عزلة أمريكية بسبب القدس

لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية تشعر بالعزلة الدولية قدر إحساسها أمس خلال الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن بدعوة من مصر وسبعة دول أخرى من أعضائه لمناقشة تداعيات الإقرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكى ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، كل أعضاء المجلس بلا استثناء استنكروا ورفضوا ذلك القرار واتهموا ترامب صاحب القرار بأنه خرج عن الشرعية الدولية ويهدد السلم والأمن الدوليين ويعطل ويعرقل التوصل إلى تسوية سياسية للصراع العربى الإسرائيلى، لذلك لم تجد مندوبة أمريكا في المجلس سوى أن توجه هجومها ضد الأمم المتحدة ذاتها التي صارت بلادها تعانى العزلة فيها، بعد أن انضمت بريطانيا الحليف الدائم لأمريكا إلى بقية المعارضين لقرار ترامب على المستوى الدولى، وتحول مجلس الأمن الدولى إلى محكمة تحاكم ليس ترامب وحده وإنما أمريكا كلها.

ولعل هذا هو السبب الذي جعل وزير الخارجية الأمريكى يسعى إلى التهوين من قرار ترامب بالقول أن الوضع النهائى للقدس مرهون بمفاوضات الحل النهائى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس لن يتم قبل عامين على الأقل، وأن أمريكا سوف تسعى لحل الصراع العربى الإسرائيلى سلميا، غير أن ذلك كله لم يقلل من عزلة أمريكا على المستوى الدولى التي جسمها قرار أرعن ويتسم بالبلطجة ويخرق الشرعية الدولية لرئيس متهور لا ينصت حتى لتحذيرات مساعديه.