صفقة القرن وهم كبير
مجددا يثور الحديث مصريا وعربيا حول ماسمى بصفقة القرن، أي صفقة إسرائيلية عربية، برعاية أمريكية تنهى الصراع العربى- الإسرائيلى، وذلك بمناسبة ما اُذيع ونشر مما يعتبر وثائق بريطانية، والتي صورتها إذاعة "ال بى بى سى" على أنها كانت تتضمن موافقة الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك على توطين الفلسطينيين في مساحة من أرض سيناء، رغم أن ما قيل في إحدى هذه الوثائق كان يخص الفلسطينيين الموجودين في لبنان، وتحديدا قيادات منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى رأسهم الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، وقد تحججت إسرائيل بهذا الوجود لكى تغزو وتحتل لبنان، وكانت مصر وقتها تسعى لإنقاذ لبنان ولم تقبل في أي وقت توطين الفلسطينيين في أرض سيناء، ولعلنا نتذكر عندما اقتحمت أعداد من الفلسطينيين سيناء عام ٢٠٠٨، بتحريض ورعاية حركة حماس كيف تم إعادتهم إلى قطاع غزة والعمل على تأمين حدودنا مع القطاع وقتها.
وبوضوح لا يعتريه أي شك أقول لكل من يتحدث عن صفقة القرن إنها صفقة وهمية لا وجود لها، لا يوجد مشروع ولو ابتدائى أو عام لحل المشكلة الفلسطينية، سواء لدى الأمريكان أو لدى الإسرائيليين، بل إن إسرائيل تحديدا ترى أن استمرار هذه المشكلة لا يضيرها حاليا، ولا تهتم أو تكترث بأية دعوات عربية وفلسطينية للتحرك، للتوصل إلى تسوية سياسية للمشكلة الفلسطينية، خاصة وأن ظروف العرب صعبة وحرجة، ولا تسمح لهم بممارسة ضغوط على أحد في هذا الصدد، كما أن الإسرائيليين يفعلون ما يعن لهم الآن في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يستولون على مزيد من تلك الأراضي ويزرعونها بالمستوطنات، ويقومون بتهويد القدس العربية، ويعتقلون ويأسرون الفلسطينيين ويمارسون الاضطهاد العنصرى ضدهم ولا أحد حتى في العالم يعاقبهم، أي إن الوضع الحالي- وضع لا حل- مناسب لإسرائيل.
وهكذا صفقة القرن هي وهم كبير، وللأسف بَعضُنَا يجرى وراء هذا الوهم، وحتى لو صارت مستقبلا حقيقة فإن مصر لا يمكن أن تقبل بالتنازل عن متر واحد من أراضيها في سيناء، وأضيف والفلسطينيون أيضا يرفضون.