رئيس التحرير
عصام كامل

التغيرات المناخية.. كيف تواجه مصر غضب الطبيعة؟ (ملف خاص)

فيتو

بالأمس كان الأمر مجرد خيال علماء، نظريات لا يؤمن بها الكثير، كيف سيذوب الجليد وهل العالم مهدد بالغرق فعلًا، هل سيأتي اليوم الذي سيعلو فيه البحر عن الأرض ليتحول إلى كارثة؟.. تلك الخيالات تحولت لحقيقة دفعت دول العالم إلى الاتفاق على مواجهة التهديدات التي تلاحق كوكب الأرض.


ذلك كان ملخص التغيرات المناخية التي حذر منها العلماء في تسعينيات القرن الماضي، لتصبح خلال عقدين من الزمان هي التحدي الأكبر الذي يواجه معظم الدول العالم دون النظر إلى حجم الدولة سواء صغيرة أو كبيرة.



ما التغير المناخي؟
والتغير المناخي هو اختلال في الظروف المناخية المعتادة كالحرارة وأنماط الرياح، والمتساقطات التي تميز كل منطقة على الأرض، ويحدث نتيجة لزيادة النشاط البشري لنسب غازات الدفيئة في الغلاف الجوي الذي بات يحبس المزيد من الحرارة. فكلما اتبعت المجتمعات البشرية أنماط حياة أكثر تعقيدا واعتمادا على الآلات احتاجت إلى مزيد من الطاقة.، وارتفاع الطلب على الطاقة يعني حرق المزيد من الوقود الاحفوري «النفط-الغاز-الفحم».

ظواهر التغيرات المناخية
وأبرز مظاهر التغيرات المناخية «ارتفاع درجة حرارة الأرض، خفض الانبعاثات- الاحتباس الحراري - ارتفاع مستوى سطح البحر ما يهدد أراضي الدلتاوات سواء في مصر أو غيرها من دول العالم»

خسائر التغيرات المناخية
حتى الآن وبحسب التقارير الدولية فإن التغيرات المناخية تتسبب في وفاة 150 ألف شخص سنويا، وتوقع انقراض 20% من الأنواع الحية البرية بالانقراض مع حلول 2050، بالإضافة إلى التسبب في خسارات بمليارات الدولارات خاصة في مجال الصناعات الزراعية.

ويتوقع العلماء أنه إذا استمر الحال على هذا المنوال ففي غضون 50 عاما سيرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص في مياه الشرب من 5 مليارات إلى 8 مليارات شخص، بالإضافة إلى تراجع المحصول الزراعي نتيجة تراجع خصوبة التربة وتفاقم التعرية، بجانب انتشار الأمراض نظرًا لارتفاع درجات الحرارة نتيجة ذوبان الجليد.



مصر
ولم تكن مصر بعيدة عن ما يدور في عالمها إذ هي الأخرى مهددة بالتغيرات المناخية ولعل ذلك ما دفع القاهرة أن يكون لها دور بارز في اتفاقية باريس التي يشترك فيها الكثير من دول العالم لمواجهة ما ارتكبه الإنسان من أخطاء في حق هذا الكوكب.

وعلى مدى 5 أيام نظمت وزارة البيئة وجهاز شئون البيئة بالتعاون مع جمعية كتاب البيئة والتنمية، برنامجا تدريبيا لرفع وعي الصحفيين والإعلاميين بقضايا تغير المناخ، وتحدث فيه الكثير من الخبراء عن ما تواجهه مصر من أخطار في هذا الشأن.

وفي نهاية المؤتمر أوضح سمير طنطاوي مدير مشروع بناء القدرات لخفض الانبعاثات، أن العديد من التوصيات خرج بها المؤتمر، لافتًا إلى أن تلك التوصيات تعد روشتة واضحة للتصدي للتغيرات المناخية وسيتم عرض تلك التوصيات على وزير البيئة.

الأمر لم يقف عند هذا الحد كما يوضح «طنطاوي» الذي أشار إلى أن هناك ورشة عمل سيتم تنظيمها في 2018 لمناقشة الحفاظ على التنوع البيولوجي.

خالد مبارك رئيس جمعية كتاب البيئة والتنمية، يوضح أيضًا أن لوسائل الإعلام دورا حيويا ورائدا في ذلك الملف، لأنها تلعب دورا محترما في فضح الممارسات السلبية التي تؤثر سلبًا على المناخ، بجانب خلق رأي عام ضد الدول الصناعية المتسببة في دمار العالم، مع رأي محلي ضد الممارسات الجائرة حتى التي تقوم بها الحكومات الداخلية.

ولكن ما وضع مصر الحقيقي؟

333 مليون طن كربون
البداية من الدكتور ماهر عزيز، مستشار وزير الكهرباء، عضو مجلس الطاقة العالمي، الذي أوضح أن آخر نسبة الانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في مصر لعام 2016 بلغت 333 مليون طن كربون مكافئ، مضيفًا، أن النسبة الأخيرة التي تم حصرها عام 2016 تعبر عن ارتفاع كبير عن آخر عام تم الحصر فيه، موضحا أنها زادت 75 مليون طن كربون مكافئ عن عام 2005 التي كانت تبلغ 247 مليون طن من كافة القطاعات، وفي عام 200 بلغت 193 مليون طن كربون مكافئ.

ولفت في تصريحات خاصة لـ«فيتو» إلى أن قطاع الطاقة يعتبر الأكثر إنتاجا لغازات الاحتباس الحراري فوفقا للإبلاغ الوطني الثالث لعام 2005 بلغت نسبة انبعاثات قطاع الطاقة فقط 147 مليون طن كربون مكافئ، موضحا أنه كل 5 سنين تزيد نسبة الانبعاثات أكثر من 50 مليون طن كربون مكافئ.

انتقال سقوط الأمطار
الدكتور ضياء الدين القوصي خبير التغيرات المناخية يلقى الضوء على مشكلة أخرى فيقول إن المؤشرات والدراسات أوضحت أن أحزمة الأمطار تنتقل من الجنوب الفقير مائيا للشمال الغني مائيا، مشيرًا إلى انخفاض سقوط الأمطار يؤدي إلى نقص شديد في الإيراد المائي عند أسوان، الأمر الذي سيؤدي إلى تحول مساحات كبيرة من الزراعة المطرية للزراعة المروية.

التربة الزراعية
أما الدكتور أيمن فريد أبو حديد، وزير الزراعة الأسبق، فقال إن نسبة كبيرة من الأراضي الزراعية على مستوى الوطن العربي تتعرض للتدهور والتآكل بداية بنسبة تصل إلى 45% مثل «فلسطين وجيبوتي».

وأضاف «أبو حديد» أن نسبة الجفاف المائي الذي يؤثر على الزراعة تصل إلى 28% في دول مثل الكويت، أما في مصر فتصل إلى 1% فقط، مشيرة إلى أن النقص في المياه والجفاف يتزايد مع التغيرات المناخية، حيث إن الدول الجافة ستصبح أكثر جفافا والدول الرطبة ستصير أكثر رطوبة.

وأوضح أنه وفقا لتلك الدراسات الأمر يدعو للطمأنينة على منابع نهر النيل لكونها دول رطبة، حيث إن التغييرات المناخية ستزيد من حجم مياه نهر النيل في المستقبل، بخلاف المناطق التي ستتأثر بشدة منها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهذا متوقع تظهر آثاره بقوة عام 2025.


الدلتاوات
ومن ناحية حماية الدلتا فقد عقد الدكتور محمد عبد العاطي وزير الري عدة اجتماعات ضمن ائتلاف دلتاوات العالم، وهو ائتلاف مهمته حماية الأراضي في حالة علو سطح البحر حتى لا يتم تهديد الزراعات العالمية، إذ أشار «عبد العاطي» في تصريحات صحفية سابقة، أن علو سطح البحر يهدد 200 مليون نسمة.



حلول عالمية
وبجانب ما يحدث في مصر، فإن هناك حلولا عالمية لمواجهة التغيرات المناخية تتمثل في تقليص الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للطاقة، واللجوء للحلول البديلة مثل الطاقة المتجددة «المسالمة» وترشيد استخدام الطاقة.
الجريدة الرسمية