تتصدر صف المدافعين.. رصد تاريخي لدور مصر في نصرة فلسطين
التزمت مصر منذ عام 1948 بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وبذلت في سبيل ذلك كل غال ونفيس، ستستمر في الدفاع عن هذه الحقوق بكل صلابة وقوة بحسب حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكرى في العديد من المؤتمرات والمحافل الدولية.
المصالحة الفلسطينية
منذ أن وقع الانقلاب الذي نفذته حركة حماس على السلطة الفلسطينية في عام 2007 وسادة حالة الصراع العربى والإقليمى للحصول في الأراضى الفلسطينية من خلال لعب دور الوسيط في عملية المصالحة سواء على المستوى العربي أو الإقليمي ونظرًا لأن هؤلاء الوسطاء لا يتمتعون بالنزاهة وكل منهم كان يريد تنفيذ أجندة الخاصة في عملية المصالحة كانت جميعها مصيرها الفشل.
أعلنت مصر قبل شهور وساطتها في إتمام المصالحة الفلسطينية الفلسطينية والتي تم تكليلها بالنجاح أمام ترحيب عربى ودولى وإقليمى أيضًا للدور المصرى الفعال ولكن مصر كانت تتمتع بصفة الوسيط النزيه الذي يريد إتمام المصالحة لأجل الشعب الفلطينى نفسه وليس لمصالح القاهرة الشخصية.
تحملت القاهرة عبء المصالحة من البداية والقبول بالجلوس مع حركة حماس الفلسطينية التي تم اتهامها من قبل القضاء المصرى بتنفيذ عمليات معادية لمصر ويتم بشأنها تحقيقات حول تدخلاتها في ثورة يناير، والعمليات التخريبية التي تمت في هذا التوقيت، من بينها عمليات اقتحام السجون المصرية.
لم تنظر مصر إلى الخصومة مع فصيل من الفصائل الفلسطينية ولكن كانت نظرتها أبعد من ذلك وهي تحقيق المصالحة الفلسطينية؛ لتكون بداية حقيقية لتحقيق عملية السلام المزمعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ولم تتحمل أي دولة أخرى على عاتقها الجهد الذي تحملته مصر سواء على المستوى الشعبى من رفض الجلوس مع حماس على طاولة مفاوضات واحدة أو العبء السياسي والاستخباراتي الذي تحملته في هذا الملف.
معبر رفح
يمثل الشريط الحدودي بين مصر وفلسطين خطرًا محققًا للقاهرة نظرًا لتسلل العناصر الإرهابية إلى مصر وتنفيذ عمليات إرهابية أدت إلى استشهاد عسكريين ومدنيين ووسط هذا الأعباء لم تقصر مصر في فتح معبر رفع من حين لآخر لتخفيف الحصار على أبناء الشعب الفلسطينى المفروض عليهم من قبل قوات الاحتلال الصهيوني والسماح بمرور المساعدات الإنسانية والحالات الحركة والزيارات أيضًا ولكن بشكل منتظم حفاظًا على الأمن القومى المصرى بعد تدمير الأنفاق الحدودية بين الدولتين من قبل رجال القوات المسلحة المصرية ولم تقدم أي دولة عربية أو دولية مساعدات لمصر في هذا الشأن.
تاريخ الملك والمفتي
كان اشتراك مصر في مؤتمر فلسطين 1938 نقطة تحول بارزة في سياستها، وأن المؤتمر انعقد على خلفية وقائع ثورة 1936 التي هزت فلسطين وما جاورها من البلدان العربية وكانت بحق ثورة شعبية قادها مفتي القدس الحاج أمين الحسيني وعز الدين القسام وجمال الحسيني ورشيد الحاج إبراهيم وألفرد روك وراغب النشاشيبي وكثيرون من القادة الميدانيين أمثال الشيخ سليمان المحمود الذي كان لاجئًا في مخيم اليرموك في دمشق.
في تلك الفترة خطا الملك فاروق الشاب خطوته الأولى بدءًا من باريس، التي كان الحاج أمين الحسيني مختبئًا فيها بعد أن هرب من العراق إلى إيران ثم تركيا فإيطاليا ثم ألمانيا حيث انتهت الحرب العالمية الثانية بخسارتها.
كان السفير المصري في باريس محمود فخري باشا نسيب الملك يحاول العثور على الحاج أمين والتقاه فعلًا ليخبره بأن الملك فاروق يرحب به في مصر، عندها استطاع مفتي القدس أن يتدبر أموره ويصل إلى مرسيليا ثم يستقل منها باخرة إلى الإسكندرية رغم محاولة عملاء الوكالة اليهودية خطفه، وهكذا حلّ الحاج أمين الحسيني ضيفًا على الملك في مزرعته بأنشاص، ثم دعا الملك نفسه إلى أول قمة عربية في المزرعة نفسها، وكانت بداية لأول عمل عربي مشترك يتصدى لما يجري في فلسطين، في هذا المؤتمر رحب الرؤساء العرب بمفتي القدس حتى أن الملك عبدالله ملك الأردن لم يبد اعتراضًا في البداية رغم أنه قال بعدها عنه : إن هذا الرجل لم يظهر في بلد إلا وحلّت المصائب فيه، تصدى لثورة فلسطين ففشلت الثورة، خرج إلى العراق فقامت فيه حركة رشيد عالي الكيلاني وضربها الإنجليز، خرج إلى طهران فإذا رضا خان يفقد عرشه، وينفى إلى جنوب أفريقيا، ثم ذهب إلى إيطاليا فسقط موسوليني، وتوجه إلى برلين فإذا الجيش الألماني يهزم، وهتلر يضطر إلى الانتحار.
ومع أن في هذا القول من التجني على المفتي إلا أن الملك فاروق سارع إلى الدفاع عنه قائلًا إلا أنه جاء إلى مصر ولم يحدث فيها شيء، لكن الملك عبدالله أجابه قائلًا: يابني لقد جاءتها الكوليرا ، منذ ذلك الوقت كان واضحًا التأثير العربي لمصر والذي أبرز يومها إرادةً عربية موحدة.
شروط مصر
ويعد تاريخ القضية الفلسطينية حافلا بالدعم العربى والإقليمى عن طريق المساعدات الإنسانية أو دفع حصة كل دولة عربية لصندوق القدس، لكن كان لمصر الحمل الأكبر في هذه القضية مؤكدة أنه لا يمكن أن تتحقق أي تسوية شاملة وعادلة ونهائية للصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي إلا على أساس حل الدولتين، على أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية القدس الشرقية، ولا يمكن أن تتم هذه التسوية إلا بمفاوضات سياسية، يرعاها المجتمع الدولي بنزاهة وأمانة، بكل ما يعنيه ذلك من ضرورة الالتزام الصارم بمقررات الشرعية الدولية، والرفض القاطع لأي محاولة للالتفاف عليها وإقرار الأمر الواقع بالقوة.
ومنذ إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن نقل سفارة واشنطن للقدس واعتبار القدس عاصمة لدولة الكيان الصهيوني اكتفت جميع الدول بالتنديد والشجب وبالطبع المنظمات العربية الحكومية وغير الحكومية كما أنه يوجد دول عربية تقع في دائرة الشبهات والشائعات بشأن اتفاقيات تمت من تحت طاولة المفاوضات السرية مع الإدارة الأمريكية ولكن تكاد تعد مصر الدولة الوحيدة التي تتحدث بشأن القضية الفلسطينية بشكل عام وأزمة القدس الأخيرة بشكل خاص، في السر والعلن بنفس الطريقة وأسلوب المعالجة.
وجاءت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة الإسلامية في إسطنبول أمس والتي ألقاها نيابة عنه سامح شكرى وزير الخارجية حاسمة في هذا الأمر لتؤكد ثبات الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية برمتها ولكن أراد الوزير أن يلمح لقادة الدول الإسلامية أن هذا الأمر يتطلب مساندة عربية ودولية وإقليمية خاصة في هذه الأزمة لمواجهة التصرف الأمريكي المنفرد والتعامل الإسرائيلى المخالف للقوانين والأعراف الدولية تجاه الشعب الفلسطيني قائلًا: "مصر ستكون في طليعة كل تحرك عربي أو إقليمي أو دولي لدعم وتثبيت هذه الحقوق، وإبطال أي محاولة للالتفاف عليها".