التجارة بالقدس
أولئك الذين كانوا يهتفون دائما "خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود" و"يا أقصانا لا تهتم راح نفديك بالروح والدم" ثم شاهدنا الآلاف منهم عند انتخابات الرئاسة التي نجح فيها مرسي المأسوف على رئاسته، أقول شاهدناهم وهم يهتفون "على القدس رايحين شهدا بالملايين"! وعبر سنوات مضت عاش شباب الإخوان المغيب الذي شوهوا مشاعره، وهو غاضب وحانق على هذه الأنظمة العربية الكافرة التي لا تحب الإسلام ولا تهتم بفلسطين ولا تحفل بالمسجد الأقصى، وحين كان غضب هؤلاء الشباب يشتد يزداد حنقهم على هذا النظام المهادن لإسرائيل، والذي يسير طوعا لأمريكا فلا يفتح باب الجهاد، وحين قام شاب إسرائيلي إرهابي متعصب بقتل عدد من المصلين في المسجد الإبراهيمي بالقدس عند صلاة الفجر عام 1994 خرجت مظاهرات الإخوان في كل مكان، وهي تصب جام غضبها على مبارك العميل، الذي لا يسمح لهم بالدفاع عن أولى القبلتين.
وراحت الأيام وجاءت الأيام، وأصبح الإخوان حكاما ونظاما ورئيسا، فإذا الأقصى الذي كانوا يبكون من أجله غائب عن قلوبهم ومشاعرهم، لم يقف أحدهم صارخا أو هاتفا، كلهم نسوه ولم يعودوا يذكرونه في الحياة، والكل يدفن في ظلال الحكم حتى المقدسات، وفاتهم أن يطالبوا مرسيهم بفتح باب الجهاد، وتوالت الأحداث ويكتب مرسيهم رسالة حب مفعمة بالمشاعر لصديقه الحميم شيمون بيريز، فلا يستنكر أحد من شبابهم المغيب هذا الفعل القبيح، ويلتمس الأعذار لمن قدم فروض الطاعة والصداقة لإسرائيل، بل إن البعض اعتبرها حنكة سياسية، بمعنى أنها حين كانت تصدر من مبارك كانوا يعدونها خيانة، وحين تصدر من مرسيهم فهي الذكاء والألمعية.
ويخرج عصام العريان على الهواء ليطالب يهود مصر الذين هاجروا لإسرائيل بالعودة مرة أخرى، ويقول كلاما كارثيا بأن هؤلاء الإسرائيليين لهم ثروات في مصر يجب أن يستردوها! لم يقل العريان هذا الكلام بحسبه ناشطا سياسيا، ولكنه قاله باعتباره أحد الذين يحكمون مصر، فشاء الله أن تنكشف جماعة الإخوان وينزل الستار على المسرحية التي كانت تقودها ضد إسرائيل، واتضح أنها كانت مجرد مسرحية خادعة، وخلف الكواليس كانوا يتبادلون القبلات، وما خفي كان أعظم.