رئيس التحرير
عصام كامل

حصار «تواضروس».. «الحرس القديم» يرفض محاولات تطوير الكنيسة الأرثوذكسية.. جماعة «الإصلاح الديني» أحدث طرق «ابتزاز».. وناشط قبطي: تسعى لإحياء جماعة الأمة القبطية

البابا تواضروس الثانى
البابا تواضروس الثانى

مع أي محاولة للإصلاح دائما يكون هناك فريق يرى أنها تهدد مصالحه التي يحرص على بقائها، وفى سبيل الحفاظ على المصالح تلك يستخدم أنصار الفريق هذا جميع الأسلحة المتاحة، وفى بعض الأوقات يلجئون إلى استخدام كل ما يمتلكون من أدوات للإبقاء على الوضع مجمدا.


الكنيسة الأرثوذكسية، وتحديدا منذ جلوس البابا تواضروس الثانى، على كرسى مارمرقس الرسول، يمكن القول إنها دخلت في مربع “أزمة فريق المصالح”، إذ إن الفترة الماضية أظهرت – بما لا يدع مجالا للشك- أن هناك من يرفض محاولات البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، للتجديد والإصلاح وترتيب البيت من الداخل وفق إطار مؤسسي، حسب تصريحات كثيرة له في هذا الإطار

والرافضون يقاومون بكل قوة للإبقاء على وضع الكنيسة دون تغيير يذكر، أو فرض وجودهم في دوائر اتخاذ القرار الكنسي، ويوظفون منابر إعلامية وتنسيقات خفية مع جماعات المصالح المتشعبة.

42 سكرتيرا
البابا منذ أن اعتلى كرسى مارمرقس، أخذ على عاتقه الإصلاح، وترتيب البيت من الداخل، والعمل وفق نظام مؤسسي، وعين أكثر من 42 سكرتيرا، واستحداث خدمات لم تكن موجودة في عهد البابا الراحل البابا شنودة الثالث، وهى قرارات رأى البعض أنها تنتقص من صلاحياته، ما دفعهم لشن حرب ضروس على بطريرك الأقباط.

وتمكن البابا من احتواء الكل على مدى 5 سنوات جلس خلالها على كرسى الكنيسة القبطية، وعقد ما يقرب من 36 جلسة مع المؤيدين والمعارضين له، كما فتح ملفات شائكة تعامل معها بذكاء، وأطلق ما يسمى بـ”دستور الإصلاح”، ونجح في إدخال نظام الإدارات في الكنائس بالانتخاب، وزيادة عدد الإيبارشيات في دول كثيرة، والأساقفة داخل المجمع، كما اهتم بالأطفال والشباب.

كما اتخذ البابا تواضروس، إجراءات عديدة، ومنح الكثيرين اختصاصات عدة، ووزع الفرق المعاونة له على سبعة قطاعات أولها شئون الكهنة، التكريس، الخارج، وخدمة المحتاجين، والمعاهد الكنسية، وشئون الإعلام، والمقر الباباوى وتشكيله، وأسند اختصاصات للهيئات المعاونة له، وتشمل 11 قسما منها: “السكرتارية، والأساقفة العموم، والديوان الباباوي، والمركز الثقافي”، وغيرها، ولم يغفل في توزيعه المهام أن يحل مكان البطريرك - حال سفره - الأنبا دانيال أسقف المعادى وتوابعها.

جماعات المصالح
الإصلاحات التي يجريها البابا في الكنيسة على مسمع ومرأى من الجميع، لم ترق لأصحاب المصالح، الذين يريدون الإبقاء على الوضع كما هو، خاصة الذين يريدون الاحتفاظ بمناصبهم بعد رحيل البابا شنودة الثالث.

جماعات المصالح تحاصر البابا تواضروس بزعم غيرتها على الكنيسة، وتثير تحركاتها ريبة، وآخرها بعض أصحاب المصالح في المهجر الذين كونوا مجموعة أطلقوا عليها “الإصلاح الدينى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية”، وهو ما أثار جدلا في الشارع القبطي.

مجموعة “الإصلاح الديني” حددت أهدافا ظاهرة تمثلت في إبعاد الكنيسة عن السياسة تماما، واقتصار تبعية كنائس المهجر للكنيسة القبطية الأم على الجانب الروحى فقط، بينما تخضع في الأمور الأخرى إلى قوانين البلاد الغربية وقيمها الحضارية ولا تشغل نفسها بالسياسة المصرية نهائيا، والعمل على خلق نظام مالى شفاف يبعد رجل الدين عن الأموال تماما ليتفرغ للعمل الروحى والرعوى، فضلا عن خلق نظام إدارى حديث وشفاف وعصرى للكنيسة.

الأهداف التي في ظاهرها حسن، تبددت مع أول تصريح عن المجموعة، حيث ادعت أن الكنيسة وصلت للحضيض، وقادتها أصبحوا عثرة في طريق الأقباط، وهو ما دفع الكثير من الشباب يتجه إلى الإلحاد.

المتابع للمجموعة يسهل عليه إدراك أنها تسعى لابتزاز البابا وتطويع قراراته لتحقيق مصالح شخصية، خاصة أن منهم من فشل في الحصول على عضوية مجلس إدارة كنيسة بالولايات المتحدة، وآخر واظب على العلاج النفسى لفترات طويلة ودائم الهجوم على البابا.

الحرس القديم
وكشف مصدر كنسى لـ”فيتو”، أن ما تسمى مجموعة الإصلاح تحاول محاصرة البابا تواضروس، لتنفيذ مخططتها، وتحقيق مصالح شخصية، مشيرا إلى أن هذه المجموعة تكونت بعد أن رفض البابا الانصياع لأى محاولة ابتزاز.

وأوضح أن هذه المجموعة على علاقة قوية بالحرس القديم، الذي يتزعمه الأنبا مايكل، الأسقف العام بالولايات المتحدة، والمقرب من الأنبا أغاثون، أسقف مغاغة، والذي اصطدم بالبابا أكثر من مرة، احتجاجا على تأسيس إيبارشية جديدة بنورث وساوث كارولينا وكنتاكى، معتبرا أن ذلك اقتصاص من نطاق إيباراشيته، وهو ما ردت عليه الكنيسة بإظهار نص بيان رسامته الموقع من البابا الراحل شنودة الثالث، ويحدد فيه نطاق خدمته.

وأكد أن جماعة المصالح أو ما تطلق على نفسها “مجموعة الإصلاح”، بالاشتراك مع “الحرس القديم”، تحاول تشكيل ورقة ضغط على البابا لرفض عدم إعادة المعمودية للمتحولين من الطوائف الأخرى إلى الطائفة الأرثوذكسية والذي وقعه البابا تواضروس، مع بابا الفاتيكان فرانسيس في أبريل الماضى.

وكشف أن “الحرس القديم” يحاول تشكيل جبهة معارضة يقودها في الخفاء، لتكون سلاحهم في الدفاع عن مواقعهم وتواجدهم دون انتقاص من اختصاصتهم، لافتا النظر إلى أن تحريك البابا تواضروس للمياه الراكدة، يزعج الحرس، خاصة فيما يخص التقارب مع الكنائس الأخرى.

في السياق حذر نادر صبحى سليمان، مؤسس ومسئول حركة شباب كريستيان للأقباط الأرثوذكس الخاضعة للبابا تواضروس الثاني، ممن يطلقون على أنفسهم حركة الإصلاح القبطى المعاصر، مشيرا إلى أنهم مجموعة من أقباط المهجر، ولا ينتمون إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

وأكد أنهم مجموعة من مدرسة جورج حبيب بباوى الذي تم استبعاده بقرار من المجمع المقدس أيام قداسة البابا شنودة الثالث، وأن هذه المجموعة تسير على نهج مجموعة الأمة القبطية التي أطاحت بالبابا الأنبا يوساب في الخمسينيات وعزلة من على كرسى مارمرقس.


"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية