رئيس التحرير
عصام كامل

الإدارية العليا تعيد للدولة 21 مليون جنيه وتبطل حكم تحكيم صادر ضدها

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

قضت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع بقبول الطعن المقام من "الحكومة" بإلغاء حكم هيئة التحكيم بالقاهرة، الصادر لصالح إحدى الشركات ضد الدولة بـ21 مليون جنيه وإعادتها للدولة، وألزمت الشركة المطعون ضدها بالمصروفات، وأيدت طلب هيئة قضايا الدولة في المطالبة ببطلان التحكيم.


وقالت المحكمة برئاسة المستشار يحيى خضرى نوبى وعضوية المستشارين ناصر رضا عبد القادر ونجم الدين عبد العظيم والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وعبد النبى زاهر نواب رئيس مجلس الدولة: إن المشرع في القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم الاختياري نهج منهجًا ينبئ عن الالتزام بالمبادئ الأساسية، لضمانات التقاضي في تنظيمه لأحكام البطلان على حكم التحكيم التي تقتصر فحسب على حالات البطلان التي قد تشوب حكم التحكيم.

وأشارت إلى أن هذه الحالات تدور في مجملها حول بطلان الاتفاق على التحكيم، أو عدم صحة إعلان الخصوم أو مخالفة تشكيل هيئة التحكيم للقانون أو إذا فصل حكم التحكيم الإجباري في مسألة بخلاف المسألة محل النزاع، أو إذا وقع بطلان في حكم التحكيم أثر فيه كحكم قضائي، أو إذا شاب حكم التحكيم أو إجراءاته عيب جسيم يمثل إهدارًا للعدالة يفقد الحكم مقوماته، أو إذا برز من الأوراق ما يقطع بأن حكم التحكيم شابه عوار صارخ نال منه كحكم قضائي ودفعه إلى دائرة البطلان بمدارجه المختلفة ليكون كالعدم سواءً بسواء.

وأضافت المحكمة إن المشرع في أحكام القانون رقم 12 لسنة 1977 بشأن إصدار نظام المنطقة الحرة لمدينة بورسعيد اتجه صوب غايات سامية مناطها النهوض بالتجارة المحلية وتوفير خدماتها والارتقاء بمستوى الاستثمارات الداخلية وتشجيع الخارجية منها وتسخير سائر الإمكانيات المادية والمعنوية في سبيل تعزيز فرص الاستثمار وترسيخها كركن أساسي من اهتمامات الدولة ومحورًا جوهريًا لها.

وأكدت أنه انطلاقًا من هذه الغايات فقد استلزم المشرع إن تحديد سلطة إدارة المنطقة الحرة لمدينة بورسعيد  بمجلس إدارة يشكل من محافظ بورسعيد رئيسًا وعدد من الأعضاء، ثم أوجب اعتماد قرارات المجلس من الوزير المختص حتى تكون نافذة، والوزير المختص في مفهوم هذه المادة هو وزير الاستثمار.

واضافت المحكمة  أن موضوع التداعي يتعلق بإنشاء وتنفيذ مشروع القرية المصيفية (رقم2) وهو يندرج ضمن جملة المشروعات التي تتجه تطلعات المنطقة الحرة إلى تحقيقها والاستفادة منها وتحقيق مآربها في التنمية العمرانية من خلالها وتستلزم موافقة من الوزير المختص على المشروع ككل حتى تصير صحيحة مكتملة أركانها القانونية.

وقالت :"ولا مراء في إن شرط اللجوء إلى التحكيم في هذا المشروع يستقيم من المسائل المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالموافقة على المشروع ككل كارتباط الفرع بالأصل باعتبار إن شرط التحكيم نُص عليه في بند من البنود الواردة في صلب التعاقد المنشئ للمشروع وبالتالي فإن ما يسود الموافقة على المشروع من أحكام يسود ويهيمن أيضًا على مسألة اللجوء إلى التحكيم الوارد في عقد هذا المشروع".

 وأشارت المحكمة إلى أنه إذا كانت مسألة اعتماد الوزير المختص لقرارات مجلس الإدارة بالموافقة على المشروع تستقيم أمرًا وجوبيًا بحكم القانون فإن هذه المسألة  تنسحب أيضًا على تضمين العقد الخاص بهذا المشروع شرط اللجوء إلى التحكيم وتضحى أيضًا بحكم اللزوم أمرًا وجوبيًا.

وقالت :" ترتيبًا على ذلك لا يجوز التعويل على هذا الشرط إذا جاء أجوفًا خليًا من اعتماد الوزير المختص متجردًا منه فلا يستقيم صحيحًا مستوفيًا سائر دعائمه وأركانه القانونية إلا إذا كان متوجًا بهذا الاعتماد مستظلًا بظله فإذا لم ينصب على شرط التحكيم اعتماد صادر من الوزير فقد صار مهاجرًا موجبات صحته وبات البطلان قرينه".

وأوضحت المحكمة أن مسألة استئثار الوزير المختص وحده دون مجلس الإدارة بسلطة الموافقة على شرط التحكيم في العقود الإدارية التي تبرمها المنطقة الحرة ببورسعيد أمرًا مقطوعًا قانونًا، وهذا المنحى يعاضده ويعززه نص الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون التحكيم التي تنص على إنه "وبالنسبة إلى العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة ولا يجوز التفويض في ذلك .

واشارت إلى أن المشرع في هذا النص فطن إلى مبلغ أهمية تضمين العقود الإدارية بندًا يفيد ولوج طريق التحكيم عوضًا عن اللجوء لمحاكم مجلس الدولة في حالة نشوب نزاع مع المتعاقد مع الجهة الإدارية وأدرك عظيم الأثر المترتب على هذا الطريق فلم يرتض لسلطة أخرى غير الوزير بديلًا لاعتماده ولم يحرر الجهات الإدارية من ربقة هذا الاعتماد الوزاري إلا في الجهات ذات الشخصيات الاعتبارية العامة التي يتولى اختصاصاتها مسئول يملك اختصاصات الوزير، وهذه المسألة الأخير غير متحققة بالنسبة لمجلس إدارة المنطقة الحرة ببورسعيد وتنوء عن حملها اختصاصاته بحسبان إن مجلس الإدارة لا يتولى اختصاصات الوزير على استقلال فقراراته تستلزم اعتماد لاحق من وزير الاستثمار

وقالت :" جفت الأوراق وشحت الدلائل عن ما يفيد اعتماد الوزير المختص وهو وزير الاستثمار على اتخاذ اللجوء إلى التحكيم سبيلًا في فض النزاع الذي ينشأ بين الطرفين قبل انعقاد العقد أو حتى بعده وجاء توقيع محافظ بورسعيد على هذا النحو دونما اعتماد من وزير الاستثمار يظاهره،  فمن ثم فأن البند المذكور – دون باقي بنود العقد – جاء باطلًا فيما تضمنه من الاتفاق على التحكيم لافتقاده إجراءً جوهريًا".

وأضافت أنه ترتيبًا على ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه إنه صادر من هيئة التحكيم نزولًا على البند المذكور فمن ثم أضحى الحكم الطعين باطلًا عملًا بحكم الفقرة (أ) من المادة (53) من القانون رقم 27 لسنة 1994 المشار إليه لصدوره بناءً اتفاق تحكيم باطل، الأمر الذي لا تجد معه المحكمة بدًا من القضاء بإلغائه.
الجريدة الرسمية