مهرجان القاهرة السينمائي أتلفه الهوى!

عبر ٣٩ عاما أصبح مهرجان القاهرة السينمائي دوليا، وواحدا من ١٤ مهرجانا سينمائيا في العالم مع كان وبرلين وفينيسا وموسكو، أي إن مهرجان القاهرة يقترب من عامه الأربعين، سن النضج والرشد والتألق، خاصة وأن مهرجان الجونة الذي كان منذ عدة أسابيع ترك انطباعا جيدا لعشاق السينما في التنظيم والدعاية والدقة في كل شيء، والأهم في الترويج بذكاء للسياحة لأجمل بقاع الأرض، لدرجة أن منظمي المهرجان لم يتركوا شيئا للصدفة، توسمنا الخير في أن مصر أصبح لديها خبراء في تنظيم الاحتفالات والمهرجانات، وجاء مؤتمر شرم الشيخ الدولي للشباب، ليؤكد تلك الحقيقة، وبدا أن لدينا مؤسسة توشك على الاكتمال في تنظيم مؤتمرات الدولة، أو التي تحمل اسم مصر، وبدا كذلك أن هناك رؤية بمعنى اختيارات الاسم والمكان ونوعية الضيوف المشاركين..

وكان التوقع أن المنافسة والمهنية ستدفع القائمين على مهرجان القاهرة للتجويد والاستفادة بخبرات السنوات السابقة، والاستعانة بالخبرات الجديدة، التي أضفت لمسات فنية محترمة على مهرجان الجونة، غير أن وزير الثقافة حلمي النمنم لم يجد من يصلح لرئاسة المهرجان سوي السيدة ماجدة واصف الرئيسة السابقة للمهرجان، رغم الأخطاء الكثيرة التي وقعت في العام الماضي، سواء المالية أو الفنية، أو تعمد إيقاع الضرر ببعض الأفلام، كما حدث لفيلم "آخر أيام المدينة"، حتى قيل إن هدف مهرجان القاهرة السينمائي هو مجرد البقاء وليس التطوير وتقديم الأفضل..

والمصيبة كانت في غياب المشاركة المصرية بأي عمل نتيجة التردي في صناعة السينما، ولم يكن أمام مهرجان هذا العام سوى الخضوع لقنوات dmc لتخفيف الأعباء المالية، لأنه غير قادر على تمويل حملة الدعاية للمهرجان، رغم أن وزارة المالية ضاعفت الميزانية هذا العام من ٦ إلى ١٣ مليونا، وبالطبع تلك ميزانية ضئيلة لا تحتمل تكلفة استضافة النجوم والضيوف الأجانب، وفيما يبدو لم تجد إدارة المهرجان سوى تلك الشبكة لتضع المهرجان تحت رعايتها الحصرية، وفيما يبدو أن البعض يفهم الحصرية بمزاجه، بمعنى أن هناك احتفالات قومية يتم توظيفها لتحقيق عدة أهداف غير معلنة، بل إن بعض الدول تتحايل لاستضافة مثل هذه المهرجانات للدعاية للسياحة والتسوق، مثل بلدة "كان" الشاطئية..

وأزعم أن أحدا لا تذكر أمامه "كان" إلا ويتذكر المهرجان، ولكننا بدلا من إقامة حفل الافتتاح عند سفح الأهرامات وأبو الهول أو في القلعة، كما كان يحدث، ذهبوا به لقاعة المؤتمرات الجديدة بالتجمع، ومنذ البداية تأخر حفل الافتتاح ثلاث ساعات عن موعده، ثم منعت الإدارة الحصرية التصوير على السجادة الحمراء إلا بعد دفع الاشتراك، حتى لا تنفرد بقية القنوات بالتصوير مع النجوم، أي إن مصلحة القناة أهم من الدعاية للمهرجان، والبلد، ونتيجة لسوء الإدارة غضب هاني أبو أسعد مخرج فيلم الافتتاح، بعد أن غادر القاعة معظم النجوم والحضور..

مما دفع كبار النجوم المصريين للاعتذار للرجل، وبعد منع القنوات من التغطية، بدت التغطية الإعلامية للقناة الحصرية ضعيفة ومرتبكة في مذيعات بدون إعداد، وأسئلة مكررة مثل إيه رأيك في المهرجان؟ أو عن كيف استطاعت النجمة جميلة عِوَض إنهاء الفستان في يوم واحد؟ فردت عليها اسألي المصمم؟ أو عملتي إيه عشان توصلي للتكريم؟ فردت هند صبري على المذيعة مش عارفة يا جومانة..

وطبعا نطقوا كل أسماء الأفلام الأجنبية خطأ، وكانت المذيعات منبهرات بالنجوم، حيث قالت إحداهن لحسن الرداد وزوجته إيمي: "أنا سعيدة بالانترفيو ده لأني بحبكم جدا"، ثم النسيان كأن تقول إحداهن لمني زكي عن دورها الكوميدي فتسألها مني أي دور فتصمت المذيعة.. وجاء اختيار الممثل آسر ياسين غير موفق، وأصاب المتابعين بالملل نتيجة بروده وافتقاده للحيوية المطلوبة في هذه المناسبات، حيث يبدو مذيع الأوسكار مثلا أهم من أي نجم في الصالة، نتيجة خفة ظله وسرعة بديهته وقدرته على جعل المشاهدين في حالة اندهاش وترقب..

ثم كان التخبط في استبعاد أي مطرب مصري وهم كثر، والاستعانة بأصالة السورية التي وقفت تشدو وهي غير مستعدة حتى بحفظ كلمات الأغنية، ولم يجد المهتمون والمتابعون للسينما سوي نميمة أسوأ فستان لرزان، ولون فستان إيناس الدغيدي غير الملائم لبشرتها، الحمالات الضيقة لفظتان هند صبري والثعبان المعدني لفظ بشرى، وفستان الخروج العادي لدنيا عبد العزيز، وفستان آيتن عامر الذي أبرز زيادة وزنها!!