مقاهي المثقفين ودورها في خلق الطبقة المتوسطة
في مجلة الهلال عام ١٩٨٣ تحت عنوان "مقاهي المثقفين"، نشر الدكتور السيد فهمي الشناوي دراسة حول قصة تكوين الطبقة المثقفة المصرية بين مقاهي القاهرة ومقاهي باريس قال فيها:
جمعت اليابان بين التقاليد والتراث وبين العلوم الغربية ومن هنا كانت نهضتهم، أما هنا في مصر فقد يغزو المثقفون النهضة الحديثة إلى الحملة الفرنسية والانتساب إلى أوروبا بل إنهم أصروا على عدم الاكتفاء باستيراد السيارة والطيارة بل صمموا على صنعها وتصديرها ومنافسة الغرب فيها.
هذا الجمع والالتحام بين التقاليد وبين التحديث فقده المثقفون العرب فانقسموا إلى فريقين فريق يقوده رجال الأزهر يصمم على السلفية وفريق يقوده خريجو بيروت وخريجو الجامعة المصرية يقول إن مصر قطعة من أوروبا، ومستقبل الثقافة في أوروبا.. هذا هو الانفصام الذهني بعينه التي أصيب به شعبا بأكمله ولا يستطيع الانفصام تحقيق أي تقدم أو فاعلية.
مبدأ الأخلاق الشرقية والعلوم الغربية ارسي لدى كل ياباني حقيقة لا يشك فيها ياباني واحد وهو «بربرية الغرب» وهذه حقيقة لا يهتم بها الغربي مهما تمدن بالعاطفه.. قلبه في جيبه فقط وإن كان استثماره سيستخدم في إبادة أجناس كاملة.
في الشرق الأوسط لم يكتشفوا بربرية الغرب فيقول أديب اسحق عندما هبط باريس: "أنا الآن تحت سماء العدل على أرض السلام بين أهل الحرية، ومجدها"، أكثر من ذلك أحمد الصاوي محمد وتوفيق الحكيم وغيرهم وقد كان عندهم شخصيا وعي جماهيري أن يذوبوا فيها لكن هذا التمجيد أذاب كل مقاومة لدى الضعاف غير المحصنين نفسيا.
سأل عبد القادر المغربي جمال الدين الأفغاني مرة: ألا ترى أيها السيد فرقا بين حالتنا اليوم وحالتنا منذ ٣٠ سنة مثلا من حيث الرقي والتمدن والعمران الملموس الذي حققناه من الاختلاط بأوروبا؟
قال الأفغاني إن ما نراه اليوم من حالة حسنة هو عين التقهقر والانحطاط، لأن في تمدننا هذا مقلدون للأمم الأوروبية هو تقليد يجر إلى الإعجاب بالأجانب والاستكانة لهم والرضا بسلطتهم علينا.
خلاصة القول خذوا بالعلوم الغربية لكن كونوا على بينة من بربرية الغرب والثقة في أخلاق الشرق فهذا هو درس اليابان وقد ثبت عمليا بالتجربة ونجح فعلا.