل في سنة 1961، ورغم أن مصر بدأت مشروعها النووي بالتزامن مع المشروع النووي الهندي، فإننا تعثرنا فيما بعد بينما دخلت الهند نادي القوى النووية.
المهم الآن أن الطموح أصبح أمرًا واقعًا وسيتم البدء في مشروع الضبعة النووي الذي بدأ التفكير فيه عام 1981 قبل أن تجمد مصر المشروع في أعقاب كارثة تشرنوبل النووية عام 1986.
ومن المؤكد أن وجودنا في النادي النووي السلمي سيغير شكل الحياة في مصر في مجالات عديدة، إذ إن إقامة المحطات النووية يضع الدول الوافدة للنادي النووي بين دول العالم المتقدم، ويمنحها مزايا اقتصادية وتكنولوجية. وستكون مصر قادرة على تصدير الكهرباء بالنظر إلى أن قدرات محطة الضبعة النووية على توليد الطاقة الكهربائية تبلغ 4800 ميجاوات، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة حجم الطاقة الكهربائية، وبالتالي توفير طاقة اقتصادية لملايين المصريين، والأكثر من ذلك، زيادة قدرة مصر على تصدير الطاقة في المستقبل، ودعم مكانتها الإستراتيجية التي تستحقها بالمنطقة.
إن مصر الآن على أعتاب عصر جديد، ولابد لكل مصري أن يدعم هذا الإنجاز الجبار الذي إن أحسن استخدامه واستغلاله سنكون قريبًا جدًا في مصاف الدول الكبرى.