رئيس التحرير
عصام كامل

إحسان عبد القدوس يكتب: أريد أن أعرف عدوي

احسان عبد القدوس
احسان عبد القدوس

في مجلة روز اليوسف ديسمبر عام ١٩٥٦ كتب إحسان عبدالقدوس، مقالًا قال فيه: أذكر أنني سافرت إلى فرنسا عام ١٩٥٣ بعد الثورة ببضعة شهور، التقيت هناك بالأستاذ أمين فهيم وكان لا يزال سكرتيرا للملك السابق فاروق خرج معه من مصر بعد قيام الثورة وتحدثنا طويلا.


ودخل المكان الملك السابق فاروق وأشار إلى الأستاذ فهيم من بعيد، فقام إليه وقال له شيئا ثم عاد إلى قائلا: "هل تستطيع أن تقابل الملك.. أظنك لا تستطيع؟

قلت بل أستطيع وأرحب بمقابلته، فقال: قد يساء تفسير هذه المقابلة في مصر، قلت انهم في مصر يعرفونني وفاروق لم يستطع أن يغير مني شيئا وهو ملك ولا أظنه يستطيع ذلك وهو ملك سابق.

حدد لي الأستاذ فهيم موعدا.. ولكني عندما ذهبت في الموعد لم أجده ووجدت رسالة تقول أنه وفاروق اضطرا للسفر لبضعة أيام ويطلب مني عنواني ليطلبني بمجرد عودته وتركت العنوان.. لكن أحدا لم يتصل.

كنت أريد مقابلة فاروق فعلا، كنت أريد أن أستمع إليه وأدرس شخصيته، كنت أريد أن افهم منطقه الذي يحارب به الثورة وبمعني آخر كنت أريد أن أعرف عدوي لأحاربه.

ومنذ أن أعلنت الهدنة في فلسطين وأحد أحلامي الصحفية أن أتسلل إلى الأرض التي يحتلها العدو وأن أرى بعيني ماذا يفعلون هناك.. كنت أريد أن أعرف كيف يفكرون عن قرب.

ولم أستطع تحقيق حلمي.. إلى أن استطاع الزميل إبراهيم عزت أن يحقق الحلم.. وأن يدخل إسرائيل ويعيش فيها ١١ يوما ويري كل شيء بعيون مصرية ويعود سالمًا. 

هناك من يصف الصحفي بأنه «جاسوس الشعب» وهناك أوقات يجب أن ينقلب فيها الصحفي إلى جاسوس يتجسس لحساب الشعب على أعداء الشعب.. أقصد أوقات الحروب ونحن في حرب مع إسرائيل.

والمعلومات التي عاد بها إبراهيم عزت تقول إن إسرائيل أقوى من أن ننتصر عليها ـــ على الأقل الآن ــــ وهي تعمل ليل نهار لبناء جيشها وبناء اقتصادها وأن الشعب كله يساهم في عملية البناء.

شعب لا يلهو ولا يضيع وقته.. إنه شعب يشد الحبال فوق البطون ويحمل فوق كتفه سلاحًا ويشترك مع أساتذته ووزرائه في حفر الخنادق ويفتح الكباريهات ولكن لا يدخلها بل يتركها للسواح.. هذا هو عدونا.
الجريدة الرسمية