«تجريس أديس أبابا».. حكومة إسماعيل تتحرك دوليا لفضح ألاعيب إثيوبيا في ملف السد.. تجهيز ملف كامل لتقديم شكوى أمام المحكمة الدولية.. ومساع دبلوماسية لإلزام الإثيوبيين بتنفيذ بنود «المكتب
>> حملة لطرق أبواب خارجية لتكوين رأي عام عالمي ضد السد.. واللجوء إلى مجلس الأمن ضمن الخيارات المتاحة
مصر هي هبة النيل، ولا يمكن قبول فكرة أن تتنازل عن جزء من حصتها التاريخية في مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويًا، كما أنه من غير المعقول أيضًا أن تقف مصر مكتوفة الأيدي أمام رغبة إثيوبيا في قطع شريان مصر ببناء هذه السد العملاق الذي يستغرق فترة ملء خزانه قرابة الـ6 سنوات.
6 سنوات أيضًا والمفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان جارية منذ عام 2011 وحتى الآن، وأديس أبابا تحاول إضاعة الوقت، والمراوغة لبناء أكبر قدر ممكن من السد –انتهت إثيوبيا من بناء 60% منه حتى الآن- وكانت مصر طوال هذه المدة حريصة على أن يكون التفاوض هو المسار الذي تسلكه للحفاظ على حقوقها التاريخية في مياه النيل، رافضة اللجوء إلى التحكيم الدولي، رغم أن جميع الخبراء على المستوى الأفريقي وكذلك أعضاء اللجنة الثلاثية المشكلة بين الـ3 دول كانوا يرون أن إثيوبيا بلدا يكن عداءً شديدًا لمصر منذ سنوات طويلة، وأنه يريد بهذه المفاوضات أن تنتهي من أكبر قدر ممكن من السد حتى يكون أمرا واقعا حال قرار دولي بوقف بناء السد.
الخطير أن إثيوبيا لا تحتاج لهذه السعة الضخمة لسد النهضة والتي تصل إلى 74 مليار متر مكعب –يساوي تقريبا حصتي دولتي المصب مصر والسودان- ولكن تحركات قطر وإسرائيل في هذا الملف نابعة من رغبة في الإضرار بالأمن القومي المصري والتحريض عن طريق إقامة استثمارات وشراكات ضخمة مع أديس أبابا بالإضافة إلى تمويل بناء السد.
مصادر حكومية رفيعة المستوى قالت إن التفاوض على المستوى الرئاسي بين مصر وإثيوبيا والسودان بشأن أزمة سد النهضة بات هو الخيار الأفضل الآن، قبل اتخاذ إجراءات صعبة، طبقًا لما نص عليه اتفاق إعلان المبادئ، وذلك بعد أن تم الإعلان رسميًا عن فشل المفاوضات في الاجتماع الـ17 لأعضاء اللجنة الثلاثية لسد النهضة الإثيوبى.
وكشفت المصادر أن مجلس الوزراء ناقش الأزمة مع إثيوبيا خلال اجتماعه الأسبوعي الأخير، بعد تقريرين تقدم بهما السفير سامح شكري وزير الخارجية، والدكتور محمد عبد المعطي، وزير الموارد المائية والري، وتم الاتفاق على مجموعة من الإجراءات التصعيدية التي ستتخذها مصر في الفترة المقبلة.
ومن هذه الإجراءات التي تفكر حكومة المهندس شريف إسماعيل في اتخاذها، استغلال حضور كل الوزراء في المحافل الدولية والمؤتمرات للحديث عن الأضرار الجسيمة لسد النهضة على مصر، وفشل المفاوضات مع أديس أبابا بعد سنوات طويلة من الجلوس على مائدة الحوار، وتعاونها مع دول معروفة بعدائها الشديد لمصر، من أجل الإضرار بحقوق الشعب المصري وحصته التاريخية في مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويًا.
كما تعمل الحكومة حاليًا على تجهيز ملف كامل حول قضية سد النهضة تمهيدًا لتقديم شكوى أمام المحكمة الدولية، يتضمن تقرير المكتب الاستشاري الفرنسي حول أضرار بناء السد والحقوق التاريخية لمصر وفقًا للمعاهدات والاتفاقيات الموقعة في هذا الشأن، تمهيدًا لاستصدار قرار بوقف بناء السد لحين التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف ويحقق المصلحة للجميع بدلا من التعنت لأسباب سياسية لدول تدفع أديس أبابا لهذا الصراع.
كما جاء بالاجتماع الذي عقدته الحكومة في هذا الشأن أن يتحرك السفير سامح شكري، وزير الخارجية، ومن بعده المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، لزيارة عدد من البلدان الأوروبية ومخاطبة المجتمع الدولي حول ما يتعلق بخرق إثيوبيا التزاماتها الدولية، الواردة في الاتفاقية وتحفظها على المكتب الاستشارى الفرنسى، فضلا عن التقارير الاستشارية والفنية التي صدرت عن المكاتب واللجان المعنية بتحديد معامل أمان السد.
وكان العقد الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان للتعاقد مع المكتب الاستشاري أنه لا يجوز لأي دولة الاعتراض على نتيجة الدراسات التي يجريها المكتب سواء كانت في صالح مصر أو في صالح إنشاء واستكمال بناء سد النهضة الإثيوبي.
وهناك اتجاه أيضًا أن تلجأ مصر كعضو في مجلس الأمن على الرغم من عدم اختصاصه بالنظر في مثل هذه القضايا الفنية، حتى أن قراراته أو بالتعبير الدقيق توصياته لا تكون ملزمة لأي من الأطراف المتنازعة، ولكن تفكير مصر في اللجوء إلى مجلس الأمن يأتي من رغبة القاهرة في تكوين رأي عام عالمي ضد السد، الذي ثبت بما لا يدع مجالا للشك والدراسات الفنية والبيولوجية أنه يؤثر في حصة مصر التاريخية في مياه النيل بما يؤثر في الأراضي الزراعية والمشروعات التي يتم تنفيذها في مصر.
وأوضحت المصادر أنه على الدبلوماسية الشعبية المصرية أن تتحرك لإقناع السودان بالتخلي عن مؤازرة إثيوبيا رغم أنها أكبر الخاسرين من هذا المشروع الكارثي، إذ أن التقرير الاستهلالي المعد من قبل المكتب الاستشارى الفرنسى «بى. آر. إل» حول العناصر الأساسية بشأن منهجية تنفيذ الدراسات الفنية التي تحدد الآثار السلبية لسد النهضة على دولتى المصب مصر والسودان أكد أن السودان ستغرق تمامًا وتنتهي من الوجود إذا حدث أي انهيار لسد النهضة لاسيما أن منطقة بنائه ذات صخور بركانية.
المصادر ألمحت إلى أن الحديث عن أي تدخل عسكري في هذا الملف سابق لأوانه وإن كان كل شيء وارد في هذا الملف إذا استمر التعنت الإثيوبي، طبقا لما أعلنه مجلس الوزراء المصري، بأن مصر لن تفرط أبدا في حصتها التاريخية من مياه النيل.
وكشفت المصادر عن اجتماعات مكثفة في الفترة المقبلة لعدد من الأجهزة الأمنية العليا المسئولة عن هذا الملف تمهيدًا لرفع تقرير شامل للرئيس عبد الفتاح السيسي لاتخاذ القرار المناسب بما يضمن لمصر حقوقها، ويعمل على وقف وقطع أوصال الدول التي تتحرك للإضرار بمصر في هذا الملف.
"نقلا عن العدد الورقي.."...