علي وزوجته وقصة انتظار لا تنتهي في مدينة تيمشوارا
يروي اللاجئ العراقي (علي) البالغ من العمر 52 عامًا، قصة أغرب من الخيال عن حياته بمركز إيواء الطوارئ التابع للمفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والمعروف بـ "ترانزيت كمب أوف تيمشوارا".
ففي جولته بـ"تيمشوارا" غرب رومانيا على الحدود مع هنجاريا وصربيا، مرّ موفد مهاجر نيوز بشارع العرب (براونكوفيانو) بالمدينة التاريخية، هنا تتجاور محال يملكها عراقيون وسوريون ومصريون على امتداد مدخل الشارع لبيع السجاد والملابس والأدوات المطبخية والمعدات المنزلية عمومًا.
محاولة للوصول إلى قصص المهاجرين واللاجئين، قادت موفد مهاجر نيوز بعد بحث مُضنٍ وتنقل متواصل بسيارات الأجرة عبر شوارع المدينة التي اختنقت بالسيارات، إلى مهاجر عراقي اسمه (علي حسين فارس الزبيدي)، جاوز العقد الخامس، وروى بألمٍ قصته مع الهجرة.
"كنت لاجئًا أنا وزوجتي في سوريا منذ عام 2004، وجاءت بي المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في 24 /9/ 2012 إلى هنا (تيمشوارا) بعد إعلامنا أنه سيتم نقلنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ووعدونا أن هذا المخيم سيكون محطة ترانزيت لتعذر وصول الوفد الأمريكي المختص بمقابلة طالبي اللجوء إلى سوريا بسبب بداية الأحداث عام 2012، وقالوا لنا إننا سنبقى هنا لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، وفي حال رفض طلبنا سيجري مخاطبة دول أخرى لتقبلنا، وجئنا إلى هنا، فرفض طلبي وطلب 5 أشخاص آخرين باللجوء إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. الباقون الخمسة قضى بعضهم سنة كاملة وجرى قبوله، وقبل آخر بعد سنة ونصف السنة، وبقي شخص اسمه "سلوان" لمدة 5 سنوات ثم قبلته ألمانيا، ما تبقى من اللاجئين الذين رفض طلبهم هو أنا وزوجتي وقد مضى علينا الآن 5 سنوات وشهران".
الحالات الأصعب هم فاقدو الصفة
أصعب ما في وضع علي أنه لا يحمل أي صفة، فهو ليس لاجئًا، وليس طالب لجوء، ولا يملك سوى طلب عام موجه للمفوضية العليا لشئون اللاجئين بتوجيه لجوئه الإنساني إلى أي دولة تقبله.
أرقام المفوضية العليا لشئون اللاجئين تتحدث اليوم عن 65 مليون إنسان بلا مأوى ومشرد ونازح، 22 مليون لاجئ وطالب لجوء، 10 ملايين شخص مجهول الصفة stateless people، و186 ألف طالب لجوء جرى إعادة توطينه.. والكلام هنا غالبًا عن اللجوء الإنساني، حيث لا يملك المتقدم ملف لجوء سياسي، وهذا يعني أن عليًا قد يواجه مراحل انتظار بلا نهاية حتى تتضح قضيته، وهذا ما يفاقم الوضع ويزيد صعوبته.
محاولة للوصول إلى قصص المهاجرين واللاجئين، قادت موفد مهاجر نيوز بعد بحث مُضنٍ وتنقل متواصل بسيارات الأجرة عبر شوارع المدينة التي اختنقت بالسيارات، إلى مهاجر عراقي اسمه (علي حسين فارس الزبيدي)، جاوز العقد الخامس، وروى بألمٍ قصته مع الهجرة.
"كنت لاجئًا أنا وزوجتي في سوريا منذ عام 2004، وجاءت بي المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في 24 /9/ 2012 إلى هنا (تيمشوارا) بعد إعلامنا أنه سيتم نقلنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ووعدونا أن هذا المخيم سيكون محطة ترانزيت لتعذر وصول الوفد الأمريكي المختص بمقابلة طالبي اللجوء إلى سوريا بسبب بداية الأحداث عام 2012، وقالوا لنا إننا سنبقى هنا لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، وفي حال رفض طلبنا سيجري مخاطبة دول أخرى لتقبلنا، وجئنا إلى هنا، فرفض طلبي وطلب 5 أشخاص آخرين باللجوء إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. الباقون الخمسة قضى بعضهم سنة كاملة وجرى قبوله، وقبل آخر بعد سنة ونصف السنة، وبقي شخص اسمه "سلوان" لمدة 5 سنوات ثم قبلته ألمانيا، ما تبقى من اللاجئين الذين رفض طلبهم هو أنا وزوجتي وقد مضى علينا الآن 5 سنوات وشهران".
الحالات الأصعب هم فاقدو الصفة
أصعب ما في وضع علي أنه لا يحمل أي صفة، فهو ليس لاجئًا، وليس طالب لجوء، ولا يملك سوى طلب عام موجه للمفوضية العليا لشئون اللاجئين بتوجيه لجوئه الإنساني إلى أي دولة تقبله.
أرقام المفوضية العليا لشئون اللاجئين تتحدث اليوم عن 65 مليون إنسان بلا مأوى ومشرد ونازح، 22 مليون لاجئ وطالب لجوء، 10 ملايين شخص مجهول الصفة stateless people، و186 ألف طالب لجوء جرى إعادة توطينه.. والكلام هنا غالبًا عن اللجوء الإنساني، حيث لا يملك المتقدم ملف لجوء سياسي، وهذا يعني أن عليًا قد يواجه مراحل انتظار بلا نهاية حتى تتضح قضيته، وهذا ما يفاقم الوضع ويزيد صعوبته.
وفي هذا السياق قال: "منذ التاريخ الذي ذكرته أعلاه، بقيت أنا وزوجتي في مركز إيواء تيمشوارا، ولا نحصل سوى على الأكل والشرب اليومي، فيما لا نحصل على أي مبلغ من المال منذ خمس سنوات، فالأمم المتحدة لا تقدم مساعدات مالية، والسلطات الرومانية تعتبرنا ضيوفًا على المفوضية ولا تمنحنا شيئًا، ولولا بعض الأصدقاء والمعارف، كان يمكن أن نكون شحاذين، فبعض الأصدقاء يفدون من بلدان أخرى أسبوعيا لتقديم المساعدة، ودفع قيمة كارت الهاتف المحمول لي ولزوجتي".
وتفاقم الأمر على (علي وزوجته)، حين أصيبت الأخيرة بسرطان الثدي، وفي هذا يقول: "أجريت لها عمليتين جراحيتين، عاشت بشكل مأساوي مع عموم سكان مركز الإيواء، فلا يوجد مكان نظيف، ولا خصوصية ولا مكان للنقاهة من العمليات، والأصعب في الموضوع أنها بقيت معزولة في قاعات النساء، وبقيت أنا بعيدا عنها في قاعات الرجال، وقد أدى بي هذا إلى نوبة جنون، فهددتهم بالتصعيد والعواقب الوخيمة، ما أدى بهم إلى تخصيص قاعة كبيرة لي ولها فحسب؛ لأتولى رعايتها والعناية بها".
وعزا (علي الزبيدي) القصور إلى المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، معتبرا أن السلطات الرومانية براء من هذا الوضع؛ لأن رومانيا رسميًا بلد مضيف لمرحلة مؤقتة: "السلطات الرومانية ردت علينا أكثر من مرة أننا لا نملك إقامة رسمية على أراضيها، وتتولى سلطات المدينة استضافتنا وحمايتنا فحسب بانتظار تدابير الأمم المتحدة، وقد قدمت لأكثر من مرة طلب لجوء إلى رومانيا، لأعمل طباخًا، وأعيش في هذا البلد، لكن السلطات رفضت طلبي وأبلغتني أن هذا غير جائز قانونيًا لأني دخلت رومانيا كمحطة ترانزيت وليس كبلد لجوء".
وفي معرض حديثه عن معاناته تساءل علي: "تخيل إنسانا بالغا وزوجته يعيشان 5 أعوام كاملة بلا دخل، ولم يدخل جيبهما دولار واحد! المخيم لا يوفر لنا سوى الطعام، وتي شيرت واحد في الصيف، وجاكيت وحذاء حين يحل الشتاء".
عرض للعمل تحت الإقامة الجبرية في المخيم!
وروى (علي الزبيدي) تجربته مع متعهد تجهيز أرزاق المخيم، وقد عرض أن يشغله طباخًا معه، فنقل الرجل الطلب إلى السلطات الرومانية مبينًا أنه مستعد لتشغيل (علي) معه في المطبخ، مقابل راتب معقول، على أن يبقى في المخيم ولا يغادره، في محاولة لتأمين دخل من نوع ما له، وحسبما روى (الزبيدي) فإن السلطات وبعد إلحاح قبلت العرض، لكنها اشترطت على المتعهد أن يوقع تعهدًا بحماية (علي) والمحافظة عليه، ما أثار لديه مخاوف من المسئولية، فتخلى عن عرضه.
وصف (علي الزبيدي) بمرارة المكان الذي يعيش فيه منذ خمس سنوات قائلا: "سبع غرف مساحة كل منها 40 مترا، الحمامات مشتركة، الرجال معزولون عن النساء، المطابخ مشتركة، كل غرفة تأوي 12 شخصًا، وأعيش الآن في غرفة مساحتها 40 مترا مع زوجتي، المحرومة من التدفئة بسبب عطلها، ولا أعلم متى سيتم إصلاحها، ننام على أسرة، وملابسنا ما زالت في الحقائب، بيتي منذ خمسة أعوام هو حقيبة، خروجي من المخيم مشروط، ولي الحق أن أغادره 3 مرات في الأسبوع، من الصباح حتى الليل، وعلي العودة قبل الساعة العاشرة ليلًا، وإذا حاولت المبيت خارج المخيم، مع صديق مثلا، فسيكون الوضع مأساويا ويعتبروني هاربًا، ويبلغون الشرطة".
وخلص (علي) بمرارة إلى أنه قد فقد الأمل ونسي طعم الحياة الطبيعية، وقد غزت الأكزيما والأمراض الجلدية بشرته، معتبرًا أن المدة التي قضاها في سوريا كانت أرحم من حالهما الآن، بسبب قدرته على الحركة وشبه حريته في العمل آنذاك، وخاطب أحرار العالم ممن لا يميزون بين الأسود والأبيض وناشدهم التدخل لإنهاء المأساة التي يعيشها مع زوجته العليلة.
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل