رئيس التحرير
عصام كامل

خبير أثري: الفراعنة توصلوا لأول خريطة منجمية في العالم.. استخرجوا الذهب وصنعوا الحلي.. العثور على أدوات سحق المعادن قرب «أم الروس».. تمثال «ببي الأول» يؤكد نظرية الصفائح المطروقة

على أبو دشيش خبير
على أبو دشيش خبير الآثار المصرية

قال على أبو دشيش، خبير الآثار المصرية عضو اتحاد الأثريين، إن الفراعنة كانوا دائمي التجول في الصحاري بحثا عن الثروات والخيرات، ولذا كانوا أول من برعوا في استخراج الذهب ومعرفة أماكن تواجده.


أول خريطة جيولوجية
وأكد أبو دشيش، أن في عهد الملك سيتي الأول خرجت أول خريطة جيولوجية، وأقدم خريطة منجمية في العالم، وهى خريطة فرعونية مسجلة على ورق البردي يعود تاريخها إلى 1400 ق. م، وهى الآن محفوظة في متحف تورين بإيطاليا، ومسجل بها أسرار مناجم الذهب عند الفراعنة.

وقد اكتشفت هذه الخريطة في القرن التاسع عشر الميلادي، ويرجح العلماء أن هذه الخريطة تشير إلى أن المنطقة بين الأقصر والبحر الأحمر التي كانت تزود الفراعنة بالمعادن النفيسة، وكان يصنع منها الحلي والأساور والتماثيل، وقد اهتم الفراعنة باستخراج الذهب كأحد الخامات المستخدمة في الفنون الخاصة به.

تشكيل الذهب
وأظهر الفراعنة براعة في تشكيل الذهب واستخراجه من صخور الكوارتز، فكان المصري القديم يعمد فيه إلى قطع عروق الذهب مع قطعة الصخر المحيطة بها من الجبل بوسائل متعددة منها النار، وبعد أن يخرج قطع الصخر هذه من المناجم يعمل على تفتيتها إلى قطع صغيرة، ثم طحنها إلى مسحوق ناعم مثل البودرة، وتوضع على سطح مائل، ويمرر فوقه تيار من الماء بحيث يمكن فصل ذرات الذهب منه، وقد عثر على بعض الأدوات الخاصة بعملية السحق بالقرب من منجم أم الروس القديم.

عملية السحق
وتظهر براعة وإبداع الفراعنة، حيث إن عملية السحق اليوم تحتاج إلى أدوات متقدمة لسحق هذه الصخور الحاملة للذهب.

وأظهر الفنان المصري القديم براعته في تشكيل معدن الذهب، وهي باقية حتى الآن في جميع متاحف العالم، وقد سجل الفراعنة على جدران مقابرهم مناظر استعمال الذهب وصياغته ففي مقبرة الملكة "تي" في سقارة في عصر الدولة القديمة وفى مقبرة مرى روكا نرى عمليات وزن الذهب وحصره وتسجيله، ثم تسليمه إلى العمال ورؤسائهم لصياغته في حلى وتمائم وقلادات.

أفران الصهر
وأضاف أن الفراعنة هم أول من صنعوا فرنا للصهر، وأن خام النحاس من أكثر الخامات التي استخدمها الفراعنة بعد الذهب، والنحاس أول معدن عثر عليه الفراعنة واستخرجوه من شبه جزيرة سيناء والصحراء الشرقية، وقد استخدم المصري القديم أدوات من الصوان لاستخراج النحاس إذا ما كانت طبقاته سطحية، وإذا امتدت طبقاته تحت سطح الأرض، فقد كان يستخدم إزميلا من النحاس يحفر بها الصخور للوصول إلى طبقات النحاس تحت الأرض.

وقد عثر على الكثير من تلك الأزاميل بسيناء وبعد استخراج المعدن يطحن وينظف ويوضع مع كميات من الفحم في كومة على سطح الأرض أو في حفرة غير عميقة، ويتم إشعال النار في هذه الكومة مع إمرار تيار من الهواء عن طريق أنابيب ينفخ فيها أو أي منفاخ آخر لإشعال النار.

وبهذه الطريقة المتبعة كان يذاب خام النحاس ويفصل من المواد العالقة به، وهذه الطريقة المتبعة الآن في صهر الناس مع بعض التعديلات.

فرن فرعوني
وقد عثر على بقايا فرن فرعوني في شبه جزيرة سيناء كان مستعملا لاستخلاص النحاس من خاماته، ويتكون هذا الفرن من حفرة في الأرض عمقها قدمان ونصف القدم ويحيط بها حائط من الحجر به ثقبان لنفخ الهواء منها، ويعتبر هذا الفرن أول فرن في العالم لصهر خام النحاس أنشأه الفراعنة.

ولعملية تشكيل النحاس كان المصري القديم يستعمل مطارق من الخشب أو غيره ليحول هذه القطع من المعدن إلى صفائح مطروقة يستطيع أن يشكل فيها ما يشاء، وقد اتبعت هذه الطريقة في تمثال (ببي الأول) أحد ملوك الأسرة السادسة.

وكانت صناعة الزجاج في مصر من الصناعات التي لاقت رواجا كبيرا وكانت صناعة الزجاج معروفة للمصري القديم منذ أول عصور تاريخية، حيث عثر على بعض الحروز والتمائم المصنوعة منه، وأيضا على بعض الأواني، وكانت المواد التي يصنع منها الزجاج هي الرمل، وتحتوي على عنصر كربونات الكالسيوم، وصنع الفراعنة الزجاج بخلط هذه المواد.

وتوضع في جفنات من الخزف وتسخن تسخينا شديدا في فرن خاص إلى أن تنصهر انصهارا كليا وتتحد ببعض اتحادا تاما، وتصير كتلة الزجاج الناتجة صافية متجانسة، وبعد ذلك يصب الزجاج ويشكل ويلون، فكان هناك اللون الأصفر والأزرق والأسود الشفاف، وأيضا عديم اللون، وقد وجد في مصر مصانع عديدة للزجاج منها في عهد الملك أمنتحتب الثالث وأربع مصانع وجدت في تل العمارنة في عهد إخناتون.
الجريدة الرسمية