نجيب محفوظ يكتب: رواياتي محاولة للتمرد على الواقع
في حوار أجراه الكتب الصحفى جمال الغيطانى مع الاديب نجيب محفوظ ونشرته مجلة آخر ساعة عام 1989 قال فيه:
لا شك أن قراءتى للفلسفة كان له تأثير كبير على واشعر هذا بشكل شخصى،بعض النقاد يقولون إن الرؤية الفكرية واضحة في أعمالي.. وأن فيها عقلانية وأن الأدب الأوروبي في القرن العشرين غلب عليه الطابع الفكري لكننا لن نصل إلى ذلك في تقديري حتى الآن.. ولكن لا يخلو أدبنا من فكر..
كان الأدب في القرن 19 يعكس الواقع بشكل فنى والحياة بكل دوافعها وتغير ذلك في القرن 20 وأصبح هناك روايات كأنها كتب فكرية.
وانا لست عبثيا،لأن العبث يعنى باختصار أن الحياة لا معنى لها،والحياة بالنسبة لى لها معنى وهدف، كما أن تجربتي الأدبية كلها مقاومة للعبث، وربما أشعر بدبيب عبث لكني أقاومه وأعقله وأحاول تفسيره هم إخضاعه.
احيانا يزحف الشعور بالعبث خاصة في لحظات اليأس والضيق، الحياة من حولنا تبدو قاسية..حياتنا الشخصية في واقعنا المحلي تبدو احيانا عبثية..ولا يضيع العبث إلا انتصارا من نوع معين يرد للنفس الثقة.
إننا نعيش حتى الآن إحباطات داخلية مستمرة منذ أن وعينا، مجرد أن نتنفس نجد من يجثم على أنفاسنا ليكتمها ويفسد حياتنا.. وهذا فظيع.. ولذلك تجد نغمة الانتصار الأولى التي كانت في جيل ثورة 1919.
نفس هذا الجيل وصلت إليه احباطات لكنه تذوق حلاوة الانتصار، وقد بدأت اقرأ في الصحف عام 1926 وكان عمرى 14 عاما وكانت الثورة قد هدأت وبدأت التنازلات والاحباطات، ثم اتيح لنا التنفس عام 1952 لكن سرعان ما انعكس الوضع.
وهنا اعترف إنني سقطت في العبث لدقائق بعد هزيمة يونيو، صحيح كانت المقاومة موجودة لكن الواقع يبدو عبثيا فظيعا.