حكايات من دفتر خبراء «الصوت والصورة».. «بديع والشاطر» يرفضان اتباع الأوامر.. الانهيار يصيب سعاد الخولي.. دينا تخضع لموظفة بسبب قضيتها مع «أبو الفتوح».. و8 خبراء يتولون ال
داخل كل ركن من مبنى "ماسبيرو" العتيق على كورنيش النيل حكايات من إدارات مدفونة إعلاميًا لم تكشف عن نفسها تنتظر من ينفض الأتربة عنها، لاسيما أنها باتت روتينا يوميا يحيا فيه العاملون بتلك الأماكن، اعتادوا على أعمالهم دون مطالبات بتغيير أو التفكير في تقييم ما يقومون به من جهد وفق آليات العصر الحالي.
تسجيلات الصوت والصورة
"تسجيلات بالصوت والصورة".. عبارة اقترنت خلال السنوات الماضية بعدد من القضايا، سواء تلك المتعلقة بـ"الرشوة" أو التحريض على العنف، أو القتل وما إلى ذلك، غير أن الرحلة التي تبدأ فور كتابة الجملة تلك تحمل العديد من الأسرار والمفاجآت أيضًا، فالغالبية لا تعرف شيئًا عن خبراء الصوت والصورة، التابعين لمبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون "ماسبيرو"، الذين تتم الاستعانة بهم لتقديم "القول الفصل" في القضية.
8 خبراء
في البداية أكد أحد الخبراء أن عددهم حاليا في مبنى "ماسبيرو" 8 خبراء متخصصين في فحص الصوت والصورة بأي قضية ترد إلى "ماسبيرو"، مشيرًا إلى أن طبيعة أعمالهم تكمن في تبعيتهم لإدارة التسجيلات بقطاع الهندسة الإذاعية، وتأتي القضايا إلى المبنى ويتم انتداب واحد منهم لوضع تقريره النهائي حولها، موضحًا أن أزمات عديدة تعوقهم وتمثل صعوبات يجب أن تساعدهم الحكومة في التغلب عليها، خاصة أنهم يمثلون حلقة مهمة في سبيل إقرار العدالة والفصل بمصائر مواطنين وأسرهم بالكامل.
نقص الأعداد
وتأتي مشكلة نقص الأعداد الخبراء لتكون أولى محطات قطار الأزمات، لاسيما أن أعداد القضايا التي يتم إحالتها إلى "ماسبيرو" سنويا تحتاج إلى أشخاص أكثر مما هو عليه الوضع حاليًا داخل المبنى، مع الأخذ في الاعتبار أن أصغر خبير في الثمانية الموجودين تعدى عمره الـ ٥١ عامًا، وتعود المشكلة إلى عدم توفير عاملين لتدريبهم واختيار الموهوبين منهم وضمهم لقائمة الخبراء.
وفي طريق العثرات أمام عمل الخبراء، تأتي مشكلة عدم وجود إدارة خاصة بهم في هيكل التليفزيون بل إنهم مجرد موظفين في إدارة التسجيلات للبرامج ويتم انتدابهم فقط للقضايا ما يجعلهم غير متفرغين لمتابعة ما ترسله النيابات من تسجيلات.
المقابل المادي
وفي سياق حديثه عن الأزمات أكد أحد الخبراء أن المقابل المادي الذي يحصل عليه الخبير عقب كل قضية أصلا يذكر بالمقارنة بالأسعار الحالية، موضحًا أن اللائحة تنص بحصول الخبير على نحو ٥٠٠ جنيه بعد إيداعه تقريره عن القضية وتسليمه إلى النيابة المختصة وذلك مع الوضع في الحسبان صرف الخبير الأموال العديدة على شراء الأوراق ومستلزمات تفريغ التسجيلات إلى جانب تحمله نفقات السفر لأماكن مختلفة بمحاكم الجمهورية لتسليم التقرير النهائي.
وأضاف: ومن ضمن الأزمات التي نواجهها عدم تخصيص استوديوهات خاصة لعمل الخبراء في المبنى ومشكلات التطور التكنولوجي في برامج الصوت، وهي أزمة كبيرة فهناك بعض الأسطوانات والفلاشات التي يقف الخبراء طويلا أمامها حتى يتم فتحها نظرًا لوجود برامج معينة عليها غير موجود بالاستوديوهات ما يضطر الخبير إلى جلب أنماط تلك البرامج وتعريف الماكينات عليها للبدء في عمله.
مفيش رشوة
ورغم كل تلك الأزمات التي تواجه عمل الخبراء فإن الفخر الشديد حاضر في نبرة أصواتهم وهم يقولون "كل ده وماعندناش حد مرتشي"، موضحين أنه منذ بدء عمل الإدارة لم يثبت يومًا أو تضبط جهة رقابية أو أمنية موظفًا من الخبراء في جريمة تلاعب أو محاولة التحيز لأحد المتهمين في قضايا التسجيلات، كما أن التقارير التي يضعها خبراء المبنى دائمًا تكون الدليل الدامغ التي يعتمد عليها القضاة في إصدار أحكامهم.
ولأن التعمق بالأسئلة في طريقة عمل الخبراء يعد أمرًا ليس مستحبًا لديهم حفاظًا على أسرار مهنتهم كانت إجابات الخبير الذي تحدث لـ"فيتو" مقتضبة بذلك الشأن، موضحًا أن المتهم يحضر المبنى، وتتم مناقشته من واقع ملف القضية ببعض الجمل ويرد عليها وبعد ذلك يجرى تفريغ التسجيل كلمة كلمة ويوضع التقرير وإثبات إذا ماكان صوته أو لا، ونادر جدًا ما يكون الصوت مخالفًا.
وتابع: في حالة الصورة يصبح الأمر أكثر تعقيدًا لاسيما إذا كانت القضية متعلقة برشوة جنسية أو ما شابه من مقاطع ساخنة، حيث لابد أن يتم فحص جسد المتهمين وتصويرهم عرايا ومطابقة تفاصيل أجسادهم بما في الكليب أو الفيديو، ضاربًا المثال بقضية الفنانة والراقصة دينا ورجل الأعمال حسام أبو الفتوح، حيث خلعت بها كامل ثيابها في الاستوديو بحضور إحدى الموظفات التي يتم انتدابها في مثل تلك الحالات فقط.
قضايا قيادات جماعة الإخوان الإرهابية هي الأخرى لم تكن بعيدة عن مرمى نيران خبراء ماسبيرو، فقد أكدت المصادر من داخل الإدارة أنه تم الحصول على بصمة كل قيادات الجماعة في القضايا التي جرى إحالتها إليهم من النيابات عدا الرئيس المعزول محمد مرسي الذي لم ترد بشأنه أي مطالبات في مطابقة بصمة صوته باي تسجيل.
بديع والشاطر
وأكملت: بديع والشاطر وبعض القيادات رفضوا إجراء اختبار بصمة الصوت إلا أنه وبعد تأكدهم أنه لا مناص منها وتجديد حبسهم انصاعوا للأمر وتم أخذ البصمة منهم في السجون، حيث انتقل الخبراء إليهم لدواعي التأمين وخوفًا من حضورهم المبنى وإثارة أزمات أمنية، إحدى قضايا تسجيلات مرشد الإخوان بديع تم تفريغها في نحو ١٠٤٧ ورقة.
وبعبارة "شر لابد منه" وصفت المصادر حال المتهمين في القضايا والذين يرفض بعضهم في بدايتها الإدلاء ببصمة صوتهم ويعودون مجددًا إلى محبسهم ويظلون قيد الكلابشات حتى يرضخوا ويعودوا إلى مبنى ماسبيرو مستسلمين لمناقشة الخبراء وفحص صوتهم وصورهم، مؤكدة أن كثيرا ما يكون البكاء والشعور بالندم حاضرا تلك المرة في استوديو الإذاعة أثناء الحصول على بصمة المتهمين، موضحة أن آخر تلك الوقائع كانت بطلتها سعاد الخولي، نائبة محافظ الإسكندرية السابقة، التي انهارت قبل أسابيع داخل الاستوديو ودخلت في نوبة بكاء شديدة أثناء مطابقة صوتها بتسجيلات القضية التي ضبطتها فيها هيئة الرقابة الإدارية.
"نقلا عن العدد الورقي.."