رئيس التحرير
عصام كامل

السياسة العامة والسنة النبوية!


السلفيون ولأنهم يحفظون النصوص ولا يفهمونها ولا يتأملون فيها فكل ما يعرفونه ويأخذونه من السنة النبوية الشريفة هو الجلباب القصير وإطلاق اللحى وضع السواك في جيوب الملابس وغيرها، وهي كلها سنن وقتية بنت بيئتها. أما السنن التوجيهية المعلمة لنا وللبشرية فلا يقتربون منها تقريبا ولا يعملون بها.. فالأحداث الكبرى التي شهدها الرسول عليه الصلاة والسلام تقدم لنا دروسا كبيرة ومهمة صالحة تماما إلى اليوم شرط استخلاص العبرة منها. فمثلا.. التخطيط لليلة الهجرة من مكة إلى المدينة والاستعانة بعبد الله بن أريقط وكان مشركا يعبد الأصنام، واستعان بأسلحة صفوان ابن أمية في معركة "حنين"، واستنجد بـ "مطعم بن عدي"، بعد عودته من الطائف، وهي كلها وقائع تشير إلى إمكانية الاستعانة بغير المؤمنين في السياسة العامة للدولة ،جائز يصل إلى حدود الواجب، لنجاح المهمة المطلوبة والفرق بين العدو وغير المؤمن كبير جدا!


وعندما يختار عليه الصلاة والسلام بلال ليقوم بمهمة الأذان ويقول لعبد الله بن زيد "ألقه على بلال فإنه أندى منك صوتا"، وبعدها يولي خالد بن الوليد قيادة الجيش رغم وجود السابقين الأكثر دراية بالإسلام منه، فهنا نتعلم أن الكفاءة هي معيار الاختيار للمناصب والمسئوليات المهمة، بل تتقدم الكفاءة عن الورع والتفقه في الدين!

وفي مواجهة قريش وفي معاهدة التحالف مع قبائل اليهود بالمدينة المنورة نتعلم أن في مواجهة المشكلات الكبري فإن ترتيب الأولويات هو الخطوة الأولى التي يجب أن تسبق كل الخطوات الأخرى وأن المناورات السياسية مطلوبة لأن الدخول في مواجهة مع جميع المشكلات في وقت واحد هو أقرب للانتحار منه إلى الشجاعة خصوصا إن كان من بين المشكلات أعداء متربصون!

وحين يقول -عليه الصلاة والسلام- عن موقعة "ذي قار" التي تمت في يوم مولده بين العرب والفرس، وانتصر العرب بشكل لم يكن متوقعا: "اليوم عز العرب بي"، فنتعلم منه الاحتفال بالمناسبات الوطنية والقومية وإحياءها وعندما يكون طعامه اللبن والتمر فعلينا أن نفهم أهمية ومعنى الانحياز للمنتج المحلي!

تحتاج السنة النبوية الشريفة إلى إعادة فهم وقراءة كما تحتاج إلى عدة كتب لفهم ذلك لكن علينا استخلاص العبر من كل أحداثها وليس الوقوف على كل فعل فيها بعينه وتفاصيله.. بمعنى أنه ليس مطلوبا منا أن نبحث عن شخص اسمه خالد ليتولي قيادة الجيش ولا أن نشرب الحليب باستمرار ولا أن نأكل التمر كل حين.. فالعبرة بالدرس المستفاد وتحويله إلى سلوك معاصر وليس بتكرار وفعل عين ما فعله الحبيب عليه الصلاة والسلام وهذه هي الطريقة الوحيدة لتكون السنة المطهرة متجددة صالحة لكل عصر !
الجريدة الرسمية