رئيس التحرير
عصام كامل

إحالة واعظ بالبحوث الإسلامية للمحاكمة بتهمة إثارة الفتنة الطائفية

المستشار سامية المتيم
المستشار سامية المتيم

قررت النيابة الإدارية إحالة واعظ تابع لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف في محافظة الجيزة للمحاكمة العاجلة.


كانت النيابة الإدارية أعدت مذكرتها حيال ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي وما أذاعته بعض البرامج الحوارية بالقنوات الفضائية من مقطع فيديو مسجل يظهر فيه المتهم أثناء إلقاء درس بمسجد "الخلفاء الراشدين" في مدينة السادس من أكتوبر التابع لوزارة الأوقاف

وزعم الواعظ أن الحكم بإعدام متهم في واقعة قتل مواطن مسيحي بمدينة الإسكندرية "باطل" من الناحية الشرعية.

وبعرض المذكرة على رئيس الهيئة أمرت بإحالة الواقعة للتحقيق العاجل أمام المكتب الفني لرئيس الهيئة برئاسة المستشارة سامية المتيم، مدير المكتب الفني، حيث قيدت بالقضية رقم 244/2017.

وبمواجهة المتهم بالتسجيلات اعترف أنه فعلًا قام بتفسير ذلك الحديث استنادًا إلى أنه يقوم بتوضيح مسألة فقهية ولم يكن بصدد إصدار فتوى.

وخلال التحقيقات قامت النيابة بسؤال كل من مدير إدارة أوقاف السادس من أكتوبر، ومدير عام إدارة التوجيه العام بمجمع البحوث الإسلامية، ومدير التوجيه بمنطقة وعظ بمحافظة الجيزة والتابعة لمجمع البحوث الإسلامية، والذين شهدوا جميعًا بأن ما أبداه المتهم يخرج عن منهج الدعوة جملة وتفصيلًا.

كما قرروا أن التفسير الذي أبداه المتهم يخالف ما استقر عليه رأي مجمع البحوث الإسلامية ولجنة الفتوى بالأزهر الشريف بخصوص تفسير هذا الحديث، حيث أجمع الرأي بمجمع البحوث الإسلامية في مسألة قتل المسلم بالذمي "كما ورد بالحديث النبوي" على حرمة مال الذمي وأن المسلم تقطع يداه لسرقة مال الذمي، فإذا كانت حرمة المال متساوية فحرمة الدم أيضًا متساوية وكل منهما له الحق في القصاص؛ وذلك تحقيقًا لمعنى الحياة في قول الله تعالى "ولكم في القصاص حياة" وهذا الرأي هو المعمول به أيضًا بلجنة الفتوى بالأزهر الشريف، ولذلك فإن ما فعله المتهم من شأنه إثارة الفتنة بين أفراد الأمة وزرع بذور الفتنة الطائفية.

ولما كانت كل الشرائع السماوية وعلى رأسها الشريعة الإسلامية، بل كل المذاهب والقيم الإنسانية على اختلافها قد جاءت تعلي من قيم العدل والمساواة بين بني البشر والحفاظ على كرامة النفس الإنسانية وصيانتها من كل سوء، بصرف النظر عن المعتقد أو المذهب فالناس جميعًا في الحقوق سواء لتحرم وتجرم الاعتداءات على النفس البشرية لا فرق بين قتيل وآخر ولا عبرة لجنس المجني عليه أو معتقده الديني أو أي صفات أخرى في العقوبة المقررة للجاني حيال جريمة القتل.

وفي دولة المواطنة جاء الدستور المصري الحالي مكرسًا لتلك الحقوق ولمبدأ المساواة وعدم التمييز بين المواطنين وغيرهم فنصت المادة ( 53 ) من الدستور المصري على أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر، والتمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون.وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كل أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.

وعليه فقد أمرت النيابة الإدارية بإحالة المتهم للمحاكمة العاجلة مع التنويه إلى أننا وفي وطن تغتال فيه يد الإرهاب الخسيسة أرواح مواطنيه دون تمييز بينهم متى رأى السفاحون اختلاف الضحية عنهم عقيدة أو مذهبًا بل حتى الفكر السياسي، وتزكي مثل تلك الآراء الدخيلة -لا على الدين الإسلامي أو الأديان الأخرى فحسب بل على الإنسانية برمتها- نار الفتنة والاختلاف والفرقة، فقد بتنا في حاجة إلى ما يجمع أفراد هذا الوطن ويؤلف بينهم على اختلافهم وبما يرسخ ويؤكد أننا جميعًا نؤسس لدولة القانون وننأى بأنفسنا عن الأفكار الظلامية والفتاوى الشاذة التي لا تبني وطنًا أو تخلق مجتمعًا صحيحًا.
الجريدة الرسمية