رئيس التحرير
عصام كامل

بعد القدس.. لماذا يريد ترامب إسقاط مصر؟ «ملف خاص»

فيتو

اتصالات تليفونية محتواها مجهول لوسائل الإعلام، قبل كلمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أعلن فيها اعترافه بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال، أعقبها فيض هائل من بيانات التنديد المكتوبة بثتها البوابات الإلكترونية بعد انتهاء خطاب العار بدقائق.


1- أبو مازن والسيسي



اللافت أيضا صدور بيانات عن بعض الدول العربية على لسان مصدر رسمي مجهول بوزارة الخارجية، وامتناع زعماء كبار عن الإدلاء بأي تصريحات حتى من باب ذر الرماد في عيون التاريخ.

تحركات الرئيس الفلسطينى بعد اعتراف ترامب، فسرت إلى حد كبير مدى عمق الخلافات العربية –العربية، وعراقيل المصالحة الفلسطينية، وكان أول من تحدث الزعيم الفلسطينى إليه هو الرئيس عبدالفتاح السيسي، لقناعة الرجل بدور مصر الثابت تجاه القضية التاريخية التي تخلى عنها العرب طواعية بهدف الانغماس في صراعات طائفية من جهة، وحرب سياسية تهدف للجلوس على مقعد قيادة المنطقة التائه.

اتصال أبومازن برأس الدولة المصرية، لم يكن الوحيد المعبر عن إدراك القيادة الفلسطينية لثبوت موقف القاهرة، فبعدها بساعات حرص رئيس حكومة الوفاق رامي الحمد الله، على توجيه الشكر لمصر، وفى نهاية يوم عاصف لحركتي فتح وحماس لم يخل بيان الحركتين من الإشادة بالموقف المصري دون غيرها.

2- توقيت قرار ترامب



الخلافات العربية العربية، وخصومة فرقاء فلسطين، التي اتسعت فجوتها بسبب غياب قائد إقليمي يجمع شتات أمة ممزقة تحت رايته بعد رحيل الكبار سواء بالموت أو الثورات، وصعود جيل من الشباب يفتقر الخبرة السياسية إلى كراسي الحكم، الأمر الذي استغلته الإدارة الأمريكية الجديدة في عهد المتطرف اليميني دونالد ترامب، وقامت بوضع ألغام أسفل كراسي الحكام ولغمت المنطقة بخصومات سياسية ساعدها عليها أحلام قيادة إقليمية تتملك بعض الصغار الذين وجدوا بعد عام 2011 فرصة سانحة لتحقيقها.

الأمور السابق ذكرها مثلت دعامة قوية يضع عليها دونالد ترامب، اعترافه بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، دون الخوف من حساب أو حتى تململ من القرار الذي وضعه في عين الكاميرات أمام وسائل الإعلام في رسالة يفهمها القادة جيدا.

3- تفخيخ الخليج 



تفخيخ المنطقة قبل تنفيذ «وعد ترامب لليهود»، بدأ مع حملة الرئيس الأمريكي الانتخابية عندما وضع الجميع على طاولة الابتزاز، مستهدفا السعودية تحديدا في حملته الانتخابية بهدف تفكيك المحور السني الضامن لاستقرار المنطقة "القاهرة والرياض".

سجن أمراء السعودية لم يكن هو الآخر ببعيد عن مخطط التفخيخ ووضحت بصمات ترامب فيه بقوة من خلال دس أنفه في سياسة الدولة الداخلية واعتبار نفسه حاميا لثروات "آل سعود"، وسبق ذلك دوره المريب في أزمة المقاطعة مع قطر على خلفية دعمها للإرهاب، واستغلال ورقة حرب اليمن للضغط على النظام الحاكم بالرياض.

زيارات صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره –يهودي متشدد- جاريد كوشنر، السرية والعلنية لدول المنطقة، جاءت هي الأخرى في سياق مفاجأة ديسمبر لليهود.

4- استدعاء عباس



هذه الخطوات المثيرة للشكوك تزامنت مع مزاعم تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، كشفت فيه عن فحوى اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالرئيس عباس، الشهر الماضي في الرياض، والذي بحث ما بات يعرف إعلاميًا بـ «صفقة القرن» لتسوية القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي.

وبحسب ما نشرته الصحيفة نقلًا عن مصادر وصفتها بأنها مطّلعة على تفاصيل اللقاء، فإن السعودية عرضت «خطة سلام جديدة تتضمن اختيار ضاحية «أبو ديس» المجاورة لمدينة القدس المحتلة، لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية بدلًا من القدس».

وبموجب الخطة المزعومة، سيحصل الفلسطينيون على دولة خاصة بهم على أجزاء في الضفة الغربية وليس كلها، دون تواصل جغرافي، وبسيادة محدودة على تلك المناطق، مع بقاء غالبية المستوطنات الإسرائيلية، ودون الحصول على شرقي القدس عاصمة لهم، ولن يكون هناك حق لعودة اللاجئين الفلسطينيين، وفقًا للصحيفة.

مقترح الرياض بحسب مزاعم الصحيفة، رافقه العديد من المزايا والمشاريع الاقتصادية والوعود بتحسين أوضاع السلطة المالية، ورفع الحصار عن غزة، وتوفير الأموال للموظفين، وسد ديون السلطة الخارجية جميعها، في مقابل ذلك تم تهديد عباس بالإقالة من منصبه حال رفض الخطة.

وادعت «الصحيفة» أن الرياض علمت برفض عباس لمقترح «أبو ديس» عبر جهات خاصة، وأبلغت واشنطن بذلك، وهو ما دفع بالأخيرة إلى اتخاذ خطوات عقابية ضد السلطة، وشملت عدم منح الترخيص لاستمرار عمل مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وإعادة الحديث عن نقل السفارة الأمريكية للقدس، وآخر تهديد كان باعتراف الإدارة الأمريكية رسميًا بأن "القدس عاصمة لدولة إسرائيل".

5- تفخيخ المصالحة



وبحسب مراقبون للمنطقة مثلت مصر العقبة الوحيدة أمام هذا الاعتراف، فهى الدولة الوحيدة الناجية من أمراض مراهقة الحكم ولا تعاني تهورا سياسيا، صحيح أنها تعرضت لكبوة لكنها سرعان ما استفاقت في ظل وجود مؤسسة متماسكة نجحت في تخطي الكثير من العقبات والمؤامرات حتى وصلت لمرحلة الاستقرار في رأس هرم السلطة.

الصحوة المصرية وعودتها لممارسة دورها الريادي بملفات منطقة الشرق الأوسط، في ليبيا وسوريا واليمن والعراق وأخيرا في لبنان ورفضها المطلق أي تحرك عسكري ضد إيران وحزب الله في لبنان، وتدخلها الناجز في أزمة سعد الحريري، وضع القاهرة تحت مجهر الإدارة الأمريكية وبدأت تلعب بأدواتها الإقليمية في تفخيخ المصالحة الفلسطينية لإفساد جهودها في لم شمل الفرقاء، بهدف توفير ذريعة غياب ممثل عن فلسطين للجلوس معه على طاولة مفاوضات تنهي معاناة شعب فلسطين.. الأمر الذي أكدته الخارجية الروسية في بيان رسمي من خلال اتهامها لواشنطن بمحاولة إفساد الجهود المصرية في المصالحة الفلسطينية.

6- إسقاط القاهرة 



عودة القاهرة لهذا الدور والتفاف عدد من عواصم العرب المنتظرة عودة دورها، أصبح حجر عثرة في طريق عربدة ترامب بالإقليم، دفع واشنطن لشن حرب نوفمبر على القاهرة، وظهرت بصمات أعوانه الصغار بالمنطقة قطر وغيرها في تعقيد أزمة "سد النهضة" من خلال الزيارات المتبادلة والتمويل.. حادث مسجد الروضة الإرهابى في سيناء، وهجوم الواحات هي الأخرى ليست بعيدة عن الأمر، وقبل إعلان قراره بأيام تعمدت واشنطن استقبال رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، وفتح سفارة لطرابلس هناك، متعمدة تجاهل المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي.. في رسالة واضحة مفادها "الصمت أو إسقاط القاهرة" بالأزمات المجاورة.
الجريدة الرسمية