رسالة إلى قداسة البابا تواضروس!!
في البداية نتقدم بالتهنئة مرتين لقداسة البابا تواضروس، الأولى لسلامة العودة من ألمانيا بعد رحلة علاج ناجحة، والثانية على قراره الحكيم برفض استقبال نائب رئيس الدولة الاستعمارية الكبرى راعية الإرهاب في العالم، كما سبق وفعل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ومن قبلهما الموقف الرسمي الرافض للقرار الأمريكي، وبذلك تكتمل رسالة مصر الرسمية والشعبية وغضب المصريين (مسلمين ومسيحيين) من قرار الشيطان الأكبر بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة.
رسالتي إلى قداسة البابا تواضروس اليوم تتعلق بمستشفى "راعي مصر" في المنيا.
قد لا يعلم قداسته أن الطريق الصحراوي الشرقي من حلوان حتى أسوان ولمسافة ألف كيلو أو يزيد يعتبر من أكثر الطرق المصرية في معدلات الحوادث وضحاياه بالآلاف (قتلى ومصابين) وهو يعتبر من طرق الموت، ولا توجد عليه مستشفى واحد لنجدة المصابين حتى لا ينتقلوا إلى صفوف القتلى، ومن هنا جاءت أهمية إنشاء مستشفى "راعي مصر" والتي بدأت بفكرة لبعض المخلصين من أبناء الوطن وتحولت إلى حقيقة واختاروا مدينة بني مزار بمحافظة المنيا مقرًا له، وهو على بُعد مائتين وخمسين كيلو من القاهرة بمنطقة تكاد تكون الأفقر صحيًا وماديًا في مصر.
لقد شرفت بزيارة المستشفى مع نخبة من الزملاء الإعلاميين وهي تقع في دائرة قطرها 50 كيلو بها ثلاثة مستشفيات حكومية لا تعمل منذ سنوات؛ بسبب أعمال التجديد التي لا تنتهي لضعف الميزانية، مستشفى "راعي مصر" يشمل كل التخصصات وتم تجهيزه بأحدث الأجهزة، مساحته 11400 متر على سبعة طوابق، وطاقته 211 سريرًا، 19 عيادة للكشف والأشعة وبنك للدم وصيدلية، 13 سريرًا للطوارئ 24 ساعة طوال الأسبوع، يتضمن المستشفى أيضًا 23 حضانة أطفال، 24 وحدة غسيل كلوي، 7 غرف عمليات 52 وحدة رعاية مركزة فائقة للأطفال والكبار والقلب، كل هذه الإمكانيات لا توجد في أي مؤسسة طبية حكومية بالصعيد، والقيمة الفعلية للمستشفى حاليًا تتجاوز نصف مليار جنيه (500 مليون) كلها تبرعات أهل الخير من المصريين في الداخل والخارج..
"العلاج بكرامة" هو شعار المستشفى الذي سيخدم ملايين المواطنين الفقراء في صعيد مصر بالمجان، ويوفر لهم آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وهناك نخبة كبيرة من أبناء مصر في الخارج المتميزين في كل التخصصات الطبية مستعدون للمشاركة بالمجان في علاج المواطنين فور تشغيلها، المستشفى تعتبر مفخرة علمية تؤكد أن مصر بخير، وسوف تظل كذلك لأن فيها الملايين الذين يعشقون ترابها ويعملون في صمت دون صخب وضجيج أو انتظار لأي مقابل، وكما أن هناك مجرمين يريدون لنا الموت فهناك ملائكة رحمة يهبون لنا الحياة.
يا قداسة البابا المستشفى جاهز للافتتاح منذ شهور، ولكن علمت أن هناك بعض الخلافات في الكنيسة هي السبب في تأخير التشغيل، وهذه الخلافات هي التي جعلت وزارة الصحة ترفض إنهاء التراخيص، وكل يوم تأخير يساوي وفاة مواطنين أو تدهور صحتهم أو زيادة عدد ضحايا حوادث الطرق لبعض أهالينا في هذه المنطقة الفقيرة؛ لأنه يأتي إلى القاهرة لإجراء أبسط العمليات الجراحية مثل قسطرة القلب التشخيصية أو إزالة مياه بيضاء من العين وزرع عدسة، وتشغيل المستشفى سوف يرحمهم من معاناة السفر والمرض.
أتمنى من قداسة البابا تواضروس وبحكمته المعهودة سرعة حسم هذه الخلافات حتى توافق وزارة الصحة على ترخيص المستشفى، وتحقيق حلم أهل الصعيد في العلاج والعمل..
وللقائمين على هذا الإنجاز الضخم أقول لهم سوف يكرمكم الله في الدنيا ويجعله في ميزان حسناتكم يوم القيامة فليس هناك أفضل من مساعدة الفقراء والمحتاجين وتخفيف آلامهم "والطبطبة عليهم" في هذا الزمان، وفي ظل الظروف الصعبة التي تعيشها بلدنا الحبيب، ولتحيا مصر بالعمل والإخلاص.
egypt1967@yahoo.com