رئيس التحرير
عصام كامل

ارفعوا أياديكم عن الشأن السورى (1 - 2)


يا عابدَ الحرمين لو أبصرتْـَنا ... لعلمتَ أنَّكَ فى العبادةِ تلعبُ
مَنْ كانَ يخضبُ خدَّه بدموعِه ... فنحورنُـا بدمـائِنا تَتَخْضَبُ

لو رأيتم ما رأيت فى سوريا، لو عشتم ما يعيشه أهلكم هناك، لو جربتم انقطاع الكهرباء والماء لشهور، لو جربتم الغلاء مع عدم توافر المال، لو شاهدتم الأحياء الأموات، لو جلستم لأيام فى الخوف والزعار وهدير الطائرات، وأصوات القنابل والصواريخ وأزيز الرصاص، لو جربتم أن ينفجر بالقرب منكم جرّة غاز، وليس القنابل العنقودية والفراغية والبالستية وهى تُدمر الحارات، وتقتل الأطفال والنساء والولدان، وكان لكم حظ البقاء.


لو شاهدتم الجثث المُفحمّة على الطرقات والأنهار، لو عرفتم ما تفعله عصابات آل الأسد بالمختطفين، لو لامستم قلوب الآباء المُعذبين، وهم يرون ذبح أولادهم بالسكين والساطور وفقئًا للعيون وبقرًا للبطون من عصابات وشبيحة آل الأسد، لو سمعتم أنّات الأرامل، وبكاء اليتامى ودعاء المُستغيثين، لو كنتم ساكنين فى منطقة وضُرب حولكم الكيماوى كما حصل معنا بالقرب منّا فى منطقة الشيخ سعيد.

لو عشتم القلق الذى يعيشه الثوار للدفاع عن الأرض المحررة والأعراض، لو رأيتم العويل المنبعث من كل دار، لو رأيتم التصميم على النصر مع كل هذه المآسى وأنتم لا دمّ لكم ولا وازع ولا ضمير، وأنتم لا تُبالون، لشعرتم ما أنتم عليه من الخزى والعار وقلّة الدين والمروءة.

وكم هو هذا العالم منحط، وهو لاه، عن الشعب السورى المظلوم، وشاغل نفسه بالمباريات ورؤية الأفلام، وكل جديد من الأغانى وآخر صيحات العصر الخُرائية.

حتّى رجال الدين مسلمين ومسيحيين هم فى غير واد سارحون، وخطباء المساجد فى مصر على سبيل المثال فى معظمها لا علاقة لها بالشأن السورى، وكأنها قد أُعطيت الإشارة بالامتناع عن أى حديث يقترب من سوريا كى لا يتألب الرأى العام على الجانب الرسمى.

رغم تحرشى ببعض الخطباء وحثهم للحديث عن سوريا ولا حياة لمن تنادى، ومثلهم فى باقى البلدان، ولكن ما يُزعجنا أكثر هو الادعاء بالوقوف والاهتمام بالشأن السورى، وهم يبيعوننا ويشترون بنا فى سوق النخاسة، ويرمون لنا القشور لكى نتزحلق بها لا لكى تُغطى ماء الوجه المهدور فحسب.

وكما هو الشأن فى مصر مع الجانب الرسمى والحزبى المخزى ولذلك نقول للرئيس المصرى محمد مرسى سيدى الرئيس محمد مرسى حفظكم الله لبلدكم وأمتكم، ارفعوا أياديكم عن الشأن السورى لا دخل لكم فيه، وأريحونا من تعبكم وانشغالكم فينا، فنحن فى غنىً عنكم ولا حاجنا الله إليكم.

فما من أحد منّا إلى يومنا هذا يعرف مبادرة الرئيس مرسى، سوى رءوس أقلام لا تُسر الناظرين، وهى تعمل كالمعول فى أرواح السوريين، فهل هى مبادرة حقا ومُحددة الزمن؟ أم هى من عالم الأوهام لإطالة المحنة على السوريين؟!، وهل أحد من السوريين بات يثق بالجانب الرسمى المصرى؟ 

والتسائل الآخر: لم لا يكون لنا نحن أصحاب الشأن كسوريين رأى أو كلمة أو حضور، ولما لم نُستشار، ونحن لا نُريد أحد أن يتكلم باسمنا، وللعلم أن مبادرة الرئيس مرسى تنص على "تكوين مجموعة دولية عربية إقليمية من مصر والسعودية وإيران وتركيا لكى تتباحث الدول الأربع فى كيفية تمكين الشعب من أن يدير شأنه بنفسه ليقف هذا النزيف.. نزيف الدم".

نعم سيتوقف نزيف الدم بالتمنى، مع العلم أنّ السعودية مسحوبة من يومها، ومصر أثبتت مؤخراً أنها متوافقة مع الموقف الروسى بالمضمون والجوهر كما جاء على لسان الرئيس المصرى عقب مباحثاته التى تمت مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين كما قال: إن القضية السورية استحوذت على جانب كبير من المباحثات التى تمت مع الإدارة الروسية، وأكد على أنه يقدر كل التقدير الموقف الروسى من الثورة السوريا والذى لا يختلف بشكل جوهرى عن موقف مصر. 

والموقف الروسى اليوم يُحيلنا إلى اتفاقية جنيف فى بقاء بشار وعصابته وبقاء الأمور مشلولة، فأين صارت تلك الاتفاقية ومدى جدّيتها، ومتى سيتباحث المعنيون من الدول وإلى أى قرار سيصلون، وكيف سيتم جمعهم؟ وعلى أى رأى سينزلون والتناقض بينهم كبير، أم هى ملهاة على حساب الدم السورى؟ أليس كذلك.
الجريدة الرسمية