بعد الموافقة على قانون التأمين الصحي.. مطلوب تدخل الرئيس
إن المتابع لكتاباتي، وما نشر في الصحف على لساني خلال الشهور السابقة لسوف يجد أنني توقعت الموافقة على قانون التأمين الصحي خلال أسابيع قليلة مع بعض التعديلات التي لا تتحاشى القصور أو النقص، أما بعد اعتماد القانون من مجلس النواب، فان ملاحظاتي ومقترحاتي النهائية هي ما يلي:
- مصر تحتاج إلى إصلاح شامل للقطاع الصحي وليس فقط إلى قانون للتأمين الصحي.
- نظرا لأنني لم أطلع على الدراسة الإكتوارية فلا يمكنني الجزم بكفاية أو استدامة التمويل المقترح، لكن حساباتي الأولية تقترح أن التمويل الكامل للصحة في مصر في الوقت الحاضر يحتاج طبقا للمعدلات الدولية من 6 إلى 7 آلاف جنيه للفرد في السنة ليضمن كفاية رواتب قوة العمل الصحية والحد الأدنى لتجهيز المستشفيات والمرافق الصحية، وبدون إرهاق مادي للأفراد أو دفع رسوم عالية عند تلقي العلاج، وإن أي تمويل يقل عن ذلك سيؤدي إلى نقص جودة الخدمات مما يضطر نحو ثلثي المواطنين القادرين على الالتجاء إلى القطاع الخاص، أي بقاء الحال على ما هو عليه تقريبا.
- إنه لا مجال لنجاح تنفيذ القانون بأي حال إذا لم يعدل كادر الأطباء ليتقاضى الطبيب حديث التخرج في مرافق الحكومة من ٢-٣ أضعاف خريج الجامعة العادي، كما هو سائد في الدول الناجحة، وبالتالي يعدل رواتب الأخصائيين والاستشاريين طبقا للمؤهلات والخبرة والأداء وساعات العمل.
- إنه لا مجال لنجاح تطبيق القانون إطلاقا إذا لم يتم تنظيم التفرغ التام لأطباء القطاع العام عدا الاستشاريين والأساتذة في غير ساعات العمل وبتنظيم محكم، وتحريم الممارسة المزدوجة أو تحويل المرضى من القطاع العام للخاص أو تقاضي عمولات أو إكراميات بأي صورة بالقطاع العام.
- لا مجال لنجاح أي قانون لا يحقق كفاية وكفاءة قوة العمل الصحية خاصة الأطباء طبقا للمعدلات الدولية، وبالذات إصلاح التعليم الطبي الأساسي والتخصصي، ومنها تطوير المناهج وطرق التعليم والتدريب وتقييم الطلاب العادل، ومنها إصلاح تعليم التخصصات وإلغاء الماجستير الإكلينيكية.
- لا مجال لنجاح تطبيق القانون إذا لم يتم تخطيط وتنفيذ برنامج شامل للإصلاح الصحي يطبق في وزارات الصحة والتعليم العالي والتضامن الاجتماعي والبيئة والإسكان والمرافق والمالية والتخطيط والقطاع الخاص والأدوية والأغذية، وبالأخص خطة طويلة المدى للاحتياجات وتطوير قوة العمل الصحية والمستشفيات والمرافق الصحية لكل محافظة.
-إعادة النظر في تطبيق القانون على خمس مراحل في فترة لا تزيد على عشر سنوات، وتتضمن كل مرحلة محافظة حضرية وقروية وحدودية وجنوبية، على أن تخدم كل مرحله ما لا يقل عن ٢٠٪ من سكان مصر المقيمين.
أتمنى أخيرا أن يتبنى السيد الرئيس الإصلاح الشامل لمنظومة الصحة في مصر طبقا لهذه المعايير، على أن يصدر بها قانون خلال عام على الأكثر من مجلس أعلى للصحة، وذلك كشرط لتوقيع القانون، حيث إن المصريين لا يمكن أن يتحملوا مزيدا من التجارب لخمسة عشر سنة أخرى، ويتحتم إنقاذهم من الوفيات التي يمكن تحاشيها أو تدني الجودة أو الإرهاق المادي أو الإفلاس والمعاناة.
هذا هو رجائي، وهو قابل للتحقيق إذا خلصت النوايا وتوفرت الإرادة السياسية الحقيقية، وحفظ الله مصر والمصريين.