رئيس التحرير
عصام كامل

لا نأخذ منكم إلا الكلام


من جميع أنحاء العالم انهالت على مصر برقيات ومكالمات العزاء وإعلان التضامن معنا، بعد العمل الإرهابى الخسيس الذي استهدف المصلين داخل مسجد الروضة في بئر العبد، بل إن البعض لم يكتف بذلك فقط وإنما شاركنا الحداد ومظاهر الحزن على هذا العدد الكبير من الضحايا، شهداء وجرحى، مثل تنكيس الأعلام وإطفاء الأنوار، ونحن بالطبع نشكر كل من واسانا وأعلن تضامنه معنا في مواجهة الاٍرهاب، ولكننا نقول لهم: ليس بالكلام وحده ولو كان قويا وحماسيا نحارب الاٍرهاب ونهزمه ونقضى عليه ونحمى عالمنا من شروره.


محاربة الاٍرهاب تقتضى أن يتحول هذا الكلام إلى أفعال، أي إلى التوقف عن تمويل المنظمات الإرهابية وتسليحها وتدريب الإرهابيين على استخدام السلاح، وتوفير الملاذ الآمن للإرهابيين والغطاء السياسي لهم، كما تقتضى محاربة الاٍرهاب أيضا مساعدتنا بالمعلومات المدققة والسليمة عن تلك التنظيمات الإرهابية، ولتحركات أعضائها وكوادرها وشبكات التواصل بينها، وكذلك المعدات التكنولوجية والأسلحة التي نحتاجها في حربنا ضد هذه التنظيمات الإرهابية، فضلا عن تسليم العناصر الإرهابية والتكفيرية المطلوبة لمحاكمتها أمام القضاء المصرى لتورطها في ممارسة العنف أو التحريض عليه أو مساعدة من يمارسونه وتقديم الخدمات اللوجستية لهم.

أما الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة ولو بأشد الألفاظ وأقوى العبارات فهو مجرد تسجيل مواقف أو تبرئة ساحة، ولكن لا يمكن اعتباره مساهمة جادة في محاربة الاٍرهاب، وذات الشىء ينطبق على برقيات ومكالمات العزاء، ولو كانت حارة، من يريد أن يتضامن معنا في حربنا ضد الاٍرهاب عليه أن يحول كلامه إلى أفعال ليس فقط في ساحة هذه الحرب، وإنما اقتصاديا وسياسيا أيضا، خاصة وأن مكافحة الاٍرهاب مكلفة، ولها خسائر اقتصادية، مثلما لها خسائر بشرية، أما بدون ذلك فسنظل وحدنا نخوض الحرب ضد الاٍرهاب، كما يعلن الرئيس السيسي في كل المحافل الدولية.

ودعمنا في حرب الاٍرهاب ليس تفضلا من أحد، لأن الاٍرهاب لا يستهدفنا وحدنا، وإنما هو يتربص بالجميع في كل أنحاء العالم، وقد ذاقت دول عديدة، سواء في منطقتنا أو في أوروبا، وقبلها أمريكا من مرارة العمليات الإرهابية، وحتى الآن لا تأمن دولة واحدة من هذا الاٍرهاب الآن، وهكذا عندما يساعدنا أحد في حربنا ضد الاٍرهاب فهو يساعد نفسه ويحميها من خطر هذا الاٍرهاب الذي انتشر في ربوع الأرض.

حتى نهزم الاٍرهاب ونتخلص من شروره لا بد أن يتعاون الجميع في محاربته، وأن يكف البعض-دولا وحكومات وأجهزة مخابرات- عن التواطؤ مع التنظيمات الإرهابية أو توظيفها في تحقيق أغراض سياسية.
الجريدة الرسمية