حكاية «سيدة» مع تلميع الأحذية من أجل «اللقمة الحلال» (صور)
هي لا تعرف مفاهيم كبيرة كالمساواة بين الرجل والمرأة أو مصطلحات متعلقة بقيمة العمل وإنما تتصرف بتلقائية وفطرة سوية، تجاه زوجها وشريك عمرها فتتقاسم معه اللقمة والعمل في "تلميع " الأحذية منذ قرب نصف قرن، فنجحت معه في تربية وتعليم ٧ أبناء رزقهما الله بهم.
سيدة نصر عبد الله، ذات الـ٥٧ عاما والتي تعمل مع زوجها في تلميع الأحذية بجوار مسجد سيدي عواض بقليوب، اضطرت بسبب ظروف المعيشة إلى التناوب مع زوجها في عمله، منذ أن تزوجها وهي في عمر ١٦ عاما، تضع يدها في يده لتعليم وتربية أبنائها، وليتحصلا على قوت يومها، تريد أن تأكل من عرقها بالحلال، حتى لا تكون عبئا على أحد ولو كان من أبنائها الذين وضعتهم على بر الأمان، لكن عملهم بالقطاع الخاص واليومية لن يكفي متطلباتهم واحتياجاتها هي وزوجها، خاصة في ظل ظروف صعبة وارتفاع الأسعار الذي طال حتى الدواء اللازم لها.
سيدة لا تتحرج من عملها في "تلميع الأحذية"، فهو عمل شريف والعمل ليس مشينا، أو عيبا إنما العيب هو أن يمد الشخص يده ليطلب شيئًا ليس من حقه على حسب عقيدة تلك سيدة في الحياة، هناك زبائن صاروا من العشرة أهلا ويتعمدون أن يذهبوا إليها لتلميع أحذيتهم وشباب صغار السن يتحرجون من وضع أقدامهم أمامها، فيخلعون الأحذية ويعطونها لها، من باب التأدب وحسن الخلق.
وتوضح سيدة أن عملها كان وما زال مصدر فخر لها ولأبنائها وعرق يدها هو شرف تتباهي به، فقد عرض عليها الكثير من فاعلي الخير الجلوس في المنزل ويتولون هم الإنفاق عليها، خاصة وأنها تضطر للجلوس فترات طويلة بسبب مرض زوجها، لكن إصرارها على الكفاح «لعل الله يعينها على الرزق الحلال»، كما تقول.
وتطالب سيدة بنفس عفيفة المسؤولين إذا كانت هناك إمكانية كما سمعت من الزبائن في توفير دخل لها ولزوجها عبر معاش. "تكافل وكرامة"، حتى يكون هناك مصدر داخل ثابت يؤمن لهما علاجهما في ظل الظروف القاسية، خاصة وأن تقدم السن ينعكس سلبا على صحتها وقدرتها على العمل.
ربما كانت سيدة واحدة من كثيرات يكسبن الرزق الحلال دون مد اليد طلبا لصدقة، لكنها بعملها تعطي كثيرا من دروس الصبر على متاعب الحياة.