من حروب الجيل الرابع!
وصيتي إلى الشباب ألا يلتفتوا إلى تلك السخافات والترهات المضحكة التي يتم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي منذ فترة، والتي تدعي -زورًا وبهتانًا- أن الجيش المصري ترك أعماله الأساسية وواجباته الكبيرة المنوطة به، وهي الحفاظ على أمن الوطن، وتحول إلى ممارسة أعمال مدنية؛ كأعمال تشييد وبناء، وزراعة أراض، وإنشاء مزارع سمكية، وإقامة شبكات طرق ضخمة تصل شرق البلاد بغربها، وشمالها بجنوبها..إلخ(!!).. والحقيقة أن مروجي هذه السخافات يتصورون أنهم يسحبون البساط من تحت أقدام نظام الحكم في مصر، وأنه مهد السبيل للجيش المصري لكى يسيطر -من خلاله- على مقدرات البلاد.
هذه النوعية من البشر تمتلئ صدورها بالغل والحقد والكراهية، ولا تريد لمصر استقرارًا ولا تنمية ولا تقدمًا، بل هي - في الواقع- تفتقر إلى أبسط القيم والأصول والمبادئ التي تدعو إلى تعزيز الانتماء للوطن وحبه وأنه من الإيمان.. ويبدو أنها لم ترتبط يوما بقريتها أو مدينتها التي نشأت وترعرعت فيها، ولا حتى بالمدارس أو الجامعات التي تعلمت فيها.. إن أهم ما يتميز به الجيش المصري هو توفر أعلى درجات الانضباط والإتقان في كل شيء، وهو ما مكنه -ولا يزال- من أداء أصعب وأشق الأعمال في أقصر وقت ممكن، وهو ما يشعر به القاصي والداني.. والسؤال الذي يفرض نفسه هو: هل وقفت رئاسة الدولة أو الجيش المصري ضد أي شركة أو مؤسسة مدنية، وحال دون قيامها بأي عمل لخدمة المصريين والوطن، أم أنها حجة -غبية وتافهة- لمحاولة النيل من مكانة ومنزلة الجيش المصري العظيم؟! وهل حدث أن تعرضت الدولة المصرية لهجوم أو اعتداء من جيش دولة أجنبية واحتل أرضها أو جزءا من أرضها، ولم يستطع أو تخاذل الجيش المصري عن التصدي له ورد كيده؟
إن الجيش المصرى العظيم لم يحارب عام ٦٧.. لكنه أظهر أثناء حرب الاستنزاف بطولات فذة وأعمالا خارقة، جعلت الشعب بكل فئاته وقطاعاته يفخر ويعتز به، ويزهو بأن لديه رجالا على استعداد أن يقدموا أرواحهم ودماءهم فداءً لمصر... وفى حرب أكتوبر، كان عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف، وكان النصر العظيم الذي شهد به العالم.. فهل نسي هؤلاء الحمقى ذلك؟ أم أنهم -كعادتهم- يريدون طمس معالم أي عمل عبقري يخص الجيش المصري؟
لقد نسوا أيضًا -أو تناسوا- أمرًا آخر مهمًا وهو مقاومة القتلة والإرهابيين، الذين أصبحوا يمثلون خطرًا داهمًا، ليس على مصر فقط وإنما للعالم كله.. إن الجيش المصري لم يدخر جهدًا في مواجهة هؤلاء القتلة، وقد وجه -ولا يزال- ضربات موجعة لهم في سيناء والصحراء الغربية المصرية، ولولا هذه الضربات لتبدل حال مصر، من دولة لها مكانتها ومنزلتها، إلى دولة ممزقة مقطعة الأوصال.. لقد قدم الجيش المصري شهداء بررة، وهو ما يدفعنا لأن نقدم له كل ما نملك في سبيل أدائه دوره العظيم على النحو الأكمل والأمثل.. لقد حمى الجيش المصري ثورتي ٢٥ يناير، و٣٠ يونيو، بل إنه حال دون انزلاق الشعب إلى هاوية حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، ولولا وقفته لكان لمصر شأن آخر.. حفظ الله جيش مصر، وأعانه، ورعاه، فهو لا يمثل العمود الفقري لمصر فقط وإنما للأمة العربية كلها.