لا تلوموا إلا أنفسكم
"القدس خط أحمر".. "القدس عاصمة فلسطين الأبدية".. وغيرها من الهاشتجات التي ملأت فضاء مواقع التواصل الاجتماعي في الدول العربية.. كنوع من التعبير عن حالة الغليان التي يشعر بها المواطن العربي، في أعقاب اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي.. وماجت مواقع التواصل كافة بعبارات الاستهجان والانتقادات لمواقف وبيانات زعماء الدول العربية، والتي لم تخرج عن قوالب الشجب والتنديد والرفض، غير متجاوزة لحدود البريد الإلكتروني، الذي ترسله وزارات خارجية الدول العربية لوسائل الإعلام ردا على القرار الغاشم..
ولكنني في هذه السطور.. لا ألقي باللائمة على كاهل رؤساء وزعماء نعرف جميعا هامش تحركاتهم، وحدود خطواتهم وسقف قراراتهم.. ولا ألقي باللائمة على أنظمة تدور منذ عقود في فلك المجرة الأمريكية، وتسبح بحمد رؤسائها المتعاقبين.. إنما أوجه أصابع الاتهام إلى الشعوب العربية.. نحن مسئولون أولا وأخيرا عن حالة الضعف والاستكانة التي نمر بها.. نحن المسئولون عن عدم اتخاذ أي موقف صريح واضح على الأرض..
ففي الماضي القريب لم يكن يمر أربع وعشرون ساعة على استشهاد مواطن فلسطيني، أو اجتياح إسرائيلي غاشم للقدس الحبيبة.. إلا ونرى جحافل الشعوب العربية تنتفض في الشوارع، مشكلين ضغوطات على أنظمتهم، لاتخاذ قرار يحفظ ماء وجههم أمام شعوبهم. إلا أننا اليوم نجد ردود أفعال الشعوب العربية لا تخرج عن إطار بوست على موقع للتواصل الاجتماعي أو تغيير صورة الحساب الشخصي.. ردود لا تجد أصداء عند أنظمتنا..
لا أدري أين هي القوى السياسية والنقابات المهنية في كل الوطن العربي مما يحدث؟ أين الشعب الفلسطيني نفسه؟!
بقدر صلاح الشعوب تكون الحكومات مستقيمة أو على الأقل تحاول التظاهر بذلك.. إنها معادلة بسيطة.. فالنعجة لا يمكن أن تتولى قيادة قطيع من الأسود.. فلا تلوموا إلا أنفسكم.