رئيس التحرير
عصام كامل

«تمثيلية داعش» بالدقهلية والنهاية الحزينة!


مديرة لإحدى المدارس الإعدادية بميت غمر بالدقهلية رأت أن أفضل طريقة لحشد التلاميذ ضد التطرف وهم في مثل هذه السن هو تقريب الصورة إليهم بطريقة عملية تقبلها عقولهم.. فقررت محاكاة حادث مسجد الروضة بمسرحية في فناء المدرسة عن الحادث بتفاصيل قريبة وفقًا للمكان ولإمكانيات التنفيذ وقدرة التلاميذ على الأداء.. فقرر المحافظ إقالتها واعتبرها تعلم التلاميذ العنف وتحرض عليه وإحالة باقي المشرفين عن العرض إلى التحقيق!


ومن ظاهر الأمر يبدو حسن النية متوفر عند المديرة السيدة إيمان السمري وتبدو الرغبة في السعي إلى التربية السليمة متوفرة عند المحافظ.. لكن تقريب الإحساس بالعنف وبالتالي إلى الجريمة إلى التلاميذ هو المطلوب بعينه.. واتهام المحافظ للمديرة يمكن اعتباره من الجانب الآخر شهادة نجاح منه للفكرة في ذاتها.. خصوصًا أنها قالت في تصريحات لــ"فيتو" أمس إنها سبقت وقدمت عرضا مشابها في ذكرى حرب أكتوبر وهذا رائع.. وقدمته أيضًا عن طريق القضاء على الإرهابيين في عملية الواحات الأخيرة.. كما أنها قالت إن اليوم بدأ بتحية العلم والهتاف لمصر وانتهى بالتوعية من الإرهاب!

الآن سيتردد أي مدير مدرسة في ابتكار أي طريقة تكون مفيدة في التعليم أو في التربية.. ويستسلم مديرو المدارس بكل أنحاء الجمهورية إلى ميكانيكا انتظار التعليمات والاتكال إلى الخطط الصماء الموضوعة سلفًا.. لا إبداع لا مبدعون!

كما أننا لا نعرف لماذا أقال المديرة واستمر التحقيق مع الباقين؟ ولماذا لم يحل المديرة للتحقيق أولا حتى تقول دفاعها ثم يقرر المحققون ما يرونه؟ وماذا سيقول التلاميذ عن إقالة مديرتهم؟ هل لأنها أرادت فضح الإرهاب؟ أم لأنها مارست حقها في الإدارة؟ وقد فضحت الإرهاب بالفعل بل مارست حقها أيضًا في الإدارة.. إذن لماذا هذه المرة؟!

وبغير أي معلومات نجزم أنه الآن وفي هذه اللحظات يوجد الكثيرون ممن يتولون مواقع الإدارة في الدقهلية - المحافظة الكبيرة المهمة- كثيرون يستحقون الإقالة والعزل والإحالة للتحقيق.. بين مهملين وفاشلين وغير مؤهلين وربما ما هو أسوأ.. لكن المحافظ قرر هنا ويتمهل هناك.. وإلى حين أن يطول هذا الحسم باقي مفاصل الجهاز الإداري في الدقهلية نأمل من سيادته أن يعيد النظر في قراره بل يدعو لاجتماعات تدعي في الجامعة ورموز وفناني المحافظة وهم كثر.. لمناقشة مواجهة الإرهاب وتجفيف جذوره على الأقل في محافظته!

تتبقى ملاحظة أخيرة جوهرية وشكلية أيضًا وهي أن الفدائيين في العدوان الثلاثي عام 1956 كانت نسبة كبيرة منهم قريبة من عمر تلاميذ الإعدادية.. وبخلاف ما نعرفه فإن عددًا من هؤلاء ومنهم الفدائية العظيمة زينب الكفراوي رووا أمام الرئيس السيسي ومصر كلها في أكثر من مؤتمر للشباب عند تكريمهم كيف "كذبوا" في تقرير أعمارهم ليلتحقوا بالمتطوعين والمتطوعات.. المتطوعات عندما حملت الفتاة المصرية السلاح دفاعًا عن وطنها!
مش تقولي منظر الدم مزعج للتلاميذ! أمال لو مكانش ميكروكروم وألوان صناعية كنتوا عملتوا إيه؟!
الجريدة الرسمية