«تليجراف»: قرار ترامب فجر خلافات الحرس الفلسطيني القديم
قالت صحيفة "تليجراف" البريطانية، إنه على مدى 20 عاما، طارد صائب عريقات، كبير مفاوضي السلام الفلسطيني، حلم الدولتين بين فلسطين وإسرائيل، والأمل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأشارت إلى أنه تابع ذلك الحلم في البيت الأبيض مع أربعة رؤساء أمريكيين مختلفين، إلى أن عثر عليه في مفاوضات سرية وعامة مع مفاوضين إسرائيليين واجهوه بشدة، ودفع عنه أمام الفلسطينيين المشككين في شوارع أريحا.
ولكن في الدقائق التي تلت إعلان دونالد ترامب باعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، وقف عريقات أمام الكاميرات، وقال إن حلمه قد مات، وأضاف: «لسوء الحظ فإن الرئيس ترامب دمر تماما إمكانية قيام دولتين».
وأدى القرار الأمريكي بشأن القدس إلى تحطيم أمل عريقات وغيره من أعضاء "الحرس القديم للقيادة الفلسطينية"، ما تركهم متشككين وغير متأكدين إلى أين يقودون شعبهم في المستقبل.
وكان جيل من كبار القادة الفلسطينيين بقيادة محمود عباس، البالغ من العمر 82 عاما، وضعوا حل الدولتين أمامهم باعتباره "نجمة الشمال".
وأشارت الصحيفة إلى أن القادة تجاهلوا دعوات "العنف" في الشوارع ورفضوا الخطط الرامية للترويج لمقاطعة دولية ضد إسرائيل، ويصرون على الاعتقاد بأنهم إذا تعاونوا مع الولايات المتحدة وبقوا على طاولة المفاوضات، فإن الأمريكيين سيضغطون على إسرائيل للسماح بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
وقالت ديانا بوتو، المحامية الفلسطينية الكندية التي كانت يومًا مستشارة قانونية لـ"عباس"، إنه لم يتوصل لشئ على مدار 25 عامًا من المفاوضات.
وانتخب "عباس" المعروف شعبيًا بـ"أبو مازن" رئيسا للسلطة الفلسطينية عام 2005، بعد وفاة ياسر عرفات، ولكنه رجلًا هادئا يدخن بشدة ولا يملك كاريزما عرفات.
وزعمت الصحيفة أنه بينما كان عرفات يخطوا ذهابًا وإيابًا بين أعمال العنف ومحادثات السلام "البندقية وفرع الزيتون" كما وصفها، حرص "عباس" بشدة على المفاوضات وأمر قواته بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي بدلا من محاربته.
وتسبب عدم إحراز أي تقدم حقيقي في المفاوضات خلال السنوات الـ 12 التي قضاها في السلطة، في التأثير بالسلب على شعبيته، ووجد استطلاع رأي أجري في سبتمبر الماضي أن 67% من الفلسطينيين يطلبون استقالته.
وأشارت إلى أن الفجوة بين القائد وشعبه واسعة للغاية، وخاصة بالنسبة للشباب، والذين ولد كثير منهم بعد أن ساعد "عباس" في التفاوض على اتفاقات أوسلو 1993، ولكنهم لا يشعرون بالاستفادة منها بعد.
ونقلت مشهد شاب فلسطيني يبلغ "15 عامًا" في بيت لحم، سخريته من "عباس"، بعدما كان قبل دقائق يلقي الحجارة على القوات الإسرائيلية بمواجهة الغاز المسيل للدموع، وتوقف لتناول بعض المعجنات وشرب زجاجة حليب: "يجب أن يرحل أبو مازن، فهو مع الاحتلال وليس مع الشعب".
وفي حين قال "عباس" ورجاله أن الولايات المتحدة حرمت نفسها من العمل كوسيط في محادثات السلام، فإنه من غير الواضح أن لديهم خطة حول الخطوة التالية، وكثيرا ما يقول المسئولين أنهم سيتجهون إلى الصين أو روسيا أو الاتحاد الأوروبي كوسيط في محادثات الدولتين، ولكن على المدى القصير على الأقل، لا يوجد سوى الولايات المتحدة التي تملك النفوذ لإجبار الإسرائيليين والفلسطينيين على التفاوض الجدي.
ومن المحتمل بحسب الصحيفة، أن الحرس القديم قد يذهب إلى فكرة تحظى شعبية متزايدة لدى الناشطين الفلسطينيين من الشباب، وهو السعي إلى حل الدولة الواحدة، بدلا من الكفاح الدولي من أجل دولة خاصة بهم، يشنون صراعا للحقوق المدنية ويطلبون بالمواطنة في إسرائيل.
وقال عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، بعد خطاب ترامب، إنه يفضل الآن نموذج الدولة الواحدة، وقال "لقد حان الوقت لتحويل الكفاح من أجل دولة واحدة وحقوق متساوية لكل فرد يعيش في فلسطين التاريخية".
ومن شبه المؤكد أن إسرائيل لن توافق أبدا على نموذج الدولة الواحدة لأن ذلك يعني أن الدولة اليهودية لم تعد تمتلك أغلبية يهودية. وقال جرانت روملي، المحلل السياسي الذي كتب سيرته الذاتية للسيد عباس، إنه متشكك في أن الزعيم المسن سيغير رأيه في حل الدولتين.
وقال روملي: "أبو مازن هو الوحيد الذي يتبنى حل الدولتين، ويحاول الدفع بها داخل حزبه وعمل على ذلك لعقود، وأنه لن يكون قادرا على إعادة توجيه الهيكل الوطني بأكمله نحو حل الدولة الواحدة، بما يعني كسر كل ما بناه".