رئيس التحرير
عصام كامل

«شادية والسياسة».. عزف منفرد في حب مصر

شادية
شادية

لم تكن الفنانة الراحلة شادية مجرد فنانة استثنائية قدمت أروع الأغاني العاطفية والوطنية على مدى سنوات طويلة مليئة بالتحولات السياسية والاجتماعية، وإنما نجحت بالفعل في تقديم عزف منفرد في عشق مصر في عشرات الأغاني، بل المواقف التي دفعتها للخروج عن صمتها واعتزالها لأول مرة بعد عقدين تقريبا في عام 2011، وفي قمة سخونة أحداث 25 يناير، لتقوم بالدعاء لمصر على الهواء مباشرة في مداخلة مع الإعلامي عمرو الليثي.


وقالت شادية في مداخلتها: "أنا مش مصدقة اللي بيحصل ده.. ادعوا ربنا ليل نهار أن يعقّل ولاد مصر"، لافتة إلى أن مصر اسمها مكتوب في القرآن، ومؤكدة على ضرورة أن نحافظ عليها.

وأضافت بصوت باكٍ: "مصر عملت إيه يا ربي.. حاجة تقطع القلب.. محصلش ولا هيحصل.. إزاي نهون على بعض.. الواحد مذهول.. إزاي واحد يضرب في أخوه أو ابن عمه، ده حرام.. مش مصر اللي يحصل فيها كدة".

كانت تلك هي كلمات شادية الفنانة والإنسانة التي عشقت تراب مصر وغنت لها أروع الأغاني لدرجة أن تحولت أغنيتها "يا حبيبتي يا مصر" بعد أكثر من ربع قرن إلى ما يشبه النشيد الوطني في ميدان التحرير للتعبير عن لحظة حرجة مرت بها في 2011.

لم تترك شادية مناسبة وطنية إلا غنت فيها لمصر دون أن تتقاضى مليما واحدا، ففي أعقاب نكسة 67 وضرب مدرسة بحر البقر غنت "الدرس انتهى لموا الكراريس"، وبعد نصر أكتوبر غنت (لما كنا صغيرين) التي لم تتبرع بأجرها فحسب، وإنما دفعت ثمن الأشرطة التي تم التسجيل عليها، كما غنت عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة.

وغنت شادية لبورسعيد في أعقاب العدوان الثلاثي "أمانة عليك أمانة يا مسافر بورسعيد، أمانة عليك أمانة لتبوس لي كل إيد حاربت في بورسعيد"، وغنت للسويس: "بكتب جوابي من السويس، علشان حبيبي في العريش"، مثلما غنت "مصر اليوم في عيد" بعد استعادة سيناء كاملة.

وغنت بلد الأحرار، ويا بنت بلدي زعيمنا قال قومي وجاهدي، ويا الرجال قومي قومي قومي وجاهدي يا بنت بلدي، وغنت لأمتها العربية (عربي في كلامه عربي في سلامه، حتى ابتسامه حتى خصامه)، وهي أيضا التي غنت (هوا يا هوا ياللي انت طاير، هات لي يا هوا وياك بشاير).

لقد تغزلت شادية -بالتعاون مع أسماء كبيرة في التأليف والتلحين مثل محمد حمزة وبليخ حمدي والموجي، وفتحي قورة والحبروك وعبد الرحيم منصور وغيرهم- في حب مصر بأشكال مختلفة، فهي التي غنت "رايحة فين يا عروسة، رايحة فين يا عروسة يا أم توب أخضر".

وغنت شادية أيضًا: (ادخلوها سالمين ادخلوها سالمين.. ادخلوها آمنين، مصر بلد المؤمنين.. مصر بلد الطيبين)، و(وحياة رب المدائن، وحياة رب المداين، لأزرع رملك جناين، وابنيلك قصر مرمر، يا بلدنا يا ست الحسن).

ويمكن القول -بلا مبالغة- إن شادية أحبت مصر بصدق ودون أدنى افتعال، فكانت بمثابة التعبير الراقي والصادق عن هذا الحب، وربما لهذا السبب استحقت لقب صوت مصر الذي قدم عزفا منفردا ندر أن يتكرر مثله في تاريخ الأغنية الوطنية على مدار تاريخها.
الجريدة الرسمية