أنياب أسود قصر النيل فشلت في حمايتها من عبث المواطنين (صور)
جاءوا من فرنسا ليتم وضعهم بجوار تمثال محمد على باشا بالإسكندرية، إلا أنهم استقروا على أطراف كوبرى قصر النيل، يقفون شامخين كما لو كانوا في حراسة النيل ليلا ونهارا، إنها "أسود كوبرى قصر النيل" التي صُنعت من البرونز الخالص ونُحتت على يد النحات الفرنسى "ألفريد جاكمار"، وكانت سبب تسمية الخديو إسماعيل "أبو السباع".
كانت الأسود في ارتفاع لا يسمح العبث به قبل عام 1930، ولكن مع تغيير جسر الكوبرى بعد أن أصبح غير صالح تم نقل الأسود إلى حديقة الحيوانات، وعند الانتهاء من الجسر الجديد أعيدوا ولكن في ارتفاع منخفض، مقارنة بالذي كانوا فيه من قبل، ولعل هذا الارتفاع المنخفض كان سببا رئيسىا في عبث المصريين بهم.
في مارس 2015 أعلن الدكتور جلال السعيد محافظ القاهرة وقتئذ، عن تدشين مشروع تطوير كوبرى قصر النيل، ضمن مشروع تطوير القاهرة الخديوية، على أن يتحمل البنك الأهلي تكلفة تطوير الكوبرى، وتضمنت أعمال التطوير تغيير الفواصل المعدنية وتطوير أعمدة الإنارة وتغيير نظام الإضاءة ووضع إضاءة أسفل الكوبرى ليكون واضحا من بعيد، وتولت تنفيذ هذه الأعمال شركة المقاولون العرب، أما تطوير وتنظيف الأربعة الأسود التاريخية الموجودة ببداية ونهاية الكوبرى فكانت مهمة وزارة الآثار.
تطوير أسود قصر النيل هذه المرة كان مختلفا، وفقا لتصريحات اللواء يس عبد البارىء، رئيس حى غرب القاهرة الأسبق، حيث تم وضع مادة عازلة عليها من قبل مرمى الآثار، لمنع الكتابة عليها،وذلك بسبب سوء تعامل المارة مع التماثيل، فبعد أن يلتقطون صورا تذكارية معها، يكتبون عليها، ويشوهون منظرها الجمالى.
وظلت الأسود طوال أعمال تطوير الكوبرى، مغطاة ويحوطها بعض الأعمدة الحديدية، وفى مارس 2017، افتتح المهندس عاطف عبد الحميد، محافظ القاهرة، أعمال تطوير كوبري قصر النيل بعد انتهاء المرحلة الأولى، بتكلفة 8 ملايين جنيه تحملها كاملة البنك الأهلي، وأسُدل الستار عن الأسود، لتظهر بمظهرها الجديد، بعد ترميمها ودهانها بالمادة العازلة، بل تم تحويط قاعدة كل أسد، بأسنان حديدية مدببة صغيرة، لتمنع المواطنين من الصعود والوصول إلى التمثال والكتابة عليه.
وبعد مرور أشهر قليلة على الافتتاح، لم تسلم أسود قصر النيل من عبث المصريين بهم، ففشلت المادة العازلة في الحفاظ عليهم، فعاد المارة يخلدون ذكراهم على أجسام الأسود، التي امتلأت بالكتابات باللون الأبيض، بل كسر المواطنون الأسنان الحديدية المدببة التي كانت تعوق الوصول للأسد، حتى يتسنى لهم الصعود للتماثيل والتصوير معها والعبث بها دون اعتبار لقيمتها التاريخية.