رئيس التحرير
عصام كامل

محمود حميدة الذي لم يقف لوداع شادية


"حاجة صعبة عليا إن أنا استدعى علشان أقدم شخص معين وخصوصا إذا كان هذا الشخص في محل كبير من الإعجاب من ناحيتي والتقدير والاحترام، والصعوبة بتزيد لما بيكون الشخص ده بيشتغل نفس الشغلانة بتاعتي اللى هي التمثيل.. علشان لما بلاقي شخص زي ده إنسان عنده الأعماق الإنسانية دي، وعنده القدرة على الوصول إلى هذا الكم من البشر في أنحاء الكرة الأرضية، ببقى مش عارف أقول إيه علشان أقدمه، لأن أنا مبحبش أختصر الممثل في الجوايز اللي هو حصل عليها أو في حتى عدد الأفلام الناجح منها وغير الناجح، ولكن أنا المعول عليه عندي هو بيقدر يوصل لقلوب الجماهير ولا مبيقدرش.. الشخص اللى أنا هقدمه دلوقتي وصل لقلوب ملايين في أنحاء الكرة الأرضية".


كانت هذه المقدمة العظيمة التي قدم بها الفنان محمود حميدة نجمة هوليود العالمية "هيلاري سوانك" قبل صعودها على خشبة المسرح في حفل ختام الدورة 39 من مهرجان القاهرة السينمائي لتتسلم تكريمها وتلقى كلمتها القصيرة التي عبرت فيها عن سعادتها بوجودها في القاهرة وتكريمها من قبل المهرجان، وتحقيق حلمها بأن تحضر للقاهرة وتزور الأهرامات التي استمتعت بزيارتها.

إن الفنانة الراحلة العظيمة شادية هي الأخرى كانت تعمل ممثلة مثل الفنان محمود حميدة، وكانت محل إعجاب واحترام وتقدير الكثيرين من زملائها في الوسط ومن الجمهور المصري والعربي الكبير الذي أحبها بشدة وحزن جدًا على رحيلها، لقد كانت فنانة تمنت كثير من الفنانات الوصول لنصف ما وصلت إليه، تركت تراث فني عظيم وحجزت مكانة كبيرة في قلوب الجميع، واعتزلت في عز مجدها واختارت الحجاب والعزلة عن العالم وعن الأضواء تاركة كل شيء وراءها، ما زاد من احترام الجميع لها وحبهم لها على شجاعتها بترك كل تلك الأضواء والحياة المرفهة.

لقد كان لدى شادية الكثير من الأعماق الإنسانية، تطبيقًا لوصف الفنان محمود حميدة، وجميع من عايشها وتحدث عنها قال فيها شعرًا عن أخلاقها واحترامها لمن حولها وبشاشتها وإنسانيتها وحب الجميع لها.. لم تستطع شادية أن تصل بنجوميتها إلى جميع أنحاء العالم مثل هيلاري سوانك ولكنها وصلت إلى كل الدول العربية واحتلت مكانة كبيرة لدى الجمهور العربي، مكانة لن يستطيع أن تصل لها ممثلة أخرى لأسباب كثيرة يطول شرحها، أحبها من عايشها في وقتها ومن رآها في أعمالها بعد ذلك وسمع عنها، حتى الأجيال الجديدة التي مازالت في مرحلة الانتقال من الطفولة للشباب أحبوها.

لقد وصلت شادية هي الأخرى إلى قلوب الملايين، ربما ملايين أقل من هيلاري سوانك، ولكنها وصلت إلى قلوب عدد كبير، وقدمت العديد من الأفلام الناجح منها وغير الناجح، وربما لديها الكثير من الأفلام التي تعتبر علامة في السينما المصرية، فقد انطبقت عليها شروط محمود حميدة للتلميع والتنجيم.

قبل أن يغدق محمود حميدة في الثناء على هيلاري سوانك بنصف ساعة تقريبًا، وقبل أن يجد صعوبة في تقديمها للأسباب التي ساقها خلال حديثه، قبل كل ذلك كانت جاسمين طه تودع الفنانة الكبيرة من خلال كلمة بسيطة على خشبة المسرح، في مشهد توديع أخير لها، صاحبه موسيقى مؤثرة وصور للفنانة الراحلة في خلفية المسرح، مع كلمة قديمة لها كانت تقول فيها "مقدرش أنكر إنكم ادتوني مجدي وشهرتي، لكن أنا كمان أديتكوا عمري".

في هذه الأثناء كان جميع الحضور في قاعة الحفل بالوقوف والتصفيق للفنانة الراحلة لمدة وصلت لدقيقة، وفي هذه الأثناء كان الفنان محمود حميدة الذي يجلس في الصف الأول أمام الكاميرات مباشرة يجلس دون مبالاة، ولم يجهد يديه حتى بالتصفيق للفنانة الراحلة، على الرغم من أنها لا تقل عن هيلاري سوانك في شيء، طبقًا للمعايير التي قالها هو بنفسه.

حميدة الذي يتمتع بحب جارف من الجمهور ينطبق عليه جملة "غلطة الشاطر بألف"، فهو من عجينة توفيق الدقن وعادل أدهم، تلك النوعية النادرة التي تكاد تتكرر كل سنوات كثيرة مرة واحدة، لذلك.. على قدر حب الجميع له كان الغضب كبيرًا.
الجريدة الرسمية