رئيس التحرير
عصام كامل

فقد بصره ولم يفقد شغفه بـ«الأبيض».. حكايات كفيف الإسكندرية مع تشجيع الزمالك من أرض الملعب

فيتو

محمد عبد اللطيف، طفل في السادسة من عمره يشاهد مباريات كرة القدم بشغف وحب بالرغم من عدم الإدراك والوعي الكامل بأحكام الكرة، لكنه يتابع الأحداث الكروية التي تدور حوله بدقة، يجلس وسط عائلته لتشجيع فريقهم المفضل «الزمالك» من وراء شاشة التليفزيون، ليتحول الأمر من طفل صغير عاشق للنادي الأبيض إلى مشجع «درجة تالتة» يعطي دروسا في الوفاء والانتماء.




الصف الأول الابتدائي كانت نقطة تحول في حياة «عبداللطيف» عندما دخل إلى غرفة العمليات لإجراء بعض العمليات والفحوصات في «بصره»، ليخرج بعدها بساعات «فاقدا للبصر»، وينتقل لحياة جديدة، ويبدأ رحلة طويلة مليئة بالكفاح والإصرار.



لم يستسلم الشاب العشريني لفقدان «بصره»، ولم يترك تشجيع كرة القدم وفريقه الذي تربى على مشاهدته دومًا، فكان «الراديو» هو الصديق والرفيق الدائم في حياته، الذي لم يفارقه؛ ليصبح دليله للأحداث التي تقع حوله، من أهمها مواعيد مباريات «الدوري والكأس»، وبالتحديد ليلة السعادة في كل لقاء لـ«الزمالك» بأى فريق آخر.



«عبداللطيف» لم يتوقف عند الاستماع للمباريات في الراديو، لكن عشقه لـ«الزمالك» أصبح يزيد يومًا بعد يوم، فالأمر بالنسبة له أكثر من مجرد مباراة كرة تنتهي بمكسب أو خسارة، لكنها فكرة انتماء ومساندة للكيان الذي ينتمي له، دائمًا ما يشعر بتقصير تجاهه مثل باقى المشجعين؛ لعدم الصمود بجوار الفريق والتشجيع تحت أي ظروف.



عشقه الجنوني لـ«الزمالك» دفعه للذهاب إلى الاستاد في عامه الثالث عشر دون تفكير، برفقة ابن خالته؛ ليصبح المرافق الدائم له إلى الملعب في كل مباريات الزمالك باستاد «برج العرب»، بحكم أنه الأقرب من منزله بحي العصافرة في الإسكندرية، ليترك محمد زوجته ونجله الصغير وعمله بالتجارة، في أحلك الأوقات وأكثرها صعوبة، ويتناسى حياته الزوجية من أجل التشجيع والوقوف بجانب النادي.



«عمر الرؤية ما كانت نظر لكنها رؤية بصيرة»، كلمات قاطعة لـ«عبداللطيف» كانت ردًا على سر تواجده الدائم في الاستاد، بالرغم من ظروفه الخاصة، ليضرب مثالا بحبه لناديه وإحساسه بالمتعة عند الجلوس بمقعده أسفل المدرجات، وسماع صوت اللاعبين، وشعوره بأنه جزء من نجاح أو إخفاق الفريق.



«على الحلوة والمرة» لم تكن كلمة عابرة، فدائمًا تجده داخل «الاستاد» في الخسارة قبل المكسب لتجسيد معاني هذه الكلمات على أرض الواقع، مطالبًا الجماهير بالدعم والمساندة للحفاظ على مستقبل النادي، رافضًا فكرة التشجيع في وقت المكسب فقط، موجهًا كلمات صريحة للجمهور «اللاعيبة بشر ومينفعش نهاجمهم؛ لأن الضغط دائمًا يولد الخوف، يجب أن نقف خلفهم لإعطائهم الثقة وعودة الروح من جديد».



«شعار الزمالك» فخر لكل مشجع زملكاوي ينتمي لأكبر نادي في أفريقيا، فدائمًا يرتدي تيشيرت أبيض يحمل شعار النادي، معبرًا عن حاله بالفخر والسعادة بحمل شعار النادي فوق صدره؛ ليعرفه الغريب قبل القريب منه، بأنه من أبناء القلعة البيضاء.



«القمة 114» نقطة سوداء في حياته الكروية، التي جعلته يترك الملعب، وهو يبكي عقب خسارة فريقه بهدفين، لكنه لم ينس ما فعله جمهور الأهلي معه عقب المباراة والوقوف بجواره مطالبينه بالتوقف عن «البكاء»، وهو ما جعل هناك حالة من الود بينه وبين جماهير القلعة الحمراء بعد الموقف الإنساني معه.



ذكريات «عبداللطيف» مع نجوم ميت عقبة، جزء من حياته التي أثرت، على حبه لـ«الزمالك» وجعلت حبه للكيان يزيد كل يوم، «شيكابالا» يكن له «الطيبة والوفاء»، فهو أول اللاعبين الذي تأثر بهم في تاريخ الزمالك، «عمر جابر» ابن النادي بالنسبة له.



«البطولات رزق» ومش شرط نحب الفريق عشان خاطر بطولة أو لاعب، نحن نعشق كيان، والبطولات ستذهب وسيظل النادي يحتفظ بتاريخه وإنجازاته وأبنائه مهما كانت الظروف، وسيذكر التاريخ من الذي سانده وحافظ على استقراره وحقق له الكثير.


الجريدة الرسمية