مات من يستحقون الحياة !!

"شريف" طفل عمره عشر سنوات كل يوم جمعة يرتدي ثيابه الأبيض ويتعلق بوالده وهو ذاهب للصلاة في مسجد القرية (الروضة مركز بئر العبد بسيناء)، الطفل البريء كان فرحا وهو بصحبة والده ولقاء أصدقائه من أطفال القرية في مسجدها أسبوعيا. هذا المشهد كان يتكرر ذهابا وعودة، ولكنه بالأمس كان ذهابا بلا عودة، لأن يد الإرهاب المجرمة اغتالت براءة الطفل الصغير هو وأكثر من 235 نفسا بريئة كانوا يؤدون فرض الله في بيته، أي دين ينتمون إليه هؤلاء بل أي بشرية تلك ينتمون إليها.

في الوقت الذي كان هؤلاء الإرهابيون الكفرة الفجرة يمسكون بمدافعهم ويقتلون الأبرياء العُزل بدم بارد كانت طائرة شركة مصر للطيران تقل على متنها د. سمير تكلا، المواطن المصري القبطي المقيم في لندن ومعه وفد من أعضاء مجلس العموم البريطاني جاء بهم للقاهرة لبحث عودة السياحة الإنجليزية إلى مصر، وآفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين، ناس يسعون إلى الحياة وآخرون يريدون لنا الموت، تقابلت مع د. تكلا، وأعضاء الوفد البرلماني الإنجليزي، في وقت متأخر مساء أمس، بعد وصولهم، وعلى قدر سعادتهم بزيارة مصر على قدر حزنهم بسبب هذا الحادث الإجرامي.

مصر كلها قضت ليلة حزينة ومن أسوأ أيامها فالحزن خيم على كل منزل، فالشياطين لم يعجبهم الجهود التي تبذلها الدولة في كل المجالات سواء على المسار الاقتصادي والمشروعات التنموية التي تشهدها البلاد، أو على المسار السياسي، حيث تستعيد مصر ريادتها في المنطقة، والتي أثمرت عن جهود المصالحة الفلسطينية والسودانية وتجميع الفرقاء وأيضا الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في سوريا واليمن والعراق واستقرار لبنان، وجمع شمل الأمة العربية، كل هذا أغضب أعداء الله وسعوا إلى إفساد فرحتنا بجريمتهم البشعة، فقد باعوا أنفسهم للشيطان وارتضوا أن يكونوا عملاء مرتزقة لصالح دول لا تتمنى لنا الخير والاستقرار.

مات من يستحقون الحياة على يد من يستحقون الموت، ولكن أبدا لن ينالوا منا وسوف تظل مصر شامخة.. جريمة العريش أمس هي الأكبر في تاريخ مصر وأيضا تاريخ البشرية من حيث عدد الشهداء في بيت من بيوت الله على مواطنين مسالمين خرجوا من منازلهم لتلبية نداء الله وأداء الصلاة.

رصاص الإرهاب الغادر في هذه الجريمة الخسيسة قتل وأصاب أطفال أبرياء كل الضحايا أبرياء" بأي ذنبِ قتلوا"، كلنا معرضون لأن نكون مثلهم، كلنا مستهدفون من هؤلاء المجرمين الذين لا يفرقون بين مدني وعسكري أو مسلم ومسيحي أو رجل وسيدة أو طفل وشاب.

هذه الجماعات الإرهابية لا تمت إلى الدين بأي صلة، ولا حتى إلى الإنسانية، هؤلاء خونة مأجورون ومرتزقة لا يراعون حرمة الإنسان والمكان والزمان، يفسدون في الأرض ويجب اجتثاثهم من عليها بلا شفقة أو رحمة، فجريمتهم البشعة لم تكن في قرية "الروضة" الطيب أهلها بل كانت في مصر كلها هؤلاء عار على الدين والإنسانية. الإرهابيون الكفرة لا دين لهم ولا وطن، هم في مرتبة أدنى من الحيوانات هم مجردون من الإنسانية والضمير وليس لهم أي حقوق بشرية.

الشعب المصري (مسلمين ومسيحيين) أكد أنه عظيم وظهر جليا في إدانته السريعة لهذا الحادث المجرم ووقوفه خلف قيادته وتعاطفه مع ضحاياه ومطالبته بالقصاص من القتلة المجرمين الخائنين لبلدهم ولله ورسوله، كل كلمات الحزن والرثاء لن تخفف من وطأة هذا الجرم والنار المشتعلة في قلوب أهالي الضحايا وحسرتهم على ذويهم الذي فقدوا حياتهم في عمل جبان خسيس، وعلى يد الكفرة الفجرة وبدون أي ذنب، وهم عُزل ذاهبون إلى بيت الله، هؤلاء الكفرة يسعون إلى إحباطنا وإيقاف مسيرة تقدمنا واستقرارنا، ولكن أبدا لن ينالوا ما يريدون بفضل تماسك هذا الشعب العظيم وقواته المسلحة وشرطته وقيادته الوطنية.

نحن كمواطنين مطالبون بالوقوف صفًا واحدًا صامدًا داعمًا للدولة في حربها ضد الاٍرهاب عدو المجتمع كله واستقراره وسلامته، وهزيمة الاٍرهاب ضرورة وطنية، فلنقف نحن المواطنون بكافة مؤسساتنا المدنية والدينية بكل الحزم وقوة مع القوات المسلحة ومع الشرطة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ مصر.

اللهم ارحم الشهداء وثبت قلوب أسرهم واشفي المصابين واحفظ مصر يا رب العالمين ولتحيا مصر رغم حقد الإرهابيين الكفرة المجرمين.